استيقظ العالم في أغسطس من عام 2008 علي نيران حرب جديدة بين روسيا وجورجيا لتضاف إلي قائمة الحروب التي تجلب الخراب والدمار علي الأبرياء، ولنري مشهد العنف والقتل مجدداً في بقعة من بقاع الأرض وهو ما دفع رونالد أسموس -نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشئون أوروبا ورئيس مكتب صندوق مارشال الألماني في بروكسل - إلي إصدار كتابه الجديد"الحرب الضئيلة التي هزت العالم:روسيا وجورجيا ومستقبل الغرب" ليرصد بين طياته الكواليس الخفية للحرب التي اندلعت بين روسيا وجورجيا وتداعياتها علي المسرح السياسي العالمي. يشير الكاتب إلي أن الغزو الروسي في جورجيا جاء نتيجة لاجتياح القوات الجورجية إقليم أوسيتيا الجنوبية، وسقط المئات من القتلي والجرحي وهو ما جعل هناك حالة من عدم الاستقرار في المنطقة ، ومن جانبها قامت موسكو بشن عمليات قصف علي عدد من المناطق في جورجيا،فضلا عن بدء لعبة تقاذف الاتهامات بين حكومتي البلدين وإلقاء كل واحدة منهما اللوم علي جارتها وهو ما زلنا نلحظه حتي يومنا هذا.وأدت الحرب بين روسيا وجورجيا والتي أطلق عليها اسم " حرب الأيام الخمسة" إلي انهيار في العلاقات بين روسيا والغرب وقطعت جورجيا علاقاتها مع روسيا، وخرجت في العام نفسه من رابطة الدول المستقلة.وسارعت واشنطن بعد فترة وجيزة من نهاية الحرب بالاعلان عن انها خصصت حزمة من المساعدات لتوظيفها بعملية إعمار جورجيا وتصفية آثار حرب روسيا عليها. أوضح أسموس أن هذه الحرب كانت صراعاً مخططاً له من فترة من جانب موسكو كجزء من إستراتيجية كبري لبعث رسالة إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية مفادها أن روسيا تستعرض قوتها في القرن الحادي والعشرين. وقام المؤلف بإجراء العديد من اللقاءات والحوارات مع كبار المسئولين لإزالة الستار عن خبايا الحرب الروسية علي جورجيا فهي بمثابة ميلاد حرب جديدة بعد فترة ما بعد الحرب الباردة.وأشار إلي اقتراح فريق الأمن القومي للرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش إلي إمكانية شن هجمات وغارات جوية للعمل علي وقف الغزو الروسي علي جورجيا وسرعان ما أغلق بوش النقاش حول هذا الشأن لإدراك أن أي خطوات عسكرية ستؤدي بطبيعة الحال إلي مواجهات مع موسكو. وفي نهاية المطاف لم يتحرك الجميع لإنقاذ جورجيا من دائرة الحرب. بينما ألح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي علي الرئيس الجورجي بضرورة التوقيع علي وقف إطلاق النار.و استخدم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دوره كرئيس دوري للاتحاد الأوروبي، وسافر إلي تبليسي -عاصمة جورجيا- في محاولة لإيجاد مخرج لهذه الأزمة . وتولي القيام بجولات مكوكية بين موسكو والعاصمة الجورجية من أجل التفاوض لبحث سبل وقف إطلاق النار وخرج عشرات الآلاف من الجورجيين يهتفون باسم ساركوزي.ومن جانبها استغلت روسيا الانقسامات بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا بشان الحرب علي العراق- وكانت روسيا تعتزم في حربها ضد جورجيا التي دامت قرابة خمسة أيام- إلي كبح جماح جورجيا. وقد تكون الحرب الروسية الجورجية هي مقدمة لإعادة تشكيل العالم.