كتبت بالأمس بعض الملاحظات علي ما جاء بمقال عبدالوهاب عدس يوم الخميس الماضي في العدد الأسبوعي بجريدة الجمهورية تحت عنوان "مظاهرات المسيحيين في التحرير.. خطر!"، وذكرت أنني قد تعجبت كثيرا للعديد من الأفكار التي جاءت بالمقال، وأستكمل اليوم الملاحظات، وهي: - "ونكتشف الحقيقة.. بأن هناك متطرفين مسيحيين.. أكثر تشددا وعنفا من أي متطرف مسلم.. وقد كشف هذا التطرف نفسه بنفسه.. سواء داخل الكنيسة أو خارجها".. وهو ليس اكتشافاً بقدر ما هو إقرار واقع ومتغير في المجتمع المصري، وأسأل صاحب المقال: هل التطرف المسيحي قد ظهر منذ سنوات طويلة.. أم أنه حديث النشأة؟، وهل هو فعل تطرف أصيل.. أم جاء رد فعل لتطرف مقابل لبعض الجماعات والتيارات التي ترتدي عباءة الإسلام زورا وبهتانا؟، وأليست الكنيسة المصرية برجالها وأتباعها هم جزء من المجتمع المصري.. بمعني أنها تتأثر بكل ما في المجتمع سواء في التشدد والتطرف أو في الانفتاح والتطور؟ - كما يقول "ولابد أن نعترف بأن بعض القيادات الكنسية.. قامت بدور مؤثر في تغذية وتنمية الشعور لدي المسيحيين بأنهم من المضطهدين.. وربما كان هدفهم الحقيقي هو تقوية الكنيسة.. وبذلك تصبح الكنيسة الملجأ والحصن بدلا من الدولة"، وأعتقد أن "العتاب" هنا علي النظام المصري قبل الكنيسة.. لأنه سمح بأن يحدث ذلك من الأصل.. خاصة أن الكنيسة المصرية هي جزء من هذا النظام وتقع تحت مظلته وقوانينه، أما ما حدث من اختزال المسيحيين في الكنيسة ورجالها.. فهو خطأ سياسي جلل.. يحاول النظام المصري منذ عدة سنوات تداركه وتجاوزه، وهو ما بدأ يظهر في وضوح شكل العلاقة بين الكنيسة والدولة. - كتب عبدالوهاب عدس يقول "أما حكاية نجع حمادي.. فهي رد فعل طبيعي لقضية الشرف.. المعروفة في الصعيد.. فاغتصاب شاب مسيحي طفلة مسلمة في الغيطان.. وعدم تقديمه للمحاكمة.. كان وراء الجريمة.. وهذا عرف معمول به في الصعيد.. والجناة أمام القضاء حاليا.. فلماذا كل هذه الضجة.. ؟ فالقضاء سوف يقول كلمته!" والطريف في الأمر أن جريدة الجمهورية في العدد نفسه الذي نشر فيه المقال.. قد نشرت في الصفحة الثالثة خبرا يقول "تأجيل قضية اغتصاب طفلة أبوتشت لجلسة 24 مارس".. أي أن الشاب المسيحي المصري المتهم قد تم تقديمه للمحاكمة بالفعل، كما أن قواعد جرائم الشرف في الصعيد.. تمنع أن يقوم أحد بأخذ الثأر بالوكالة أو بمقابل مادي، أما تجاهل صاحب المقال ل"بشاعة" جريمة نجع حمادي و"استهانته" بها.. فهو أمر غير مبرر.. خاصة أن الرئيس حسني مبارك قد أدانها في خطابه يوم عيد الشرطة بكلمات حاسمة وحازمة. لقد أزعجني جدا ما ورد في نهاية مقاله "فإن في أيديهم مكاسب أكثر من أي وقت مضي.. وإذا لم ينتبهوا.. فإن الخسارة سوف تكون للجميع مسلمين ومسيحيين"، وهي مفردات طائفية تتعامل مع الوطن علي أنه "مقامرة" بين مسيحيين ومسلمين، وهو يأتي علي النقيض من منطق الحقوق المتساوية بين جميع المصريين أو ما يعرف في الإعلام الآن باسم "المواطنة".