هموم الصحافة في دول حوض النيل مشتركة مع الفارق الذي يعود لطبيعة النظم السياسية واللغة الحاكمة في كل بلد لكن ممثلي صحافة حوض النيل طرحوا بكل صراحة مشكلاتهم وما توصلوا إليه من إنجازات في اتجاه ديمقراطية الإعلام خلال الحلقة النقاشية التي نظمها المركز الإقليمي للتدريب بالمجلس الأعلي للصحافة وسط مقترحات تدعيم العلاقات في مقدمتها إنشاء اتحاد صحفيي دول حوض النيل وموقع الكتروني يمكن صحفيي حوض النيل من طرح الآراء حول القضايا المشتركة وإمداد المركز بجميع المعلومات عن تجارب كل بلد وما اتخذته من خطوات علي طريقة إصلاح أوضاع الصحافة وتبادل الخبرات لتحقيق مزيد من الأهداف المشتركة. الحلقة حضرها رؤساء تحرير عدد من الصحف المصرية إلي جانب رؤساء تحرير عدد من صحف دول حوض النيل وأدارها الدكتور فاروق أبو زيد رئيس لجنة الممارسات الصحفية بحضور الدكتور خالد بكير رئيس المركز ولنترك المجال للأفارقة لعرض تجاربهم وإشكالياتهم. ميني رال وزير إعلام دولة بروندي قال إن الصحافة في بلده فتية خاصة أن بروندي اجتازت مراحل الاضطرابات والحرب إلي مرحلة المملكة ثم تتجه الآن إلي النظام الديمقراطي مضيفاً: ندعم حرية الصحافة. والمسئولون يصابون بالدوار مما نفعله. مستطرداً: من الناحية التقنية تواجه الصحافة مشكلات كثيرة نعمل علي التصدي لها ولا توجد حرية في تداول المعلومات، فالصحفيون مساكين يسعون دون كلل للحصول علي المعلومات ولابد من حل هذه المشكلة.. داعياً الحضور إلي تقديم نماذج من تجاربهم في هذا الشأن مضيفاً نعلم أن الحصول علي الديمقراطية لن يأتي دفعة واحدة بل هي نتاج خبرات تراكمية مستطرداً قوانين الصحافة تتطلب تعديلاً، فالحقوق لا تؤخذ بسهولة لكن في المقابل لابد من الحفاظ علي مصالح الآخر وليس بالضرورة أن تكون السلطة لكن الأفراد العاديين مطالباً بتشريعات موحدة للصحافة تسترشد بها الدول مطالباً بأن يكون الانطلاق من مصر مشيداً بمركز التدريب معتبراً أنه خطوة مهمة لتواصل الخبرات. فيما رأي باتريك- صحفي من الكونغو الديمقراطية- أن الصحافة في بلده شهدت إصلاحات لافتاً إلي أن بالكونغو وزيراً للإعلام وجهاز السلطة العليا لوسائط الإعلام ونقابة الصحفيين وجمعية الدفاع عن الصحفيين المعرضين للخطر، والوزير لا تدخل له في شئون الصحفيين بينما تعمل السلطة العليا كهيئة مستقلة فيما تعمل النقابة علي تحقيق توازن بين الصحفيين والدولة فلا تسمح للدولة بأن يكون لديها المطرقة التي تضرب الصحفيين كما أن الجمعية تدافع عن الصحفي الذي يتعرض لمحاكمة أو أزمة. وأضاف باتريك لدينا 50 قناة للإذاعة والتليفزيون و100 صحيفة يومية منها ما يدافع عن الدولة ومنها ما ينتقد الحكومة والدولة تقدم إعانات للصحفيين، حتي يعيشوا في مستوي لائق يسهل لهم أداء عملهم علي الوجه الأكمل تصل لمليون دولار سنوياً لمجلس الصحفيين في صورة دعم تكنولوجي وخلافه. واستطرد باتريك: لدينا حرية في الحصول علي المعلومات بشكل عام لكن لا تتوافر هذه المعلومات فيما يتعلق بالشأن السياسي لأن الصحفي يعاني أكثر من الصحفي التليفزيوني فلابد لكي تحصل علي صورة من ترخيص وهذا الترخيص يمر بمراحل فبعد الحصول عليه يكون الخبر فقد أهميته خاصة وأن الإعلام يحكمه عامل السرعة فيما لا يسمح للصحفي الأجنبي بالعمل دون الحصول علي ترخيص من وزير الداخلية وحال رغبة الصحفي الأجنبي في النشر في الصحافة المحلية يستوجب ذلك حصوله محلي موافقة وزير الإعلام. ووجه باتريك سؤالاً إلي د. فاروق هل تملك الصحافة المصرية أن تنتقل الرئيس مبارك والحكومة وهل مازال لديكم حبس في قضايا النشر؟ أبو زيد أجاب بأن هناك 9 معايير عالمية لقياس مدي حرية الإعلام وديمقراطية منها حق انتقاد رئيس الدولة مضيفاً وهذا موجود في مصر، فالكثير من الجرائد القومية بها من ينقدون الحكومة بما يفوق كتاب الصحف المعارضة والخاصة كما أن حق نقد الرئيس مكفول وبعض الصحف تجاوزت النقد إلي الإساءة وحالة وحيدة رئيس تحرير صحيفة خاصة مثل أمام القضاء بتهمة نشر أخبار كاذبة عن صحة الرئيس وانتهت بالحكم بالحبس شهرين إلا أن الرئيس أصدر عفواً رئاسياً عنه. وأضاف أبو زيد: تم تعديل تشريعي لإلغاء عقوبات الحبس في قضايا النشر وتبقي منها القليل منه ما يتطلب تعديلاً ومنه مما لا يمكن الغاء الحبس فيه مثل الطعن في الشرف والأعراض من خلال النشر لأن المجتمع محافظ ويرفض السماح بذلك ولو لم توقع عقوبة رادعة سيلجأ المواطن لأن يأخذ حقه بذراعه مضيفاً: لا أعتقد أن المجتمع سيوافق علي الغاء الحبس في مادة الطعن في الأعراض ولو بعد مائة عام. حمزة كاستكم مدير مجموعة الإعلام الأفريقي بتنزانيا انتقد ضعف اهتمام الصحافة المصرية بدول حوض النيل داعياً لزيارات ميدانية مشيداً بحسن الضيافة في مصر مطالباً بأن يفعل اقتراح أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري بإنشاء اتحاد لصحفيي دول حوض النيل مستطرداً: واقترح أن يكون مقره القاهرة تحت رعاية المركز. وذكر حمزة أن الصحافة في بلاده تتمتع بنطاق واسع من الحرية يصل مداها إلي حق انتقاد رئيس الدولة والحكومة لافتاً إلي أن هناك من يمارس المهنة بدون رخصة من اتحاد الصحفيين التنزاني مستنداً إلي كارنيه الصحيفة التي يعمل بها مشيراً في تصريحات لروزاليوسف أن المشكلة تكمن في المتشددين وأنصار التعصب الديني والقبلي لأنهم هم فتيل اشعال الصراعات خاصة لتحقيق أهداف سياسية في أوقات الانتخابات بما ينعكس سلباً في أوقات التوتر علي أوضاع الصحافة مضيفاً: علي المركز أن ينشئ بنك معلومات عن أوضاع الصحافة في أفريقيا للنهوض بالإعلام الأفريقي. وشدد شياكا كانوما ممثل رواندا علي ضرورة إقامة إعلام موحد يلتزم بالمعايير ذاتها دون تفرقة بين إعلام عربي أو غربي أو أفريقي وذلك يتطلب العمل علي الارتقاء بمستوي الإعلاميين مهنياً وتدريبهم وتسهيل امتلاكهم للتكنولوجيا الحديثة وأساليب التعامل معها مقترحاً أن يتم ذلك من خلال تبادل بعثات التدريب ومساعدة الصحف علي أن يكون لها مراسلون في مختلف البلدان بحيث لا تعتمد علي وكالات الأنباء مضيفاً لابد من التواصل المباشر بجميع الوسائل. روروكانا آن ممثل بروندي كشف عن تحول جمعية الاتحاد البروندي للصحفيين إلي نقابة منذ شهرين فقط لافتاً إلي أن بلاده بها جمعيات للصحفيات ومراكز للدفاع عن حقوق الصحفيين لكن قوانين الصحافة أشد صرامة من قوانين الجنايات التي تعاقب المجرمين إلي جانب العديد من المشكلات التي تواجه الصحافة البروندية منها غياب حرية تداول المعلومات وضعف التمويل لتأهيل الصحيفة لافتاً إلي أن منظمة اليونسكو ساهمت في تدريب عدد من الصحفيين. عادل الباز رئيس تحرير صحيفة الأحداث السودانية كان الأكثر حدة في نقده للأوضاع فرأي أنه لا توجد صحافة في دول حوض النيل إنما تسمي صحافة مجازاً مبرراً رأيه بأن تلك الصحف لا تملك بنية تحتية مؤسسية من قوانين تشريعية ومطابع ووسائل تكنولوجيا الاتصال ومن ثم لا يمكن أن يتحدث المركز عن تدريب صحفيين يعملون بصحافة لا تملك بنية أساسية محولاً النقد إلي الصحافة المصرية التي قال إنها ليس لها مكاتب في السودان تلك البؤرة المشتعلة بالأحداث والتي تسير بالدولة علي ألغام قابلة للانفجار في حين تعتمد الصحف علي وكالات الأنباء الأجنبية ولا تملك الصحافة المصرية محررين اكفاء متخصصين في الشأن السوداني. وهو ما اعترض عليه محمد بركات رئيس تحرير جريدة الأخبار لافتاً إلي أن الصحف المصرية بها أقسام للشئون الأفريقية تتابع يومياً أحداث القارة وعلي درجة من الكفاءة مضيفاً علي العموم نقد الأستاذ عادل مقبول لأن السودان وأفريقيا يتطلبان اهتماماً أوسع من الصحافة المصرية فيما أشار عبد الله حسن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط إلي أن الوكالة لها مراسل مقيم بالسودان مذكراً الباز باسمه فأكد الباز أنه يعرفه جيداً لكنه يتحدث عن مكاتب للصحف وليس مجرد مراسل. ونوه رمضان عبد القادر رئيس تحرير الجازيت المصرية إلي أن المشكلة الحقيقية في الاعتماد علي الوكالات الأجنبية والتي لا تنشر في الأغلب الأعم سوي السلبيات التي لا تعبر عن حقيقة الواقع الأفريقي. وقالت فريدة النقاش رئيس تحرير الأهالي أن الصحافة المصرية تشهد هامش حرية غير مسبوق لا يمكن انكاره. لكن في ذات الوقت مازال قانون سلطة الصحافة به العديد من القيود التي تتطلب إزالتها داعية الصحافة الأفريقية إلي التعاون لمساندة حقوق الشعوب في حياة أفضل. فيما دعا الدكتور عبد العاطي محمد رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي إلي اتخاذ إجراءات فعلية بأن يتم إنشاء موقع الكتروني يتبادل من خلاله الصحفيون الأفارقة الآراء حول القضايا المشتركة وخاصة دول حوض النيل.