"لدينا جنية وصياد، أما الجنية فهي الشعر، أما الصياد فهو شاعرنا الكبير سيد حجاب، وفي الواقع أن الجنية هي التي اصطادته، ولم يستطع هو أن يصيدها، وقد ربي أجيالا من الشعراء، وعندما نقرأ إشاراته الفرعونية نقول إنه سليل الفلاح الفصيح، وعندما نقرأ ديوانه "قبل الطوفان" نقول إنه شاعر ثوري، وعندما نقرأ فكره الفلسفي نقول انه سليل افلاطون، وعندما نقرأ له مضمونه الواضح نقول إنه سليل مدرسة "أن الكلمة رصاصة". بهذه الكلمات الجامعة تحدث الشاعر حلمي سالم في الاحتفالية التي أقامتها مجلة "أدب ونقد" بالتعاون مع اللجنة الثقافية لحزب التجمع، لتكريم الشاعر سيد حجاب بمناسبة بلوغه سن السبعين، وحضرها حشد كبير من الجمهور والمثقفين، وغاب عنها الفنان صلاح السعدني الذي تم الإعلان عن حضوره منذ فترة. وتحدث الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع فقال: الشعر سيد الكلمات وسيد حجاب سيد الشعر والشعر كاشف، وكل فروع الفن ليست أمة واحدة وإنما أمتان، أمة تعطي وأمة تأخذ، والشعر نوعان نوع كزهور البلاستيك ما أن تمسكها حتي تشعر أنها مصطنعة، وشعر حقيقي، وسيد حجاب ينبت الورود في حديقة الوطن ويرويها بعرق الفقراء، ويمتشقها لكي يلونها بدماء الشهداء يغرسها في صدره توجعه كما يوجع الفقر الفقراء فيبكي شعرا، ونحن نبكي لأن فينا رضيعا عاري الصدر وهو يقول الشعر باسم الوطن وينطق من أجل الوطن، ويأتي العيد السبعين لسيد حجاب في زمن صعب وشاق، ساد فيه طوفان التأسلم، ولا مخرج للوطن منه إلا بنا نحن المثقفين، فاذا سكتنا فمن ينقذ الوطن، ولا أمل للوطن إلا عندما نتوحد جميعا في ساحة تدعو للعقل والعلم والمعرفة. وقال الدكتور عبد المنعم تليمة في كلمته: لقد عبر سيد حجاب في أشعاره عن الوجدان المصري الجارف والنابع من عمق الوجع المصري الطويل وهو عاشق للحياة بحس الشاعر، والكلمة عنده مرادف للحياة وقد تجنب سيد حجاب الوقوع في شرك الثنائية التعسة بين الفصحي والعامية وهو من جيل المؤهلات الحضارية والأصول المعرفية وقد أهداني ديوانه الأول "صياد وجنية" عام 1966 وقد اصطحبته معي في السجن عندما اعتقلنا الرئيس السادات في اعتقالات سبتمبر الشهيرة، ولكني خرجت بدون الديوان حيث تم مصادرته، وهو ما كان أجمل شهادة في حق الديوان. وتحدث الدكتور صلاح السروي قائلا: سؤال العامية مطروح منذ زمن بعيد واللغة العربية تمتاز بمستويين الأول رسمي والثاني يومي وارتجالي، لكن الجذور اللغوية والاشتقاقات لا تكاد تنتقص من قدر العامية المصرية وهي ضاربة في الجذور تصل الي زمن الفاطميين، وسيد حجاب كان وفيا للتراث من حيث التعشيق والتضفير بين العامية والفصحي ليس فقط لانتاج الدلالة وإنما لخلق الذوق الراقي وهو شاعر غنائي وميال للحكمة في نفس الوقت وقد طور الموروثات البالغة الخصوصية لكي يطرح من خلالها قضايا عصرية وينتج قيم جمالية وشاعرية. وتحدث الكاتبة المسرحية فتحية العسال فقالت: سيد حجاب ليس عمره سبعون عاما، وإنما عمره ثلاثون سنة 1700 عام، نحن نقرأ الوطن من خلال أشعاره وتتغني الناس بتترات مسلسلاته في الشارع، وعقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل انقسم المثقفون بين مؤيد ومعارض لكن سيد حجاب حسم الأمر فقال: خايف لو فقت ليلة النصر / ألاقينا كسبنا سينا / بس خسرنا مصر. وتحدث الناقد عزازي علي عزازي فقال: سيد حجاب شاعر فصيح حسن الشعرية قامته تطال قامات الشعراء اصحاب التجارب الكبري وهو أمين علي القارئ وصادق في التعبير عن نفسه ووعيه ومشروعه الإبداعي والفلسفي والسياسي في علاقته بالمتلقي، نشأ في بيئة ساحلية غنية بتراثها علي بحيرة المنزلة، وتعلم اصطياد المعاني، تعلم في الاسكندرية اصطياد لآليء المعرفة كبوتقة تفاعلت فيها كل الثقافات والفلسفات، وعندما رحل إلي القاهرة صدمته مركزية القاهرة القاصمة، ولكنه انتقدها وحاول استيعابها وسار مشروعه الإبداعي والسياسي جنبا إلي جنب ولقب ب"لوركا الجديد" فهو شاعر غير متواطيء لم ينفصل عن المتلقي وصاحب نص غني، ولا يستطيع ناقد كسول أن يقتحمه. وتحدث الشاعر محمود الشاذلي فقال : ان سيد حجاب شاعر البسطاء ويحرص علي ايصال كلامه مغني ، لأنه شاعر غنائي في المقام الأول ، فعاميته شديدة الفصاحة مما جعل الشعب العربي يتغني بكل أعماله . اما الشاعر محمود الحلواني فقال : هناك الكثير من ظلال مدرسة الرواد ( فؤاد حداد ، وصلاح جاهين ) من خلال اللغة والانفعال والكثافة والنسيج اللغوي وكل كلمة هي قافية في السطر الشعري وانجز علي مستوي الشعر المصري الاغنية الدرامية ( التتر ) التي تقرأ وحدها دون الارتباط بالمادة الدرامية. وفي النهاية علق سيد حجاب علي هذه الشهادات قائلا: لقد بكيت طويلا في داخلي من هذه المحبة الغامرة، ووجه الشكر إلي كل من حضر، ثم قرأ مجموعة من قصائده أمام الجمهور، قبل أن يسلمه الدكتور رفعت السعيد درع حزب التجمع.