كتب - وائل لطفي علي غرار القصة الشهيرة للجاسوس السوفيتي الذي لم يكن له دور سوي أن يصدر القرارات الخاطئة خدمة لأعداء وطنه، يمكن للمرء أن يجزم أن مصر يعيش فيها عدد معتبر من نفس الطراز يمكنك أن تسميهم أعضاء حزب (بص العصفورة)! وهؤلاء يتمتعون بحرية الحركة بين جميع الصفوف حكومة علي معارضة علي (بين بين). (بص العصفورة) هي العبارة التي كانت تقال لنا زمان ونحن أطفال بغرض إلهائنا عن المطلب الأساسي الذي كنا نتمسك به ونشعر أن حياتنا تتوقف علي تحقيقه فنبكي ونصمم ويعلو صوتنا فيقال لنا (بص العصفورة) ليتبخر كل شئ ونرفع أعيننا الصغيرة للسماء لننظر للعصفورة فنجد غالبا إنه لا عصفورة هناك ولا يحزنون، وحين نسأل يقال لنا إن العصفورة كانت موجودة ولكنها طارت! ولو تأملت في كثير من أحوالنا ستجد أن نفس منهج (بص العصفورة) يستخدم بصيغ شتي وفي قضايا مختلفة! هذا مجتمع يواجه تحديات كبري تتعلق ببقائه، والجميع يتفق علي وجود هذه التحديات وعلي ضرورة خوضها لكننا لا نستطيع لأننا دائما نترك الموضوع الرئيسي وننظر للعصفورة! علي سبيل المثال الحكومة قبل المعارضة فضلا عن كبار المفكرين يدركون خطورة وحيوية مسألة إصلاح التعليم وهناك عشرات الأوراق تدرس ومئات الاقتراحات تقدم وعشرات الخطوات يجري العزم علي اتخاذها لكن شيئا ما لا يتخذ وإذا كنت لا تعرف لماذا ؟يمكن أن أقول لك لماذا؟ نحن نترك الموضوع الرئيسي وننظر للعصفورة، نفس الأمر في العجز عن التعامل مع أزمة بسيطة مثل أزمة جمع القمامة من الشوارع، نحن لا نتعامل مع القضايا الكبري في حياتنا لأننا لا نركز ولا يراد لنا أن نركز تصحو صباحا فيقال لك (بص العصفورة) البرادعي سيرشح نفسه للرئاسة تترك القضية الأساسية التي ينبغي أن تنشغل بها كمجتمع لانها قضية حياة أو موت و تنظر في اتجاه الموضوع لتتأمله، فتخرج عليك صحيفة أخري وبرنامج آخر ب(بص العصفورة) عمرو موسي هو الذي سيرشح نفسه للرئاسة! تنظر في اتجاه العصفورة الجديدة وقبل أن تكمل استدارة وجهك لتري ما الموضوع، تفاجأ بعصفورة جديدة عليك أن تنظر لها وهي إنه لا هذا ولا ذاك سيرشح نفسه! وبالطبع فإن القضية التي ضربت بها المثل هي قضية مهمة وجادة لكن المعالجات التي قدمت لها غير جادة لأن الذين طرحوها طرحوها بطريقة (بص العصفورة) سواء كانوا واعين لهذا أو غير واعين، نفس الأمر ينطبق علي قضايا أخري كثيرة هي بمثابة عصافير أخري نتابع حركتها في السماء فتشغلنا عن النظر إلي ما بين أيدينا، والسبب هو أننا لم نجتهد في تحديد أولويات وتركنا الأمور عائمة وغائمة ،ولم نحدد أولوياتنا ولا ماذا نريد أن نفعل ومتي. لذلك نبقي دائما وأمامنا مئات الأولويات التي تتعارض مع بعضها البعض، والنتيجة أننا لا نحقق أي أولوية منه وننظر غالبا للسماء بحثا عن (عصفورة) غالبا ما نكتشف إنها طارت!