في كتابه "الارض في الميزان " كتب آل جور نائب الرئيس الامريكي يقول: إن علي الصحفيين أن يقللوا من اهمية اي نتائج تشير إلي تحسن بيئي لان الاخبار الطيبة قد تخفف من احساس الجماهير بالقلق وقال ايضا: إن العلماء المعارضين فكرة المصير المشؤوم الذي ينتظرنا اناس لا اخلاق لهم وينبغي تجاهلهم لكن ماذا عن قضية المطر الحمضي التي تشغل بال العلماء حاليا؟! هل نتشاءم ام نتفاءل بها؟! وما هي دلالة المطر الحمضي؟! قضية المطر الحمضي : بلغت قضية المطر الحمضي مسامع الجماهير في نهاية الستينيات، حيث عرف انها القدر الرهيب المشؤوم! أكد البيئيون أن الحمض في قطرت المطر سيؤدي إلي " ربيع صامت جديد " كالربيع الذي حذرت منه راشيل كارسون عام 1962 وتوقعو اانه بحلول عام 1990 ستكون الغابات وقد قتلت وطيورها، وستكون البرك الحامضة وقد انتشرت في كل مكان، وماتت أسماكها... ستصبح حموضة مياه البرك، حتي في البرية، مائة ضعف حموضتها قبل العصر الصناعي !. والواقع أن مشكلة المطر الحمضي بحسب دعاة وحماة البيئة وعلي رأسهم العالم الراحل الدكتور أحمد مستجير.. شأنها شأن كل المشاكل البيئية التي تثار حالياً.. مشكلة حقيقية، لكنها أبدا ليست بمثل الخطورة التي ادعيت، ثم إن علاجاتها ميسورة، بل لقد طبق البعض منها فعلاً، وبتكاليف معقولة، وآتي اكله، قضية المطر الحمضي هذه تعتبر مثالاً لما يمكن أن تخدم فيه الواقعية الإيكولوجية، الطبيعي أن يكون المطر حمضياً !. هذه حقيقة لا تسمعها أبدا من " حماة البيئة " المتشائمين عند الحديث عن " كارثة " المطر الحمضي، فالكربون موجود بالطبيعة، ويدور بالغلاف الجوي للأرض بملايين الأطنان، وهو مكون طبيعي موجود مع الرطوبة في الجو حامضاً هو حامض الكربونيك الذي يسقط مع المطر. قد يكون المطر فوق الصحاري قلوياً بعض الشيء لأن غبار الصحاري يحتوي علي معادن تعادل الحمض، لكن معظم المطر الطبيعي حامض قليلاً، والمعتقد أن معظم المطر قبل العصر الصناعي كان في مثل حموضة فنجان الشاي، تقذف البراكين إلي الجو أيضاً بغاز ثاني أكسيد الكبريت ومركبات النيتروجين لتكون مع رطوبة الهواء حمض الكبريتيك وحمض النيتريك، ولما كان المطر الخفيف الحموضة يسقط علي العالم من زمان بعيد، فالمتوقع أن تكون الكائنات الحية قد تعلمت أن تقاومه، ليس من قبيل الصدفة إذن أن نجد الغلاف الخارجي لمعظم الكائنات مكوناً من خلايا تتحمله، فهو لا يضر جلد معظم الحيوانات ولا أسطح معظم النباتات، والحق أن الكثير من النباتات يستغل هذه الحموضة الخفيفة، فثمة نباتات وأشجار تحب الحموضة وتستخدمه كسماد، الفلاحون مثلا ينصحون بنثر تفل البن حول نباتات الأزاليا ليرفع الحموضة فتسرع النباتات من ازدهارها. لكن استعداد البيئة لتلقي المطر الحمضي الخفيف لا يعني بالطبع إن إضافة الكثير من الأحماض ستكون فكرة طيبة، فسوائل معدتك حامضة لكنك إذ رفعت حموضتها وقعت في مشكلة ! ماذا تقول الواقعية البيئية؟ من خلال أسلوب الواقعية البيئية نستطيع أن نميز الحقيقي في الادعاءات من المهول. حيث يقول العلماء والخبراء أن السحابات الحمضية لا تؤذي إلا إذا اسقطت أمطاراً فوق سطح الأرض، والكثير من مثل هذه السحب بالولاياتالمتحدة لا يمطر إلا فوق الأطلنطي بعد أن تدفع به الرياح إلي هناك، حيث لا تؤذي، حيث تحففها مياه المحيط سريعاً، لكن قمم الجبال التي تتداخل مع السحب قد تتعرض للحموضة دون مطر. مثلا قمم جبال بلو زيدج تقع داخل السحب، ولذا فالمتوقع أن يكون الأذي من المطر الحمضي، او السحاب الحمضي، عليها أعلي، وهذا بالفعل ما وجده برنامج ناباب. تقرير الناباب: حيث قام برنامج ناباب وكانت مدته عشر سنوات وميزانيته 540 مليون دولار بجمع عينات من 7000 بحيرة ومئات من الغابات وأعلنت البرنامج سنة 1991 أنه لم يجد شواهد تدل علي تدهور عام أو غير طبيعي بغابات الولاياتالمتحدة أو كندا بسبب المطر الحمضي، والحقيقة أن هذه النتائج قد أثارت الارتباك في مجتمع البيئيين، ونبهت البعض منهم إلي أن الكثير جداً من تنبؤاتهم ترتكز علي أنماط الكمبيوتر، لا علي دراسة عملية بالعالم الواقعي. كناريا المناجم ! لكن هذا لا يعني بالطبع ألا يثير المطر الحمضي فينا الانزعاج علينا أن نعتبره " كناريا المناجم " كما يقول الدكتور احمد مستجير. ففي الأزمنة السابقة كان العاملون بالمناجم يضعون بها أقفاصاً تحمل عدداً من طيور الكناريا، فهذه الطيور حساسة لنقص الأكسجين في الهواء ولزيادة غاز أول أكسيد الكربون وغاز الميثان، وموتها الفجائي يعني ضرورة إخلاء المنجم من العمال علي الفور. ولعلنا نستعير هذه العبارات من الدكتور احمد مستجير حول خطورة المطر الحمضي علي البيئة بقوله:"ربما كانت هذه النسبة المحدودة من الغابات والبحيرات التي ماتت هي مجرد تحذير كناري ، صحيح أن البيئيين يستعملون هذا القياس التمثيلي كثيراً حتي عندما تكون الشواهد مهدئة، لكنه في حالة المطر الحمضي جدير بألا نتجاهله. الجدير بالذكر انه في عام 1970 صدر قانون لنظافة الهواء بالولاياتالمتحدة، ثم أضيفت إليه مواد أخري جعلته أكثر صرامة في عامي 1977 و1990، وهذا القانون يكلف الدولة نحو 50 بليون دولار سنوياً، وهو يختص بضبط المطر الحمضي، وافريونات ( الكلورفلوروكربونات )، والعوادم السامة من العربات الخاصة وسيارات النقل والأتوبيسات والمصانع ومحطات القوي والكاتب، وحتي المخابز.