إلي المصريين الأوفياء أبناء مصر البررة المنتمين إلي وطنهم المرتبطين بأرضهم لا شك أن الأحداث الطائفية التي كان آخرها حادثة نجع حمادي الخسيسة والتي أدمت قلوب المصريين جميعاً والتي نتمني أن تكون آخر تلك الأحداث هي التي جعلتني أوجه رسالتي تلك إلي الإخوة المصريين وأخص منهم المسيحيين ليس باعتبار أن هذه الرسالة تخص المسيحيين فقط ولكن هي رسالة ذات خصوصية في إطار بعض القضايا التي لها خصوصية في الإطار المسيحي ، ومع ذلك فمن المعروف والمدرك أن هذه الحوادث وذلك المناخ الطائفي المفرز والمنتج لهذه الحوادث هو مسئولية كل المصريين ومنوط بالقضاء عليه كل المؤسسات والمنظمات والأحزاب بالإضافة إلي الحكومة بكل وزاراتها والمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية ، كما أن هذه الرسالة لا تعني عدم وجود رسائل مماثلة وبنفس المنهج علي الجانب الآخر للمصريين المسلمين وذلك لأن معادلة القضية هي أضلاعها الثلاثة الحكومة والمسلمون والمسيحيون ولا شك فكل طرف عليه مسئولية مباشرة وأخري غير مباشرة وهنا أقصد ذلك الحوار مع المصريين المسيحيين في إطار بعض القضايا التي تحمل شبهة اللبس لدي كل طرف من الأطراف أولاً قضية الانتماء، نعم بالتاريخ فالأقباط هم المصريون الذين يمثلون الامتداد العرقي للأصول المصرية وذلك من حيث النظرة الأولية وعلي المستوي النظري ، وذلك حيث لا يوجد عرق إثني صاف وواضح الانتماء ومعروف الجذور علي المستوي العالمي. وذلك للتداخل الجنسي والإنساني الذي اعتري الحياة الإنسانية علي مر العصور وفي كل بقاع الأرض ومع ذلك فهذا لا يجعل أحداً يتمايز علي الآخر بهذا الانتماء لمصر علي أساس الهوية الدينية حيث إن الانتماء لمصر هو في الإطار الجنسي لا الديني.. وهذا يعني أنه إذا كان من يدينون بالمسيحية هم مصريون فأيضا من كانوا مسيحيين واعتنقوا الإسلام هم أيضا مصريون فالمصري هو من كان مصرياً يعتنق الدين المصري القديم ثم من تحول إلي المسيحية وأيضا من تحول إلي الإسلام كما أنه وهذا هو الأهم المصري بالإضافة إلي هؤلاء هم من جاءوا إلي مصر من كل صوب وحدب وبأي وسيلة كانت سواء فتوحات أو حروبًا أو هجرة وتجنسوا بالجنسية المصرية وقبلوا مصر وآمنوا بها وطناً وهوية خاصة أنه قد جاء علي مصر ثلاث هجرات جماعية وأكثر من خمسين غزوة حربية ومن كل بقاع البسيطة وهم الآن مصريون بالجنسية وبالمعيشة وبالانتماء والقانون والدستور.. وقياسًا علي ذلك فالمجتمع الأمريكي مثلاً وهو حديث العهد، فكل من فيه لا علاقة له بالجذور الأمريكية ولكن الكل الآن قد أصبحوا أمريكان ويعتزون بأمريكا ويدافعون عنها، إذن فالتمايز بأن الأقباط هم أصل مصر وأن غيرهم غير مصري بل مستعمر وعلي أساس الهوية الدينية فهذا خطأ علمي وتاريخي وسياسي ولا يولد غير الضغينة والشحن والاستفزاز والطائفية، بل ينتج وطنًا غير مستقر ومهدد استقراره ، كما أن هذا الطرح لا شك سيقابله طرح آخر طائفي ولهذا فهذه قضية نظرية لا تفيد واقعا ولا تحل إشكالاً بل تزيد النار اشتعالا ولا يسعي إليها ويتبناها غير أولئك الذين لا تعنيهم مصر وهم من يتبنون أجندات خارجية تأخذ من مشاكل الأقباط تكئة بتنفيذ تلك الأجندات فلتكن مصر لكل المصريين الذين يعيشون علي أرضها والمنتمين إليها، ثانيا مشاكل الأقباط لا أحد ينكر تلك المشاكل إلا طائفي متعصب أو جاهل أو لا يريد السلامة للوطن ولكن هناك فارقا بين تلك المشاكل وبين التعبير المقصود تداوله وهو الاضطهاد فمشاكل الأقباط معروفة ومتعددة ولا مجال الآن لسردها ولكن الأهم هو أن تكون هناك نظرة سياسية وتاريخية موضوعية لتلك المشاكل، أسبابها وتراكماتها عبر التاريخ التطور التاريخي الذي كان فيه اضطهاد فعلي وحقيقي علي أرض الواقع الذي كان يعامل غير المسلم علي أنه ليس درجة عاشرة ولكنه ليس إنسانا بالمرة وصولاً لهذا التطور الملحوظ والواضح والمرتبط بلا شك بالتطور الديمقراطي العالمي وبحقوق الإنسان كثقافة عالمية وهذا السرد مطلوب لمعرفة الفارق المنظور لحل تلك المشاكل ولكن هناك فرقًا بين الطرح الحقوقي المنطلق في إطار المطلق وبين الواقع السياسي الذي لا يمكن تجاهله ودراسته وخصوصيته لكي ننطلق من ذلك الواقع لحل أي مشكلة سياسية أو اجتماعية وبديهيات ذلك الواقع أن طرفي المعادلة المسلمين والمسيحيين مع أنهم قد توارثوا تراثاً تاريخياً طائفيا ممقوتاً فإنه للأسف فنحن الآن نعاني من مداخل خطيرة تغذي وتحيي هذا التراث من خلال تلك الممارسات الطائفية التي يقوم بها كثير من المتعصبين والمتشددين والمتاجرين هنا وهناك الشيء الذي جعل الشحن متبادلاً الآن للأسف والفعل يلحقه رد فعل سريع ومتصاعد الشيء الذي جعل صاحب القرار يتخوف ويرتجف من إصدار قرار ما خوفا من عدم تقبل الشارع المتطيف لهذا القرار. ولذا ومع كل الاقتناع بالدستور والقانون بإصدار تشريعات إلغاء خانة الدين أو إصدار قانون البناء الموحد لدور العبادة، فهذا وبدون القضاء علي المناخ الطائفي وبغير التوحد المصري المصري لن تجدي قوانين ولن تفيد تشريعات. وهنا يأتي موضوع الاستقواء بالخارج الذي يسوق له ويتاجر فيه بعض المتاجرين بمشاكل الأقباط. حيث إن فكرة التدخل أو الاستقواء ستثير وتستفز وتحشد المواطنين والرافضين للتدخل من المسلمين والمسيحيين. فلذا نجد أن هذه الورقة ستعقد ولا تحل. خاصة أن رفض التدخل والاستقواء قيمة تاريخية من ثوابت كنيستنا الوطنية ومن ممارسة الوطنية المصرية. ثالثًا: دور الكنيسة. لا شك أن ظروف المد الطائفي والممارسات الإرهابية ضد الأقباط. واستمراء الحكومة لكي تكون الكنيسة معبرة وممثلة للأقباط. لهذا ولغيره كثير هاجر الأقباط إلي الكنيسة وأصبحت الكنيسة من خلال ممارسات خاطئة سواء من المسيحيين أو المسلمين أو الدولة ومؤسساتها وأيضًا الإعلام. حدث واستحدث هذا شكلاً طائفيا خطيرًا وكانت الكنيسة هي دولة الأقباط في مقابل الدولة التي هي بالأساس القبطي ليست دولتهم ، الشيء الذي أحدث ازدواجية وجعل الكنيسة تتصور أنها دولة تقوم بمهام ليست مهامها وليست منوطة بها ولا يوجد مبرر قانوني أو دستوري لها، والأهم هو شعور الطرف الآخر أن الأقباط ومشاكلهم هي مشاكل كنسية وطائفية لا تعني باقي المصريين كما أن الدولة استملحت هذا ولم تتحرك في اتجاه حل حقيقي لتلك المشاكل. والأهم هو تداخل وتعارض بين تكريس وضع طائفي مع المطالبة بحقوق المواطنين. والمثل القائم هو ما حدث من أسقف نجع حمادي وتدخله في الانتخابات وفي شئون المسيحيين في غير الجانب الروحي وتصوره أنه المسئول عنهم سياسيا وليس الدولة. الشيء الذي راكم الحساسيات الطائفية في المنطقة بالإضافة لأشياء كثيرة وغير ذلك أدت إلي تلك النتيجة الكارثية، فهل يعود الأقباط إلي حضن الوطن سياسيا واجتماعيا وتكون الكنيسة هي المصدر الديني والروحي، وهل يكتفي الأكليروس بالدور الروحي المطلوب والذي تباعدوا عنه ولا يتدخلون في شأن غير ذلك؟ إن التخيل بأن للكنيسة دورًا غير دورها الروحي هو إنقاص من حقوق الأقباط السياسية والوطنية تلك الكنيسة يمكنها أن تقوم بهذا الدور بالإضافة لأن تدخل الكنيسة النظري لا العملي يزيد المناخ الطائفي اشتعالاً. هذه بعض النقاط والتي يوجد الكثير منها أردت أن نتحاور حولها بهدوء وموضوعية وحوارًا هادئًا يقبل الرأي الآخر من أجل مصر أن تكون وطنًا لكل المصريين.