كشفت الانتخابات المزعومة لمكتب ارشاد جماعة الإخوان المحظورة قانونًا عن صراع مكتوم بين تيارين الأول متشدد تربي في مدرسة سيد قطب وقضي أعضاؤه قرابة العشرين عامًا في السجن العسكري في قضية تنظيم 1965 الذي ادين في نشر الفكر التكفيري للمجتمع بجانب اعدام بعض عناصره كان ابرزهم سيد قطب ذاته وخفف الحكم المؤبد لآخرين مثل محمد بديع الأقرب لمقعد المرشد العام حاليا. وتطرح سيطرة المتشددين علي مقاليد الأمور داخل الجماعة المحظورة سؤالاً حول: ميلاد رابع للنظام الخاص الذي يعتمد العنف منهجًا والعمل في الخفاء سبيله للتحرك. اغتيال الخنازير أول عملية الميلاد الأول للنظام الخاص لجماعة الإخوان المسلمين عام 1938 بعد أن عزفت الجماعة علي أوتار مشاعر الشباب مستغلين الظرف السياسي القائم آن ذاك من احتلال إنجليزي لمصر وتهديدات صهيونية لفلسطين فكان أن أسس النظام الخاص بقيادة عبدالرحمن السندي بهدف معلن هو جمع السلاح من مخلفات الحرب العالمية بالعلمين وإيصاله لفلسطين ومحاربة الاحتلال الإنجليزي لكن سرعان ما أشعلت الجماعة حماسة الشباب باسم اضهاد الإسلام في تركيا وإعدام الدعاة علي يد كمال أتاتورك وبدأت التدريبات السرية للشباب علي الأسلحة وتوسع النظام الخاص حتي بلغ عدد أعضائه 2000 عضو في العام 1947 وفي الوقت الذي لم ينفذ هذا الجناح العسكري للجماعة المحظورة أي عملية تذكر ضد الاحتلال الإنجليزي في مصر باستثناء إلقاء قنبلة يدوية علي مجموعة جنود لم تسفر عن جرحي أو قتلي فوجئ الرأي العام المصري بالنظام الخاص للإخوان يغتال أحمد بك الخازندار رئيس محكمة استئناف القاهرة آن ذاك لإصداره حكماً بالإدانة علي عدد من شباب الإخوان في 22 نوفمبر 1947 فكان أن قال حسن البنا مؤسس الجماعة وفقاً لمذكرات الدكتور عبدالعزيز كامل عضو النظام الخاص ربنا يريحنا من الخازندار وأمثاله وهو ما اعتبره أعضاء النظام الخاص ضوءاً أخضر لاغتياله وفي صباح 23 مارس من العام 1948 أثناء خروجه من منزله وبحوزته ملفات قضية تفجيرات سينما مترو التي كان متهماً فيها عدد من الإخوان متجهاً من منزله الكائن بشارع رياض بحلوان ليستقل القطار المتجه إلي وسط القاهرة حيث المحكمة حتي فوجئ بعضوي الجماعة حسن عبدالحافظ ومحمود زينهم يطلقان عليه وابلاً من الرصاص من مسدسين فسقط الخازندار صريعاً بعد إصابته ب9 رصاصات فما كان من أهالي حلوان إلا أن طاردوا القتلة فقابلوهم بإلقاء قنبلة علي المواطنين الأبرياء وأصيب بعضهم ورغم ذلك تمكن الناس من إلقاء القبض علي المجرمين وكان عبدالحافظ السكرتير الخاص لحسن البنا غير أن البنا نفي علمه بالعملية في التحقيقات فكان مقتل الخازندار جزاءً له لإصداره أحكاماً علي أعضاء بالجماعة اعتدوا علي منشآت عامة منها دور سينما. وكان مقتل الخازندار سبباً في الكشف عن النظام الخاص وتحجيمه وتجميد الجماعة بعد أن اكتشفت السلطات أن لها جهاز مخابرات يتجسس علي السياسيين ورجال الأحزاب وقبض علي عناصر من النظام الخاص وهم يتدربون علي السلاح في جبل المقطم فادعوا أنهم يتدربون من أجل القتال في فلسطين واستدعي الحاج أمين الحسيني مفتي القدس للشهادة والذي كان تربطه علاقات مع الإخوان فشهد لصالحهم لتبرئة ساحتهم. عبدالناصر أول عمليات التنظيم الثاني الميلاد الثاني للنظام الخاص أو الظهور إن جاز التعبير كان عام 1954 عندما فوجئ الرئيس جمال عبد الناصر بطلقات نارية تستهدف اغتيالية خلال القائه لخطاب في ميدان المنشية بالإسكندرية في 26 أكتوبر 1954 حيث فشلت محاولة الاغتيال بعد اطلاق 9 رصاصات علي الرئيس الراحل لم تصبه بأذي وكان المتهمون في القضية حسن الهضيبي الذي تولي مقعد المرشد بعد ذلك ويوسف طلعت وهنداوي دوير وإبراهيم الطيب ومحمد خميس حميدة ومحمد فرغلي وعبدالقادر عوده وحسين كمل الدين وكمال خليفة وصالح أبو رقيقة ومنير الدلة وعمر التلمساني الذي تولي أيضاً مقعد مرشد الجماعة المحظورة ومحمد أبو النصر وعبد الرحمن البنا والبهي الخولي ومحمود عبد اللطيف. وهم من عناصر التنظيم السري - الجهاز الخاص - الجناح العسكري لجماعة الإخوان المسلمين وفقاً لوصف القضية والمحكمة الاستثنائية في جلستها العلنية. وكانت خلفية الأحداث تشير إلي احتدام الصراع بين الإخوان ومجلس قيادة الثورة عندما حاول الإخوان محاصصة قيادة الثورة فطالب عبد الناصر الهضيبي بتخلي الإخوان عن النظام الخاص الجهاز السري والعودة إلي الدعوة لرفض الضباط الأحرار تدخل الإخوان في قرارات مجلس قيادة الثورة بينما استغل الإخوان معاهدة عبد الناصر مع الإنجليز الجلاء لتهييج الرأي العام ضد مجلس قيادة الثورة ووصفوا المعاهدة بالخيانة وأنها ضد مصر واشتعلت حرب المنشورات والتي انتهت بمحاولة اغتيال عبد الناصر بعد أن استغل عبد الناصر علاقاته بقادة من الجماعة لاستقطابهم لصالحه وتفجيرها من الداخل، وكانت النتيجة حل الجماعة في يناير 1954 وحملة اعتقالات واسعة لأعضاء بالجماعة وكان من المحكوم عليهم بالسجن المؤبد محمد مهدي عاكف الذي أنهي العقوبة عام 1974 وكان قد صدر بحقه حكماً بالإعدام قبل تخفيفه. بديع وغرت قادا التأسيس الثالث دخلت الجماعة في مرحلة كمون وتواصل أعضاء النظام الخاص بسيد قطب مرحلة وصفت بالمحنة فيما تطور فكر قطب الذي كان قريباً من مجلس الثورة عقب انضمامه للإخوان وتعرضه للسجن فأنتج فكر العنف الذي تبناه محمد بديع ومحمود عزت ليشكلا تنظيماً عرف بتنظيم 1965 وهو الميلاد الثالث للتنظيم الخاص وسجنوا بتهمة اعتناق أفكار متطرفة وتكفير المجتمع، وكان كتاب معالم علي الطريق لسيد قطب مرجعية للجماعات المتطرفة التي توالدت وانتهت باستشهاد الرئيس محمد أنور السادات علي يد الجماعة الإسلامية. ظل عزت وبديع والبيومي يمارسون نشاطهم بالجماعة حتي أظهروا السيطرة مؤخراً علي مكتب الإرشاد فهل هو الظهور الرابع للنظام الخاص خاصة مع تقارب الظروف السياسية مع الفارق حيث العزف علي أوتار الشباب باسم فلسطين وزعم مشاركة مصر في حصار غزة ومحاولات اثارة الرأي العام ضد الإنشاءات الهندسية المصرية الهادفة لتأمين الحدود؟! صلاح عيسي الكاتب والمؤرخ أوضح أن الجماعة الإسلامية والجهاد والتكفير والهجرة كانت تطوراً طبيعياً للتنظيم الخاص، وطالب بخوض معركة فكرية مع الإخوان. ويري عبد الستار المليجي أحد القيادات السابقة للإخوان أن ما يحدث الآن في مكتب الإرشاد هو انكشاف للتنظيم الخاص وليس ميلاداً رابعاً كان يقود الجماعة ويعيث بقواعدها ويحركها بدون علم أو سيطرة من القيادة المعلنة ومكتب الإرشاد مستدلاً علي ذلك بقدرتهم علي حسم الانتخابات من خلال جهاز سري وتصريحات مهدي عاكف المرشد السابق عندما قال هناك شيء في الجماعة لا أفهمه.