عبر حديث ممتد مع قداسة البابا شنودة الثالث علي شاشة الفضائية المصرية الأولي - الثلاثاء 5 يناير 2010 - تعرض الحوار لوضعية العلمانيين، فذكر قداسته أن العلمانيين هم كل قبطي من غير رجال الدين، سيدات ورجال، وعليه فليس من حق مجموعة لا تتجاوز 6 أفراد أن تقول بأنها تمثل »كل« العلمانيين، وأضاف قداسته أننا (لا يهمنا الفضائيات أو الصحف أو النت إنما يهمنا الحق) ونحن كتيار علماني نوافقه تمامًا في كل ما ذهب إليه بل لعل القارئ يذكر أننا ونحن نقدم أنفسنا منذ المؤتمر الأول 14 نوفمبر 2006، حرصنا علي تأكيد كل هذا؛ فلم نزعم أننا »كل« العلمانيين، أو لدينا وكالة منهم، بل أكدنا علي أننا مجموعة »من« العلمانيين، نقدم رؤية في الإشكاليات الكنسية عبر أوراق وأبحاث لها مرجعيتها، تقرأ الواقع في ضوء الكتاب المقدس والتقليد الكنسي وعينها علي المستقبل من أجل دعم الكنيسة في أداء رسالتها للأجيال الواعدة والقادمة، وأن مؤسسة بحجم وعراقة كنيستنا القبطية الأرثوذكسية بحاجة إلي هذا العمل لتنقية مسيرتها بشكل متواتر وموضوعي يتجاوز الأشخاص، وحرصنا علي تأكيد أننا لسنا في صراع مع أحد ولا نعمل لحساب أحد داخل أو خارج الكنيسة، وكانت مؤتمراتنا معلنة ومفتوحة وأوراقنا متاحة للحضور ولمن يطلبها، وحرصنا مع كل مؤتمر أن نرسل أوراقنا وتوصيات المؤتمر إلي المسئولين بالكنيسة؛ سكرتارية قداسة البابا والمجمع المقدس والمجلس الملي، يدًا بيد، في إيمان مستقر بأننا أبناء الكنيسة وأعضاء فاعلين فيها. وعندما كان السؤال عن غلق قنوات الاتصال بين العلمانيين والكنيسة، علق قداسة البابا بأن الطبيعي أن يذهب من لديه رؤية إلي الكنيسة ويخبرنا بما لديه فنتحاور معه، لا أن يعقدوا اجتماعاتهم ثم يفرضوا علينا رؤيتهم، وهو كلام صحيح تمامًا نوافق قداسته عليه، شريطة أن تكون إمكانية اللقاء ميسرة وممكنة ولعل قداسته يراجع في هذا سكرتارية المقر الباباوي وبعض الأساقفة العموميين لصيقي الصلة بقداسته، عن محاولاتنا قبل طرح رؤيتنا عبر المؤتمرات، لتحديد لقاء مع قداسته، بل لعله يتذكر يوم التقيته علي هامش مؤتمر مستقبل الفكر العربي، بأحد فنادق العاصمة، وموافقة قداسته علي تحديد موعد خاص للقاء مفصل وأحال تحديد الموعد إلي سكرتيرة الأسقف، وبشهادة أسقف لإيبارشية متاخمة للقاهرة - كان قبلاً سكرتيرًا لقداسته - ماطل الأب السكرتير في تحديد الموعد، بل ورفض أن يكون هناك موعد بالأساس!، حتي بعد تأكيد البابا علي طلبه في لقاء لاحق علي هامش اجتماع لليونز القاهرة، ومع ذلك عندما دعونا لمؤتمرنا الأول - وهو ما تكرر في مؤتمراتنا اللاحقة - كانت الدعوة الأولي لكل القيادات الكنسية وتسلم أيضًا يدًا بيد. وعندما تكرر السؤال عن موانع اللقاء قال قداسته أنهم (التيار العلماني) دأبوا علي مهاجمة العقيدة (!!) وفي ظني أن هذه الإجابة تكشف عن عدم أمانة كاتبي التقارير المقدمة لقداسته، عندما خلطوا عمدًا بين أوراق وأطروحات التيار العلماني، والحوارات التي تدور في فعاليات جلسات المؤتمرات واجتزاء بعضها والبناء عليها، ولم يقولوا في تقاريرهم أن التيار العلماني بادر عقب هذه المداخلات إلي استبعاد أحد أعضائه عندما خرج علي الالتزام برؤية التيار الملتزمة بكل أساسيات الإيمان والعقيدة، ومن المضحكات المبكيات أنهم هللوا لخروج هذا العضو واعتبروه انقسامًا داخل التيار يكشف هشاشته وضعفه بينما هو في الحقيقة يكشف زيف كاتبي التقارير وعدم أمانتهم، وفي كل الأحوال تبقي أوراقنا شاهدة علينا وشاهدة لنا. وتعرض قداسته في حواره لقضية القرعة الهيكلية وأعاد طرح رؤيته الجديدة بشأن تعديل اللائحة، والمناقضة لما وثقه بقلمه في مجلة مدارس الأحد »1947 - 1954« ويبدو أن هناك من تطوع لتبرير ذلك بالقول بأن رؤيته الأولي كتبت وهو بعد شاب بينما الأخيرة طرحت من موقع المسئولية، وهو تحليل يكشف عن ضحالة وفقر معلوماتي، فالمرجعية التي استند إليها عبر صفحات المجلة، وهي ذات المرجية التي يستند إليها المطالبون بالتعديلات، هي القوانين الكنسية التي تقررت في مجمع نيقية »325م، ومع هذا لم يقتنع المدافعون فراحوا يشككون في نسبة القوانين المتعلقة باختيار البابا البطريرك إلي مجمع نيقية، في جسارة لا يمكن أن تغفر لهم لما لها من آثار مدمرة علي مصداقية ما يترتب عليها. وفي تبرير الاصرار علي القرعة الهيكلية ذكر بأنها إجراء ينقل الاختيار من البشر إلي الله، لأنه في حال مجيء البطريرك باختيار البشر سيبقي خاضعا لمطالبهم ورؤيتهم وخاضعًا لسلطانهم لا لسلطان الله، فيما يعرف من يقرأ تاريخ البطاركة أن الاختيار في غالبية الأحوال كان يتم من خلال تشكيل مجموعات استكشافية من اراخنة الأقباط ومعهم ممثلون للإكليروس تكون مهمتها عمل زيارات للأديرة والتجمعات الرهبانية والبحث عن الشخصيات المستنيرة والمتميزة من رهبانها والجلوس معهم للوقوف علي قاماتهم الروحية والفكرية والتدبيرية وسلامة معتقدهم اللاهوتي، ويعودون إلي كنيسة البطريركية ويطرحون الأسماء التي استقروا عليها ويجتمعون علي ثلاثة أو خمسة أو ما يقرب من هذا العدد ويفاضلون بينهم ثم يختارون من بينهم من يرونه الأصلح ويطرحونه علي الشعب الذي يعلن رأيه وموافقته، وقد تم اختيار نحو 60٪ من البطاركة وفقًا لهذه القاعدة، فهل كان كل هؤلاء منساقين وخاضعين لمن اختارهم؟!. اتمني أن يشهد عام 2010 انفراجة موضوعية في الملفات العالقة بين التيار العلماني والكنيسة، تكون مدخلاً لقراءة موضوعية سعيا لحلها ووصولاً إلي كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية، مؤسسة علي المحبة والأبوة والشفافية في ضمير صالح.