في الحادي والثلاثين من مارس المقبل، يحتفل معهد الولاياتالمتحدة للسلام رسميا بصدور كتاب "محاضرات السادات" الذي استغرق الاعداد له أكثر من عام كامل وهو كتاب يضم عشر محاضرات ألقتها شخصيات دولية مرموقة ما بين مصرية وأمريكية واسرائيلية وعالمية ألقي علي كاهلها في ذلك الوقت مسئولية معينة تتعلق بمفهوم السلام في الشرق الأوسط وكيفية الوصول اليه خلال عشر سنوات 1997-2008 ) هي عمر محاضرات السادات من أجل السلام بجامعة ميريلاند الأمريكية. وكشف شبلي تلحمي أستاذ كرسي أنور السادات للسلام والتنمية بجامعة ميريلاند في تصريحات خاصة ل"روزا ليوسف" أن الكتاب سيصدر بالقطع المتوسط في أقل من 150 صفحة ويضم محاضرات الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر وجيمس بيكر وهنري كيسنجر وزيري الخارجية الأمريكيين سابقا وجورج ميتشل الذي ترأس لجنة خاصة عينها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون لبحث سبل وقف العنف بين الاسرائيليين والفلسطينيين وهو الآن مبعوث عملية السلام في الشرق الأوسط وعزرا وايزمان الرئيس الاسرائيلي السابق وكوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة سابقا ونيلسون مانديلا رئيس جنوب افريقيا السابق وماري روبنسون رئيسة أيرلندا السابقة التي ألقوها بالجامعة طوال العشر سنوات الماضية. وأضاف في حديثه أن جيهان السادات كتبت افتتاحية الكتاب في ثلاث صفحات، فيما يشرف هو علي تحرير الكتاب وكتابة مقدمته في نحو 20 صفحة والتي تعتبر تحليلا للمحاضرات العشر ولشرعية السادات ومفهوم القيادة والزعامة لديه، كما يكتب آرون ميللر الدبلوماسي الأمريكي المخضرم وخبير شئون الشرق الأوسط في 15 صفحة توصياته للشكل الذي يجب أن تكون عليه السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة مستقبلا مع تحليل الزعامة الأمريكية في العقد الأخير والوقوف علي نقاط التغيير التي طرأت.. وأخيرا يضم الكتاب قسما خاصا بالأعمال الفنية التي تبنتها الجامعة في اطار مسابقة برنامج الفن من أجل السلام التي دشنتها الجامعة بالتزامن مع محاضرات السادات وهي عبارة عن مسابقة جامعية للفنانين في الرسوم والنحت تعبيرا عن السلام. وقال تلحمي ان افتتاحية الكتاب التي تكتبها السيدة جيهان السادات تتضمن تعريفا بالمحاضرات وعلاقاتها مع المتحدثين وشرحا لمسابقة الفن من أجل السلام التي تنظمها جامعة ميريلاند. وفي معرض حديثه عن شخصية السادات، قال تلحمي ان الخلاف حول السادات وزعامته سيظل مستمرا لأنه شخصية معقدة تكون مجهولة أو غامضة في بعض الأحيان. وأضاف أن السادات أعاد تشكيل السياسة الخارجية المصرية بلا شك وحارب أكثر الحروب العربية نجاحا ضد اسرائيل لكن شرعيته الكبري في الغرب هي توجهه للسلام وأنه دفع ثمن شجاعته واقدامه علي عمل سياسي معين دون أن يكون متهورا أو طائشا، أما شرعيته في مصر والعالم العربي فسيأتي الحكم النهائي التاريخي فيها بمضي الوقت علي ضوء تطورات الصراع العربي الاسرائيلي خاصة أن تأثيره لم يكن يقتصر علي مصر فقط. وأردف قائلا ان صورة السادات كانت ايجابية جدا في بداية التسعينيات عندما وقعت الأردن اتفاقية سلام مع اسرائيل ونظر اليه الكثيرون وقتها علي انه مهد الطريق للسلام بين العرب واسرائيل، مؤكدا أن السادات كان لديه رؤية مبكرة بشأن الشيوعية وأن التاريخ لن يقف بجانب الاتحاد السوفيتي فأطلق سياسة الانفتاح قبل أكثر من عقد علي انهيار السوفيت. ولفت إلي أن وجهة النظر المصرية والغربية تذهب إلي أن السادات كان قائدا جيدا، بينما تراه بعض الدول العربية التي استاءت من السلام المصري مع اسرائيل عكس ذلك. وأوضح أن المصريين ينظرون إلي السادات نظرة أكثر شمولية من الغرب فهم يرونه أكثر من مجرد رئيس حقق لهم السلام بل هو أيضا حقق لهم انتصار حرب 73 بعد رحيل عبد الناصر وأعاد سيناء كما كان يريد سلاما شاملا. ونفي تلحمي أن يكون عبد الناصر رئيسا طائشا وان كان قد ارتكب أخطاء دفعت بمصر نحو الهاوية علي عكس صدام حسين الذي كان متهورا. وحول توقيت صدور الكتاب، أشار تلحمي ذو الأصول الفلسطينية (من عرب 48 لكنه مقيم بالولاياتالمتحدة) إلي أن العقد الماضي شهد أحداثا جساما بدءا بجهود السلام أواخر التسعينيات ومفاوضات كامب ديفيد عام 2000 التي انتهت بالفشل، ثم الانتفاضة الثانية وهجمات سبتمبر والحرب علي الارهاب وحرب العراق وغيرها من الأحداث البارزة التي وقعت في عهد الرئيس جورج بوش الابن، وهو ما يلفت الانتباه إلي ضرورة شرح رؤية هذه الشخصيات الدولية المرموقة التي تنتمي لاتجاهات متعددة (ما بين كيسنجر اليميني وماري روبنسون اليسارية وجيمي كارتر الديمقراطي وجيمس بيكر الجمهوري) لهذه الأحداث ولعملية السلام في الشرق الأوسط. وأوضح أن توجه معهد الولاياتالمتحدة للسلام (وهو مركز بحثي أمريكي مرموق له ثقله الخاص لدي دوائر صنع القرار في واشنطن كونه ممولا من الكونجرس) هو الذي جعله أكثر مركز مناسب لاصدار مثل هذا العمل. وحول أفق عملية السلام في الوقت الحالي، قال تلحمي انه من الصعب التوصل للسلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين بدون وحدة الصف الفلسطيني، قائلا ان حركتي فتح وحماس ليستا تواقين للتوصل للصلح لكن برغم ذلك يجب الاستمرار في عقد المفاوضات لتحقيق بعض التقدم حتي وان لم يتم التوصل لحل نهائي مضيفا ان وقف المفاوضات يزيد الأمر صعوبة. واعتبر أنه حتي في حالة الوحدة الفلسطينية، فان بعض الاشكاليات ستكون مستمرة مثل وضع حماس في الحكومة موضحا ان الكونجرس قد يتدخل لدي الادارة الأمريكية لوقف المساعدات إلي الفلسطينيين بسبب مشاركة حماس في الحكومة. وقال انه يتعين علي حماس أن تغير منهجها لكي يقبلها المجتمع الدولي، لافتا إلي أن الحركة الاسلامية مسئولة عن أزمات أخري لا علاقة لها بالصراع مع اسرائيل في غزة التي وصفها بالمكان المؤلم انسانيا. واختتم تلحمي حديثه بالقول انه واقعي وليس متفائلا أو متشائما من ادارة باراك أوباما لكن الرئيس الشاب لديه شعور منصف ومتفهم إلي حد ما بالنسبة للقضية الفلسطينية، قائلا ان تغيير السياسة في واشنطن بطيء لأن أمريكا بلد ديمقراطي ولهذا فالموضوع معقد.. وأضاف:"من الأفضل أن يستغرق الأمر بعض الوقت لأننا في دولة ديمقراطية علي أن يتغير الموقف بسرعة لأن الرئيس ينفذ ما يريده، فقد يأتي يوم يحكم فيه رئيس لا أهواه ولا يعبر عن مصالحي ويطبق أيضا ما يريده دون نقاش فيصبح الأمر كارثة.