باحثة البادية .. ليست لقبًا لعالمة أو باحثة أو أديبة لكنها منطقة عشوائية تتبع حي الساحل.. مساحتها تتخطي 75 ألف متر مربع.. وتعد معقل تجارة الخردة في القاهرة. في تلك المنطقة يلتقي تجار الخردة ومافيا عمالة الأطفال ليكَّونوا أكبر تشكيل مخالف للقوانين الاجتماعية والانسانية حيث يتم استغلالهم سواء في العمل أو توريطهم في عمليات سرقة لصالح أصحاب المحلات.. فأغلب مخازن وورش وأكشاك المنطقة انشئت بدون ترخيص.. والعمالة الرئيسية فيها من الأطفال الذين يتسربون من التعليم أو يستغلهم اهاليهم لجلب المال.. وفي النهاية تجد أن أجر الطفل العامل 25 جنيهًا اسبوعيًا! محمود الفادي - تاجر خردة يقول: ورثت تلك المهنة عن والدي كان من كبار تجار الخردة بالمنطقة مع بداية الثمانينيات حيث كانت المنطقة تتبع الجيش ومخازنه وبعد انتهاء الحرب اصبحت معقل تجارة الخردة وبدأ توافد التجار وبالأخص من محافظة الفيوم والصعيد لإقامة الاكشاك بالشوارع الجانبية، حتي تعددت شوارع تجارة الخردة بالمنطقة ما بين باحثة البادية والشيشة والفاوي. ويكمل، كان أشهر تجار الخردة وقتها والدي الحاج عبد الجواد الفادي والجحش وعلي حله والتوت والصعيدي وعلي هاشم وبالطبع ورث أولادهم المهنة عنهم الآن وأصبح لهم مخازنهم. وحول أنواع الخردة المتداولة بالمنطقة يوضح أن المنطقة تشتهر بتجارة وتفتيت العربات والمعدات الثقيلة بداية من عربات النقل وصولا للبلدوزارات، وذلك عكس وكالة البلح التي تشتهر بتجارة خردة الملاكي. ويضيف، نظرًا لأن منطقة باحثة البادية تقسيم سكاني وليست عشوائية، وتتواجد بها عشرات الأبراج السكنية، فكرت المحافظة في دراسة لنقلها بالإضافة لتوافر الغرامات ومحاضر الغلق للمخازن، لهذا يفكر التجار في امتلاك مخازن بديلة بالاضافة لمخازننا بباحثة البادية، وتعتبر منطقة ميت حلفا بمحافظة القليوبية هي البديل الأمثل، حيث أصبحت ملاذًا لاصحاب الاكشاك قبل أصحاب المخازن، فالأراضي تباع بها بأسعار رخيصة، كما أنها علي مقربة من وسط البلد، ولا تكلف عملية النقل منها وإليها نفقات باهظة وأدي ذلك لتحول العديد من العمال بالمنطقة إلي أصحاب مخازن وأكشاك. وفي باحثة البادية تتواجد عشرات المخازن التي تمتلئ بقطع غيار السيارات ومساحتها تتعدي 500 متر بينما مساحة الكشك لا تتجاوز 10 أمتار، حيث يقتصر البيع به علي قطع الغيار الصغيرة التي تعتبر بقايا خردوات الخردة لأصحاب المخازن وتتواجد أيضًا الفرش التي يمتلكها عمال ويحتلون الطريق. ومن الأمور اللافتة للنظر بالمنطقة أيضًا زيادة تواجد الأوناش الثقيلة وعربات النقل التابعة لأصحاب المخازن والتي تحتل مساحات عريضة من الشوارع، وتثير غضب أهالي المنطقة، خاصة أن سلوكيات العاملين غالبًا ما تتسم بالبلطجة والمشاجرات الدائمة فيما بينهم أو مع أهالي المنطقة. ولا يلتفت أصحاب تلك المخازن لقرارات الغلق - كما يوضح الأهالي - وعقوبة فض الأختام الشمعية لا تتعدي مائة جنيه غرامة، وهناك فقط 20 مخزنًا لديها رخص قديمة دائمة ببيع الخردة فيما باقي المخازن مخالفة للقانون. يوضح عمر عبد العظيم - صاحب كشك - إعداد الأكشاك تتعدي 300 كشك بشارع الفاوي وأبو العلا يونس والجنينة ولا نفكر في النقل إلي ميت حلفا فهذا الأمر سهل التنفيذ لأصحاب المخازن ويعد عبئًا بالنسبة لنا كأصحاب أكشاك لهذا عليهم التفكير قبل نقل التجارة مراعاة لظروفنا الاجتماعية وأضاف ان هناك العديد من الباعة خاصة الصغار قد يلجأون للسرقة بحثاً عن الثراء السريع. محمد علي - صاحب محل سوبر ماركت، يقول للأسف شكونا مرارا وتكرارا من سوء أوضاع المعيشة بالمنطقة، خاصة أن تلك الأوناش والعربات الثقيلة تعوق حركة المرور وتهدد حياة المواطنين، كما أن تلك الأكشاك والفرش لمجموعة من البلطجية والمسجلين خطر والذين تعدوا علي أراضي الدولة، ويفترشون مداخل ومخارج المنطقة ويتطاولون علي الأهالي ونظرا لاستمرار عملهم لساعات متأخرة فإن هذا يشعرنا بعدم الأمان فأغلبهم يمنع الفتيات من النزول ليلاً. ويؤكد أن تلك المنطقة تعتبرًا نموذجًا لانتهاكات حقوق الطفل، فهناك العشرات من الأطفال الذين يعملون بتجارة الخردة بالمخازن والأكشاك مقابل 25 جنيهًا اسبوعيًا، وتزداد خطورة عملهم في ظل سير عربات النقل.