الوادي الجديد تعتمد النزول بسن القبول في المدرسة الدولية "IPS"    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    وزيرة البيئة تعقد اجتماعا تنسيقيا لبحث بلورة موقف وطني موحد قبل COP30 بالبرازيل    تراجع مؤشرات الأسهم الروسية في بداية تعاملات بورصة موسكو    بالفيديو.. الغرف التجارية: متابعة دائمة من الأجهزة الرقابية لتطبيق التخفيضات خلال الأوكازيون    رصف طريق "أبنوب - بني محمديات" أسيوط بتكلفة 16 مليون جنيه    بروتوكول بين "البحوث الزراعية" والكلية الفنية العسكرية لإنتاج الأسمدة البوتاسية محليا    12 شهيدا ومصابون بنيران جيش الاحتلال في غزة    "ذا ناشيونال": مصر وقطر يعدان مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: دخول 266 شاحنة مساعدات منذ الجمعة والاحتلال سهل سرقة معظمها    فيريرا يدرس إجراء تغييرات على تشكيل الزمالك أمام مودرن سبورت    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    «الصحة» تغلق مركز غير مرخص لعلاج الإدمان في الشرقية    ضبط أطراف مشاجرة بالسلاح الأبيض في المقطم بسبب خلافات الجيرة    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    غرق شاب بأحد شواطئ مدينة القصير جنوب البحر الأحمر    الليلة.. فلكلور مدن القناة في عروض ملتقى السمسمية بشاطئ الفيروز ومركز شباب الشيخ زايد    الجمعة.. ويجز يحيي حفلًا بمهرجان العلمين    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم الاثنين    إيرادات أفلام موسم الصيف.. "درويش" يتصدر شباك التذاكر و"روكي الغلابة" يواصل المنافسة    الجمعة.. حكيم يحيي حفلا غنائيا بالساحل الشمالي    "ماتقلقش من البديل".. حملة لرفع وعي المرضى تجاه الأدوية في بورسعيد    من 5 فجرا إلى 12 ظهرا.. مقترح برلماني لتعديل مواعيد العمل الرسمية    "الأغذية العالمى": نصف مليون فلسطينى فى غزة على شفا المجاعة    «التعليم» ترسل خطابًا بشأن مناظرة السن في المرحلة الابتدائية لقبول تحويل الطلاب من الأزهر    وفاة شاب صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة – الفيوم    إصابة عامل في حريق شقة سكنية بسوهاج    «الديهي»: حملة «افتحوا المعبر» مشبوهة واتحدي أي إخواني يتظاهر أمام سفارات إسرائيل    آس: كوناتي يقترب من ريال مدريد.. وليفربول يرفض بيعه بأقل من 50 مليون يورو    "لا نقبل بإرهاب يورتشيتش".. بيراميدز يقدم شكوى لاتحاد الكرة ضد أمين عمر    «وقف كارثة بيع قطاع الناشئين».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل بتصريحات قوية    وزير الرياضة ورئيس الأولمبية يستعرضان خطط الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    ريهام عبدالغفور عن وفاة تيمور تيمور: «كنت فاكرة أن عمري ما هتوجع تاني»    وزيرة التضامن الاجتماعي: دعم مصر لقطاع غزة لم يكن وليد أحداث السابع من أكتوبر    نشأت الديهي يكشف مخططات «إخوان الخارج» لاستهداف مصر    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025 في أسواق الأقصر    رئيس الوزراء الفلسطيني: سنعلن قريبا تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة قطاع غزة    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    استشاري مناعة: مبادرة الفحص قبل الزواج خطوة أساسية للحد من انتشار الأمراض    جامعة مصر للمعلوماتية تستضيف جلسة تعريفية حول مبادرة Asia to Japan للتوظيف    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    حلوى باردة ومغذية فى الصيف، طريقة عمل الأرز باللبن    مصر تدعم السلطة الفلسطينية لاستعادة الأمن بغزة    دار الإفتاء توضح حكم شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    إسرائيل تقر خطة احتلال مدينة غزة وتعرضها على وزير الدفاع غدا    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    التعليم تحسم الجدل : الالتحاق بالبكالوريا اختياريا ولا يجوز التحويل منها أو إليها    جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025    محافظة بورسعيد.. مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    وفاة عميد كلية اللغة العربية الأسبق ب أزهر الشرقية    ارتفاع سعر اليورو اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    كم سجل عيار 21 الآن؟ أسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الاثنين 18 أغسطس 2025    "2 إخوات أحدهما لاعب كرة".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة إمام عاشور نجم الأهلي    دعه ينفذ دعه يمر فالمنصب لحظة سوف تمر    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    ماكرون: لا أستبعد أن تعترف أوكرانيا بفقدان أراضيها ضمن معاهدة سلام    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنة مي التلمساني وأسوارها.. يوميات السفر والحرية

لم تكتب مي التلمساني مقدمة لكتابها الذي يضم مجموعة من اليوميات التي نشرتها بجريدة "روزاليوسف" اليومية في الفترة من أغسطس 2007 وحتي سبتمبر 2009، واكتفت بكلمة قليلة علي هامش غلافه الخلفي، قالت فيها: "مازلت أرحل عكس المواسم ... عكس هجرة الطيور، يوما ما، سينضبط الإيقاع. الأسوار عالية حيثما وليت وجهي، حتي في المكان الذي كنت أظنه جنة. وكأن الظنون أيضا تتغير مع المواسم. ليس ثمة جنة ونار في مسألة الهجرة إذن. هناك فقط تلك الأسوار. كلما علا واحد حملت معولي وفتحت طاقة، نافذة، فجوة، شرخا، طريقا، أطير وأعود من نفس الفتحة، فالعبور حركة دائمة التجدد. هناك لم تعد الجنة جنة. وهناك لم يعد الجحيم جحيما. المسألة مسألة وقت تندلع فيه النيران بين أغصان الشجر الوارفة، وآخر تنزل فيه أنهار العسل علي الجمرات تخمدها إلي حين.."
مهدتني هذه الكلمات إلي حالات عدة يعيشها قارئ اليوميات، منها: "الرحيل عبر المجهول" و"زيارات الدهشة مع كل خطوة علي أرض جديدة" و"محاولات الوجود وتحدي تشوهات الواقع" و"التمرد علي المفروض" و"نفي المطلق" و"الجمع بين المتناقضات"، وتمنيت أن تزيد أسوارها عددا وارتفاعا، حتي تواصل تحايلها الإبداعي عليها، مرة بالطيران فوقها ومرة باختراقها، كل هذه الحالات وغيرها في هذه الكلمات القليلة، التي تحمل نفحات صوفية بداية من الرحيل المنفرد عكس الاتجاه وانتهاء بسكب قطرات العسل علي جمرات الجحيم.
ثلاثون "يومية" في الكتاب الصادر عن دار "شرقيات"، -رغم خصوصيتها- يمكن أن تجد بها رصدا هادئا لمشاهد متناثرة بين مجتمعين يقفان علي طرفي نقيض، هو نفسه التناقض بين مجتمعي الكاتبة اللذين تنتمي لهما "الشرقي" بحكم المولد والنشأة و"الغربي" بحكم الإقامة والهجرة.
رغم أحد عشر عاما علي الهجرة، لا تزال سطور اليوميات تنضح بمرارة الغربة وقساوتها، ورغم الجوانب الإيجابية العديدة التي حرصت علي رصدها لصالح مجتمعها الجديد، مقابل سلبيات الشرق، لا تزال روحها معلقة في الهواء في المسافة بين مصر وكندا، وهو ما كشفته بصراحة تقريرية في يومية "الهجرة" التي قالت في بدايتها: "انتهي العام الواحد عشر للهجرة وبدأ عام جديد تختلط فيه أحاسيس اليأس والأمل، اليأس من عودة مطمئنة والأمل في التعود ولو مؤقتا علي الحياة في مكان والحلم بمكان غيره بعيد".
وببساطة موقف شخصي، ينتبه له البعيد أكثر ممن يعيشه يوميا، تحدثت عن تغير اجتماعي في مصر، لم ننتبه له إلا عندما وجدنا أنفسنا وقد أصبحت مرتدية الحجاب تنظر لغير المحجبة باعتبارها متبرجة، ومرتدية الخمار تنظر للمحجبة باعتبارها متبرجة، وأخيرا مرتدية النقاب تنظر لذات الخمار باعتبارها متبرجة، في يومية "مايوه غير شرعي"، رصدت مي بنعومة شديدة، أزمة أيديولوجية يعيشها الشعب المصري حاليا بجميع طبقاته، وكأنه يسير للخلف منذ ثلاثين عاما وهو لا يدري، إلي أن انتبه فجأة ليجد ملائكة الرحمة في المستشفيات يرتدين النقاب أمام مرضاهم.
للسفر حضور قوي في اليوميات، سواء من خلال الحديث عن المدن والأماكن التي تزورها، أو الحديث عن الطائرات وصالات السفر والوصول، وفي يومية بعنوان "مطارات" كشفت مي عن عدم استمتاعها بل والانزعاج من المطارات والأوقات التي تقضيها بها، رغم ما قد يجود به مثل هذا الجو من لقاء عابر تستمتع بعه، أو تستمع فيه إلي كلمة تترك فيك أثرا ما سواء سلبيا أو إيجابيا، وهي كلها أشياء إيجابية، ورغم أنها قدمت عددا من الطرق التي يتحايل بها المسافرون علي الوقت الطويل الذي يقضونه في السفر، إلا أنها لم تجد سلوي في أي من هذه الطرق سواء النوم أو القراءة أو التسوق، واكتفت برصد دقيق للوقت الذي يستغرقه السفر من كندا إلي القاهرة، وعد الساعات التي تمر عليها بدءا من خروجها من منزلها بكندا وحتي وصولها لمنزل والدتها بمصر الجديدة، ووجدت أثناء قراءتي لهذه اليومية أن هذا الشعور طبيعي جدا بالنسبة للصورة التي تشكلت لدي عن تشتتها بين مكانين تحن إلي أحدهما ولا تستطيع العيش به، ويكفي قراءة هذه السطور في ختام اليومية التي قالت فيها: "بين النقيضين منطقة وسيطة تتلخص فيها هواجس السفر، منطقة انتقالية منها تنطلق الحركة وإليها يعود المسافر لكي يعاود الرحلة .... لا شيء ينفع، ولا التسوق ولا الطعام ولا القراءة، لا شيء يخفف من وطأة الساعات سوي الحلم بكتابة رواية يوما ما- عن رجل أحب المطارات وتاه فيها".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.