المتتبع لمشهد التوترات الطائفية خلال الخمس سنوات الأخيرة؛ يستطيع أن يلحظ ملاحظة غاية في الأهمية.. وهي علاقة المرأة بمثل تلك المشكلات. وربما تكون البداية القصيرة من خلال أزمة وفاء قسطنطين وإلي نجع حمادي التي تعتبر امتدادًا طبيعيا لما حدث في فرشوط قبل ذلك.. نموذجًا دالاً علي ما سبق. وبمعني آخر، لا تزال النظرة الأساسية للمجتمع المصري هي نظرة ذكورية ضد المرأة التي لا زالت ترتبط بشكل مباشر ببعض المفاهيم مثل: العفة والشرف والكرامة والعار، وهو ما يرتبط بالأم والأخت والزوجة والابنة. وبالتالي، فإن كل ما يخص المرأة طبقاً لهذه النظرة الذكورية هو ملكية خاصة يتحكم الرجل في مقدراتها. وهو ما جعل أي شابة في صعيد مصر محط الاستهداف بالقتل.. إذا ما ثبت عليها إقامة علاقة مع أي رجل سواء برضاها أو إذا ما تم اغتصابها وثبت ذلك طبياً. ويكون مصيرها الموت في أي الأحوال طبقاً لما يعرف بقضايا الشرف. وينطبق ما سبق، علي ما حدث قبل ذلك مع وفاء قسطنطين ومع قضية فرشوط الآن. ورغم أن موضوع فرشوط تحول إلي مأساة نجع حمادي.. فقد تبدل الحال ولم يحاسب أحد الشابة التي شكك البعض في سلوكها، وتم تحميل الشاب القضية بالكامل.. وبسبب الفوضوية والغوغائية تم قتل والد الشاب والتمثيل به.. ولم يعد أحد يسمع عن الشابة المذكورة. بل تعدي الأمر من عقاب الشاب وقتل أبيه إلي شكل من أشكال العقاب الجماعي من خلال تدمير الممتلكات للمسيحيين المصريين في فرشوط، ثم قتل الشباب في نجع حمادي. وأضيف علي ذلك، ما قامت به بعض وسائل الإعلام من تخريب سواء بحسن نية يرتكز علي عدم المعرفة أو بسوء نية يرتكز علي تشويه العلاقات بين أبناء الوطن الواحد من مسيحيين ومسلمين مصريين. ومثال ذلك الواضح تناول قضية فرشوط من خلال الحديث عن تلك العلاقة الآثمة بين الشاب المسيحي المصري وبين الشابة المسلمة المصرية التي شكك البعض في سلوكها، ثم تحول الأمر بين ليلة وضحاها إلي الحديث عن اغتصاب الشاب لها تارة، ولكونها فتاة صغيرة تارة أخري. وما يترتب علي ذلك من تبرير ما حدث في نجع حمادي تحت بند الثأر. إن ما سبق، يعني الخلط بين الثقافة الشعبية في صناعة التوترات الطائفية وبين شيوع المناخ الطائفي بشكل غير مسبوق في المجتمع المصري.. بعد أن تحول العرف وجلسات العرب إلي البديل الإعلامي للقانون وتنفيذه. كما أن غياب المعلومات الحقيقية وحجبها عن المجتمع يسمح بانتشار الشائعات ونسج الحكايات التي تبرر مواقف معينة أو توجهات محددة.. من كل صاحب مصلحة بعد أن امتنع أصحاب المصلحة الأساسية في هذا الوطن من تحديد موقفهم من خلال المعلومات، وليس من خلال إعلان المواقف. ومن له أذنان للسمع.. فليسمع قبل أن نصاب بالصمم الطائفي..