الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف.. الجميع يبحث عن تلك الصورة المكملة لأنفسنا حيث السكينة والسلام المحظوظين فقط ينجحون في العثور عليها فهي من ترتيبات القدر لا من صنع البشر.. فلكل فتاة حلم غير محدد المعالم لفارس الأحلام إلا هي أخذت تراقب أحلامهن عن بعد دون تدخل منها في شكل أو حجم ذلك الحلم. إنها د.لميس جابر تحدثنا عن تجربتها مع حبها الأول والأخير ليحيي الفخراني فتقول: في المرحلة الثانوية كنت أري قصصا تبدأ وتنتهي وصورا متعددة للفتيات في مثل سني داخل مدرستي متجسدة في ضباط الشرطة والكلية الحربية حيث كن يختلسن اللقاء بهن وتقوم ناظرة المدرسة بالفتنة عليهن أمام الأهل وفي الطابور فلم أترك لخيالي العنان للتفكير في تفاهات البنات في مثل هذه السن ولم أضع ملامح محددة أو صفة لفتي الأحلام. حتي التقيت يحيي لأول مرة داخل أسوار الجامعة كنت آنذاك في إعدادي طب وجاءت إسعاد يونس صديقتي المقربة لزيارة كلية الطب ومشاهدة المشرحة والموتي فقد كانت جريئة تعشق المغامرة وتنبهت علي إعلان مسرحية الناس اللي في السما الثامنة (هنا سألتني) عندكم فرقة تمثيل في الكلية تعالي نتفرج ذهبت معها وشاهدنا المسرحية وخرجنا قبل أن نكملها خشية التأخير في المرة التي تليها ذهبت أنا وأسرتي لمشاهدتها حيث منحها حمدي غيث رئيس هيئة المسرح وقتها فرصة للعرض التجاري علي مسرح الهوسابير وهناك التقيت شابًا أبيض البشرة ممتلئ الجسد يسألني إنتي زميلتنا في الكلية مش كده اتفضلوا أنا عازمكم وقام بدفع ثمن تذكرة المسرح وهي 5 قروش وكانت هذه بداية صداقة حقيقية وليست كالمصطلح الدارج بين الشباب والفتيات في مجتمعنا الآن بهدف اصطياد عريس للمستقبل فالمجتمع وقتها كان يسمح بالزمالة وبالتعاون وبالنصيحة دون هدف أو مصالح مما جعل التقارب بيني وبين الفخراني علي المستوي الفكري والإنساني يأخذ منحني آخر في الفرقة الثالثة وتزوجنا في السنة الأخيرة لي بالكلية. وبسؤالها كيف أثر كل منكما في حياة الآخر تجيب: أنا ويحيي تشاطرنا أهم القرارات المصيرية في حياتنا فلم نأخذ وقتا للتفكير والدراسة فبمجرد عرض المشكلة يخرج الحل علي لسان أي منا فعلي سبيل المثال في بداية ممارسة يحيي لمهنته كطبيب لازمته حالة من الاكتئاب لأنه شعر بالروتينية وعندما صارحني بذلك أخبرته بأنه عليه العودة إلي التمثيل وممارسة العمل الذي يحبه ويجد نفسه فيه فرد قائلاً: يا شيخة معقولة ولكن قراره بخلع الرداء الأبيض والوقوف علي مسرح التليفزيون مع الفنانة نعيمة وصفي لم يأخذ وقتا. وعن طباع يحيي الفخراني تقول د.لميس بعد الزواج هو إنسان بسيط جدا يشبه والدي في تصرفاته فلا يشكل عبئًا كزوج له طلبات مزعجة علي العكس إذا ما وجدني منهمكة في فعل شيء أو متعبة يتولي خدمة نفسه بنفسه يجلس في أي ركن بالبيت للقراءة ومراجعة أعماله كذلك ترك لي مسئولية تربية الأولاد شادي وطارق ولم أفكر في العودة للكتابة إلا بعد حصولهما علي شهاداتهما.. وهنا لا يجب ألا أذكر عصبية يحيي فبقدر ما كان يشجعني علي الكتابة بقدر ما كان مزعجا في تقييمه فمع بداية كتابتي لمحمد علي وفاروق احتد علي كثيرا لاهتمامه بجودة النص المكتوب له وكان يعلق مش هاقبل منك حاجة نص نص أو ربع ربع. اكتشفت أنه غيور جدا وكان ذلك صدمة لي ويثير غضبي وحفيظتي في كثير من الأحيان ولكن بالعشرة عرفت أنه اهتمام وخوف وقلق أن يصيبني شيء في غيابه وحتي الآن يجب أن أكون في البيت قبل ميعاده وإن حضر قبل عودتي أجده معي لحظة بلحظة علي التليفون هه وصلتي لحد فين.. وتضحك د.لميس الأحفاد غيروا فينا الكثير فيحيي الفخراني الأب يختلف تماما عن الجد فهو يتحول إلي طفل مع يحيي الصغير ابن طارق كذلك أنا لا أذكر لهفتي علي شادي وطارق بقدر لهفتي عليه عند بكائه.