أثناء كتابتي عن الجامعة وأحوال أساتذتها الأسبوع الماضي كنت أتابع تحقيقات الجريدة وحواراتها مع كبار الأساتذة الجامعيين في مصر من كليات وتخصصات وجامعات مختلفة.. وأتابع سلسلة الأستاذ عبد الله كمال رئيس التحرير عن الجامعة التي دعاها (بيت الداء).. ومن خلال تلك التحقيقات والمقالات وجدت أن هناك شبه إجماع علي بعض النقاط التي تمثل الأسباب الرئيسية في مشكلات الجامعة التي أتفق أن فيها الحلول المطلوبة للقيام بمحاولة جادة لإصلاح الجامعة. وأولي تلك النقاط التي اتفق عليها الأساتذة هي ضعف تمويل الجامعات بوجه عام.. أي ضعف التمويل البحثي وتمويل العملية التعليمية ورواتب الأساتذة.. وبالتالي أصبح حجم الإنفاق علي الطالب وطالب الدراسات العليا وعضو هيئة التدريس ضعيفا لا يتفق مع متطلبات التعلم والتعليم والتقدم المطلوب.. وقد تفضل الأساتذة بذكر الأرقام والنسب الخاصة بتمويل التعليم الجامعي في مصر بالنسبة للدول الأخري وتدني تلك النسبة.. كما قام البعض مشكورا بشرح الأسباب التي أدت لهذا ومنها مجانية التعليم الجامعي بالذات وتضخم نسبة المقبولين بالجامعات بدرجة لا تتناسب مع حجم العمالة الفنية والشهادات المتوسطة. فما الحل إذا؟ الحل هو إنقاص عدد المقبولين بالجامعة.. واختيار المتميزين وفق امتحانات عادلة وحقيقية وعلي أساس قياس القدرات العقلية وليس الحفظ، خالية من أي شبهة وساطة أو محسوبية أو غير ذلك.. بحيث يتوافر لدي الجامعة ميزتان: الأولي إعادة توزيع حجم الإنفاق علي عدد أقل من الطلاب وبالتالي ازدياد نسبة الإنفاق لكل طالب.. والثانية توفير مستوي أفضل من التميز والارتفاع بالمستوي الذي صار متدنيا جدا للطالب الجامعي ولن أخوض في هذا الأمر لأن مواجعي تجاهه كبيرة. ومع إنقاص عدد المقبولين وضخ بعض زيادة من التمويل في الجامعة سيبقي النظر إلي حال الأستاذ الجامعي، وهي النقطة الجوهرية والسبب الرئيسي كما يري الأساتذة أنفسهم في مشكلات التعليم الجامعي.. وأعتقد أن علينا أن نواجه أنفسنا بالحقائق.. فأغلب الأساتذة إن لم يكن جميعهم هم في الأصل أناس موهوبون تخرجوا بتفوق في كلياتهم ولذا قامت الجامعة بتعيينهم معيدين فيها.. ولكن تفوقهم ليس كافيا ولا تقوم الجامعة ولا الكلية بدعم هؤلاء الباحثين علي الإطلاق لا ماديا ولا معنويا ولا بحثيا ولا تربويا.. والمطلوب لدعم الباحثين الذين هم معلمون في الوقت ذاته أن تكون لديهم منظومة من أربعة أوجه.. أولا: الدعم البحثي المتمثل في أساتذة يقومون بتعليمهم وإرشادهم، ومكتبات ومعامل وإمكانيات بحثية كافية لاحظ أن الجامعة لا تقوم بمساعدة المعيد ولا المدرس ولا الأستاذ علي اقتناء لاب توب ولا توفر له حتي خدمة الانترنت ذ تصوروا؟ ويعيش كثيرون من الأساتذة الجامعيين ويموتون دون فرصة سفر واحدة للخارج ولو لمدة شهر واحد لحضور مؤتمر أو دراسة متخصصة تخيلوا؟ ثم نطالبهم بسعة الأفق وقبول الآخر ونقل الثقافة للطلاب! أي ثقافة؟ في كل يوم أكتب عن الجامعة أقول لنفسي: سيكون اليوم آخر مقال أكتبه عن الجامعة، وغدا مقال جديد بعيد.. وأكتب فأجد عدد كلمات عمودي انتهت دون أن أنتهي مما أود قوله.. غدا سأذكر ثانيا وثالثا ورابعا وكفي.