ليس د.يسري الجمل وزير التعليم السابق هو الخاسر الوحيد من التعديل الوزاري المحدود الذي جاء بوزير جديد للتعليم مع وزير جديد للنقل بدلاً من الوزير المستقيل المهندس محمد منصور، صحافتنا خسرت أيضا في هذا التعديل.. خسرت مصداقيتها لدي القراء.. فها هو التعديل الوزاري يحدث بعد الانتظار دون أن يتحقق شيء مما نشرته أو تحدثت عنه صحافتنا حول هذا التعديل.. فلا د.أحمد نظيف خرج وترك الحكومة لرئيس وزراء جديد.. ولا هو تخلص من منافسيه علي مقعده.. ولا ترشيحات د.نظيف للوزراء الجدد رفضت لأنها تضمنت أسماء لاصدقاء ومعارف له..ولا وزراء التعليم العالي والتنمية الاقتصادية والتنمية الإدارية والتضامن الاجتماعي والخارجية تم تغييرهم واستبدالهم بآخرين! فها هو التعديل الوزاري يتم إعلانه ولا يتضمن أيا مما تنبأت أو توقعت به صحافتنا ونشرته علي أنه أنباء مؤكدة أو معلومات صحيحة.. وهذا يعني أن كل ما نشر عن هذا الأمر كان لايعدو كونه مجرد تخمينات والتخمينات تخضع عادة لهوي من يطلقها أو علي الأقل تتأثر بما يتمناه ومالا يتمناه.. فهل بعد ذلك سوف يصدق أحد الصحافة إذا قالت أي شيء، حتي ولو كان حقيقيا. إننا نعرف صحافة الخبر وصحافة الرأي، ولكن للأسف صحافتنا تجاوزت ذلك كله، وتحولت إلي صحافة تخمينات وهذا ما ضبطت متلبسة به مؤخراً في موضوع التعديل الوزاري. ولكن هل سيكون هذا التعديل درساً لصحافتنا لكي تتخلي عن التخمين وتلجأ إلي تقصي المعلومات والأخبار الحقيقية؟.. هذا هو المفروض أو المتوقع، غير أنني أشك في ذلك!.. أشك أن تتوقف صحافتنا عن المتخمين وتجتهد لنشر المعلومات والأخبار الصحيحة.. ليس لأن من شب علي شيء شاب عليه كما يقال، وإنما لأن فضيلة تصحيح الخطأ غير معترف بها إلا نادراً في الوسط الصحفي، اعتمادا علي أن القارئ ينسي بمرور الوقت أخطاء الصحافة والصحفيين.. والأهم من ذلك أن صحافتنا تواجه صعوبات حقيقية في الحصول علي المعلومات وبالتالي تعاني من أجل نشر الأخبار الصحيحة. ولذلك.. بدلاً من أن يعتذر الذين نشروا تكهنات وشائعات حول التعديل الوزاري، وبدلاً من أن يتوقفوا عن نشر التخيمنات، فإنهم سوف يلجأون إلي نشر التبريرات لعدم تحقق ما نشروه من أخبار ومعلومات حول التعديل الوزاري. سوف نقرأ أن د.نظيف كان سيترك منصبه وسيأتي رئيس وزراء آخر مكانه، ولكن القيادة السياسية ارتأت تأجيل ذلك إلي موعد قريب من الانتخابات البرلمانية، وسوف نقرأ أيضا أن التعديل الوزاري كان واسعا ولكن تم العدول عن ذلك بما أنه تم العدول عن تغيير رئيس الحكومة، وسوف نقرأ كذلك أن تأخر التعديل الوزاري المحدود كان سببه محاولة اقناع المرشح لتولي مسئولية وزارة النقل. سوف نقرأ الكثير من التكهنات والتخمينات من جديد، ولن تتوقف الصحف التي خاضت بغير علم في موضوع التعديل الوزاري عن نشر هذه التخمينات الجديدة بعد أن تم هذا التعديل ولم تتحقق تخميناتها السابقة التي ظلت تروج لها أكثر من شهرين. ولذلك.. نحن نحتاج إلي وقفة حقيقية.. وقفة من النفس لانقاذ صحافتنا من هذا المنزلق الذي تسير فيه.. وقفة تعيد المدارس القديمة التي كانت تربي وتخلق صحفيين مجيدين أكفاء حريصين علي مصداقيتهم ومصداقية مطبوعاتهم الصحفية.. ونحن نحتاج أيضا وبشكل عاجل إلي قانون يوفر للصحفيين كل الصحفيين المعلومات ويعاقب من يحبسها عنهم.