سيطرت أجواء التحركات الأخيرة للدكتور محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن دعوته لتغيير الدستور وإمكانية ترشحه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، على فعاليات المؤتمر السابع للإصلاح العربى، الذى ينظمه منتدى الإصلاح العربى بمكتبة الإسكندرية. وطرح أحد المشاركين خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أمس، الذى يعقد هذا العام تحت عنوان: «عالم يتشكل من جديد.. أين دور العرب»، تساؤلا حول الموقف من ترشيح البرادعى. حضر افتتاح المؤتمر نحو 500 شخص يمثلون أكثر من 18 دولة عربية وأجنبية، وترأس الجلسة الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، بمشاركة الدكتور حسام بدراوى، عضو أمانة السياسات بالحزب الوطنى، والدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس حزب الجبهة الديمقراطية. وردا على السؤال بخصوص المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية، قال سراج الدين: جاءنى سؤال من باحث حول ترشيح البرادعى، ونحن لا نتحدث عن الأوضاع السياسية الداخلية فى مصر بشكل خاص، وإنما نتحدث بصورة عامة عن المنطقة العربية. ورفع مدير مكتبة الإسكندرية حرج الإجابة عن الموجودين معه فى المنصة، منوها بأن «دكتور حرب مؤسس لحزب معارض، والدكتور بدراوى عضو بالحزب الوطنى الحاكم، وسأتولى بنفسى مهمة الرد على هذا السؤال». وقال إن «اتساع هامش الحرية فى مصر وحرية المشاركة، نراه فى عدد من الظواهر، منها زيادة مساحة الحرية من خلال الصحف المختلفة، والتى تتطرح تساؤلات حول إمكانية ترشح الأستاذ جمال مبارك، وهل هو مرشح للرئاسة أم لا؟ فضلا عن حديثها عن كون هذا الترشح توريثا أم لا؟»، معتبرا أن كل هذا يثير حالة من المشاركة السياسية. وأضاف سراج الدين: «البرادعى يتحدث عن الإصلاحات التى يراها ضرورة بالنسبة له فى البلد، وإحداث التغيير فى النهاية يجب أن يكون عبر تجربة ديمقراطية»، محذرا من أن التغيير الذى يتم من خلال انقلاب عكسرى أو ثورة دموية تكون نتائجه أسوأ، مشددا فى الوقت نفسه على أهمية إحداث التغيير، و«لكن بشرط الالتزام بالقانون، وتلك هى مشكلة مصر خلال العامين المقبلين». وتابع: ليس لدينا خطوط حمراء أو صفراء داخل مكتبة الاسكندرية، وأجبت عن هذا التساؤل لرفع الحرج عن المشاركين بالرد على هذا الموضوع، ويمكن أن نتحدث عنه ونحن نتناول العشاء. فى سياق آخر انتقد مدير مكتبة الإسكندرية، وضع المرأة فى العالم العربى ومصر، وقال: مازلنا نرى فى مؤسسات قضائية أن هناك أناساً يتساءلون عن دور المرأة فى القضاء. وشدد على أهمية فكرة الأمن، مشيرا إلى أن نابليون بونابرت قال إن أكثر شىء استغربه فى حياته هو أن القوة لا تحقق شيئا وأن العقل دائما يهزم السيف، وتابع حديثه: «ياريت القائمين على السيوف اليوم يتعلمون من هذا الدرس». وانتقد سراج الدين الجامعة العربية، معتبرا أنها عبارة عن مجموعة من الدول داخل الجامعة، مشيرا إلى وجود اختلافات كثيرة بين هذه الدول. وقال: لم ننجح أن تكون لدينا سوق عربية مشتركة، فى حين أن الاتحاد الأوروبى، الذى أسس بعد الجامعة بنحو 13 عاما، نجح فى تعميم عملة موحدة، ورفع الحدود بين الدول، والآن يتحدثون عن مؤسسة دستورية تضع قواعد قانونية وتشريعية موحدة لجميع الدول الأوروبية. من جانبه، أكد الدكتور حسام بدراوى، عضو أمانة السياسات بالحزب الوطنى، عضو مجلس الشورى، أن إمكانية تداول السلطة هى الإطار الرئيسى لتغيير المجتمعات العربية، منوها بأن «استدامة السلطة دون مساءلة يخلف دوائر فساد مختلفة كما يقول التاريخ». وقال بدراوى: «لا يمكن أن يحكم أحد وهو يعلم أنه باق للأبد»، موضحا أن الناس لن تقوم بالتغيير إلا لو لديها أمل فى إمكانية تداول السلطة فى إطار من الشرعية، وأن تكون الحكومة خادمة للشعب، وليست سيدة عليه، مؤكدا أن العالم العربى أخذ أسوأ ما فى الديمقراطية والديكتاتورية. وشدد بدراوى على أن نفس الأفكار تتكرر سنويا فى المنطقة العربية منذ أكثر من 30 عاما، وأنه إذا لم يحدث تطبيق فسيكون «كلاما وهميا». وعلق الدكتور أسامة الغزالى حرب، على ما طرحه بدراوى بقوله: هذا «الكلام من قيادى بارز فى الحزب الوطنى»، وعقب بداروى: «أنا راجل واضح وما أقوله بداخل الحزب أقوله خارجه». وشهدت الجلسة جدلا بين بدراوى وحرب وسراج الدين، حول الارتباط الإيجابى بين الديمقراطية والتنمية، حيث أكد حرب أنه لا تنمية بدون ديمقراطية، ورد سراج الدين وقال إن هذه المقولة خاطئة علميا بدليل ارتفاع النمو فى الصين وكوريا رغم تراجع الديمقراطية فى البلدين. وأيد بدراوى كلام سراج الدين قائلاً: هناك دول كثيرة لا تمارس الديمقراطية ومع ذلك فإن معدل النمو بها كبير.