أرجوك سامحني! لا أستطيع أن أكتم قلقي بل وانزعاجي الشديد من حالة الضباب، ربما المقصود، التي تحيط الدراسات العالمية التي أجريت مؤخراً حول صلاحية موقع الضبعة لإنشاء أول محطة نووية مصرية. ولعلي لن أكون مساهماً - بهذا المقال في مضاعفة قلق وانزعاج الكثيرين من أبناء هذا الوطن المخلصين الذين بات لديهم شعور يرقي إلي حد اليقين بأن هذا الضباب - وأكرر ربما المقصود هو "مقدمة" لإستيلاء الضباع الكبيرة علي موقع الضبعة لصالح مشاريعهم السياحية التي إذا تحققت سيكون من سهل للضباع إتمام هذه العملية ولا أقول الصفقة، في وضع لا يحسد عليه ليس فقط أمامنا لكن ال80 مليوناً ولكن كذلك أمام أجيال أخري مصرية لا أتمني أن تقوم بالدعاء علي أصدقاء الضباع أو تلعنهم وتتهمهم بخيانة الأمانة وإهدار ثروة الوطن وإهدائها لبعض رجال البيزنس المغامرين الذين أصبحت الضبعة بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت!. لا أحد يعلم سر هذا الصمت الحكومي حول مصير الضبعة رغم مرور قرابة الشهر علي تقرير الاستشاري العالمي الذي لهف 900 مليون جنه من جيوب المصريين... ليقول في النهاية ما كان علماء الذرة المصريون قد قالوه: الضبعة صالحة للمحطة النووية!. لا أريد القول بإن صمت الحكومة أصبح مريباً بقدر ما أريد أن يخرج أحد من الحكومة ليفسر لنا ويشرح مبررات هذا الصمت الحكومي غير المبرر سيما بعد إعلان تقرير الاستشاري العالمي الذي قال كلمته الفاصلة من الناحية الفنية والعلمية في شأن موقع الضبعة!. منذ شهرين أو أكثر كنت أتحدث مع عالم نووي مصري شهير كان له باع كبير في البرنامج النووي المصري قبل حادثة تشرنوبل في 1986 . .. ومازال لهذا الخبير الدولي المصري نفس الاهتمام والحماس الوطني لبدء إنشاء أول محطة نووية مصرية في الضبعة. يومها كشف عالمنا القدير الذي مازلت احتفظ بصداقته وثقته حتي الآن أسراراً ليست نووية بالطبع ولكنها معلومات وتوجهات سياسية أكثر من خطيرة لا أري الآن إنه من الحكمة أو الوطنية أن أظل علي وعدي له بأنها لن تجد طريقها للنشر! كان أول ما قاله لي عالمنا الجليل إن جانباً كبيراً من علماء الذرة المصريين اصيبوا بحالة زهق شديدة في الفترة الأخيرة خاصة عندما شن منتهزو الفرص - علي حد قوله - حملاتهم المسعورة للاستيلاء علي الضبعة التي كان العلماء المصريون الذين تربوا علي يد عالمنا القدير، يعقدون عليها آمالاً عريضة ويعتبرونها الانطلاقة الحقيقية للبرنامج النووي المصري. .. ويومها قال لي الرجل الذي لا أتصور إنه سيغضب مني.. قال: كيف سمحنا لأنفسنا أن نترك العلم للجهلة؟؟! والمعلومة الثانية التي سمعتها من صديقي النووي الكبير أن كل من يسافر إلي فيينا لحضور اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية يواجه بأسئلة محرجة من قبيل هوه ايه اللي حاصل عندكم في الضبعة.. وده موقع مثالي جداً علي المستوي الدولي من حيث درجة الأمان.. ولا يؤثر علي من هم حوله ولا علي ما في جوف أرض الموقع.. ولا علي ما هو موجود وقائم فوق سطح أرض الضبعة"؟! وكانت المعلومة الثالثة التي ذكرها العالم الكبير أن تحديث دراسات الضبعة "كلام فارغ وتهريج".. كيف استدعي استشارياً عالمياً وأمنحه هكذا 900 مليون جنيه.. علشان إيه؟! لم يكن حديثي مع الرجل وقتها للنشر كما وعدته.. ويومها قال لي في حزن دفين وتلك هي المعلومة الرابعة إن سبب امتناعي عن الكلام في قضية الضبعة أنني أصبحت يائساً للغاية بسبب ما يجري في الخفاء حول مصير الضبعة.. وأضاف في أسي لم تستطع أسلاك التليفون إخفاءه لو كانت الدولة عاوزة تسمع الرأي الفني لواحد عنده خبرة.. لو كانت لدي الدولة رغبة في الاستفادة كانوا سألوني وساعتها لن أتردد.. لكن أن أتكلم في الصحافة فأنا لن اتطوع ولن أدخل في خلافات علي صفحات الجرائد.. ولا تنسي أنني كنت وزيراً! وبتلك الصفة السابقة أقول لك يا صديقي - المعلومة الخامسة - أنه ليس منطقياً أن نترك صوت العلم لصوت العامة.. فكل واحد له مصلحة في الضبعة يدافع الآن عن هذه المصلحة الشخصية.. خبرتي السابقة كوزير تقول إنه يجب أن تكون هناك أسس لمصلحة الدولة والوطن.. ما ينفعش ييجي واحد من الشارع يقول ده مشروع مش نافع علشان له شوية مصالح في الضبعة!! وكانت المعلومة السادسة والأخيرة أكثر من صادمة.. فقد قال عالمنا القدير: سئلت عن رأيي من جانب وزير الكهرباء في أكثر من مناسبة.. فكان رأيي الفني والعلمي الذي قلته أن الضبعة هي أكثر المواقع المصرية ملاءمة وأماناً.. وبعدها لم يتصل بي أحد من المسئولين في الدولة.. ربما بعد أن عرفوا رأيي هايكون إيه!؟ أعرف جيداً أن صديقي العالم القدير سيغضب حتماً بعد أن خالفت لأول مرة في مشواري الصحفي الممتد 30 عاماً وعداً لم أتمكن من الوفاء به.. وأعي جيداً أن صداقتي بهذا الرجل العظيم ستتعرض لهزة وربما لزلزال.. ولكني أعلم جيداً أن وطنية وإخلاص صديقي الجليل سوف تغفر لي وقوعي في هذا الخطأ (الحميد).. سامحني يا صديقي.. سامحني يا من ربيت أجيالاً متتالية من علماء مصر النوويين.. أنت تعرف أكثر من غيرك من العلماء المصريين كم أحبك وأقدرك .. سامحني علي زلة قلمي لكن .. حبي لمصر أكبر! معالي الوزير القدير د. علي الصعيدي.. أرجوك سامحني!