عمرو القماطي: 30 يونيو أعادت بناء الوطن ورسخت قيم التعايش    تحرك برلماني بسبب وفاة الحجاج.. وتشديد الرقابة على كيانات الحج الوهمية    «البيئة» تنظم حوار وطني لتسريع تنفيذ مبادرة ال 100 مليون شجرة    استقبال 1186 رأس ماشية بمجازر الغربية خلال أيام عيد الأضحى    حزب الله: استهدفنا تجمعا لجنود الاحتلال داخل موقع السماقة    «حماس» تعلن تنفيذها كمينًا مركبًا لجنود وآليات الاحتلال من المسافة صفر    بريطانيا تكشف عن فقدان طاقم السفينة "توتور" المستهدفة من الحوثيين    بعد انتهاء موسم الحج 2024.. السعودية تبدأ إصدار تأشيرات العمرة واستقبال المعتمرين    شاهد الآن Italy vs Spain.. مشاهدة منتخب اسبانيا × ايطاليا Twitter بث مباشر دون "تشفير أو فلوس" | يورو 2024    مصدر من الأهلي ل في الجول: لم نتلق عرضا رسميا من الوحدة لضم الشناوي.. وموقف النادي    عودة بطولة الأفروآسيوية.. مواجهة منتظرة بين الأهلي والعين الإماراتي    السكة الحديد تعلن تخفيض سرعة القطارات لإرتفاع درجات الحرارة حفاظاً على سلامة الركاب والمعدات    "ماشية بالصدفة".. طلقة طائشة في مشاجرة مسلحة تقتل أم لأربع بنات في قنا    مصرع شخص أسفل عجلات قطار في البدرشين    تزامنا مع احتفالات العيد.. إقبال كبير على إصدارات هيئة قصور الثقافة    إلهام شاهين عن فيلم "ولاد رزق 3": "من أقوى أفلام الأكشن"    السيسي وجه بإنقاذه.. قصة غرق ضريح الشعراوي بمياه الصرف    الصحة تتخذ إجراء ضد الصيادلة المتخلفين عن استلام التكليف، اعرف التفاصيل    هيئة الدواء المصرية توضح العلاقة بين تناول اللحوم والإمساك    رومانيا: تبرعنا لأوكرانيا بمنظومة باتريوت مشروط بحصولنا من الناتو على مثلها    على خطى قادة الفكر العربي.. الفيلسوف الخشت في دراسة علمية جزائرية حول منهجه وفكره التنويري    مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديد سوف يتأخر    تنفيذا لتكليفات القيادة السياسية.. وزير الزراعة يتابع تجربة زراعة الجوجوبا في غرب المنيا ويوجه باستمرار قياس نتائجها    إنهاء قوائم الانتظار.. إجراء مليونين و245 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة    تقديم موعد العطلة الصيفية فى الكويت ضمن إجراءات ترشيد استهلاك الكهرباء    التعليم الفلسطينية: أكثر من 600 ألف طالب بغزة حرمهم الاحتلال من استكمال الدراسة    ياسر الهضيبي: ثورة 30 يونيو ستظل نقطة مضيئة في تاريخ مصر    وفد من الأهلي يعزي أسرة نورهان ناصر التي لقيت مصرعها بعد مباراته مع الاتحاد السكندي    عمرو السولية يقترب من الظهور في تشكيل الأهلي أمام الداخلية    مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى    يزن النعيمات يفتح الطريق للأهلي للتعاقد معه في الصيف    7 ضوابط أساسية لتحويلات الطلاب بين المدارس    رصد وإزالة حالات بناء مخالف وتعديات على الأراضي الزراعية بالجيزة - صور    تراجع مبيعات السيارات الجديدة في أوروبا بنسبة 3% خلال شهر مايو    قيثارة السماء.. ذكرى رحيل الشيخ محمد صديق المنشاوي    إجراء اختبارات إلكترونية ب147 مقررًا بجامعة قناة السويس    ضبط عاطلين بحوزتهما كمية من مخدر الحشيش بالمنيرة    محافظ القاهرة يعلن نجاح خطة استقبال عيد الأضحى: وفرنا احتياجات المواطنين    مصدر مقرب من عواد ليلا كورة: الغياب عن التدريبات الجماعية بالاتفاق مع عبد الواحد    تركي آل الشيخ عن فيلم عمرو دياب ونانسي عجرم: نعيد ذكريات شادية وعبدالحليم بروح العصر الجديد    خبيرة فلك تبشر العذراء والأسد وتُحذر الحوت والجوزاء    تنسيق الجامعات 2024.. برنامج تصميم العمارة الداخلية بقسم الديكور بكلية الفنون الجميله جامعه حلوان    مصدر: لا صحة لإعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات    في يومهم العالمي.. اللاجئون داخل مصر قنبلة موقوتة.. الحكومة تقدر عددهم ب9 ملايين من 133 دولة.. نهاية يونيو آخر موعد لتقنين أوضاعهم.. والمفوضية: أم الدنيا تستضيف أكبر عدد منهم في تاريخها    الداخلية تحرر 133 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بترشيد الكهرباء خلال 24 ساعة    محافظ الشرقية يأمر باصطحاب أسرة طفل حديث الولادة بسيارة حكومية لتلقي التطعيم    حرمان 39 ألف طالب فلسطيني من امتحانات الثانوية العامة في غزة    بالأسماء.. ارتفاع عدد الوفيات في صفوف حجاج سوهاج ليصل إلى 7    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    الإفتاء توضح حكم هبة ثواب الصدقة للوالدين بعد موتهما    الإسكان: 5.7 مليار جنيه استثمارات سوهاج الجديدة.. وجار تنفيذ 1356 شقة بالمدينة    "البديل سيكون من أمريكا الجنوبية".. اتحاد الكرة يتحرك لاختيار حكام مباراة الأهلي والزمالك    تقرير: واشنطن لا ترى طريقا واضحا لإنهاء الحرب في غزة    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    الركود يسيطر على سوق الذهب وإغلاق المحال حتى الإثنين المقبل    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله كمال يكتب :استقلال القضاء ليس في يد الرئيس وحده

عبدالله كمال يحلل الخطاب الرئاسي في «دار القضاء».. ويقارن بين عصرين
استقلال القضاء ليس في يد الرئيس وحده
مبارك في البيت الأعلي للعدل يحتفل بملحمة قضاء مصر في ذكري إنهاء آثار مذبحة 1969
روعة الاحتفال لم تمنع الرئيس من أن يذكر القضاة بما عليهم من مسئولية لحماية استقلالهم
من شروط الهيبة: شئون القضاء لابد أن تبقي بيد القضاة.. بعيداً عن الإعلام ومسارح التنابذ
لا أعتقد أن أياً من أبناء ثلاثة أجيال علي الأقل يذكر ما جري في عام 1969 . ذلك الذي يعرف سياسيا وتاريخيا باسم «مذبحة القضاة».. واسماه الرئيس مبارك بالأمس في خطابه بدار القضاء العالي «محنة القضاء».. في هذه السنة.. وبسبب غضب الرئيس جمال عبدالناصر من بيان أصدره نادي القضاة طالبوا فيه بإزالة الأسباب التي أدت إلي هزيمة 1967 كان أن فصل كل قضاة مصر.. وأعاد تعيينهم بعد استبعاد 200 منهم.. وهو الأمر غير المسبوق في تاريخ سلطة مصر القضائية منذ تأسست المحاكم الأهلية عام 1883 .
في مذبحة القضاء ألغي الرئيس جمال عبدالناصر مجلس القضاء الأعلي.. وحتي حين أعاد الرئيس السادات القضاة المفصولين بعد إجراءاته التصحيحية في عام 1971.. فإنه لم يأمر بعودة المجلس.. لكن مبارك فعل.. وكانت تلك خطوة تاريخية عظيمة.. تمثل علامة في تاريخ استقلال القضاء المصري.. الذي كان يحتفل بالأمس بذكري مرور 25 عامًا علي تلك العودة التي اتخذ قراراها مبارك.. إذ كان هذا في عام 1984 .
بالأمس قال مبارك مفاخرا- وهذا من حقه: «أعتز كل الاعتزاز بالقانون الذي صدر في سنوات ولايتي الأولي فأعاد مجلس القضاء الأعلي بعد غياب 15 عامًا.. وأزال آثار المحنة التي تعرض لها في عام 1969.. عاد بتشكيل خالص من شيوخ القضاة.. دون مشاركة من سلطة أخري.. وضع أمور القضاء بين أيديهم.. لتكون مسئولية شئون القضاة بين شيوخهم».
من هنا اكتسب احتفال الأمس أهميته التاريخية.. كما أن خطاب الرئيس اكتسب أهمية إضافية لأنه عاد ليسجل قولا بعد أن سجل عملاً وقانوناً انتصاره لاستقلال القضاء.. وضمانه لحصانات القضاة.
لقد كان حدث 1969 استثنائيا وسبة في تاريخ الدولة.. وكان بيان القضاة تعبيرا عن انشغالهم بشئون البلد ومصيره.. وفيما بعد.. وحين تطور الحراك في مصر.. وأصبح من حق الجميع أن يقول حتي ما يفوق ما قيل في عام 1969 أضعافًا مضاعفة.. فإن الدولة التي يقودها مبارك لم تتخذ إجراءً من هذا النوع.. بل إنه واصل بعد إعادته مجلس القضاء الأعلي العمل علي أن يقدم للقضاء مزيدا من المكتسبات التي تُرقي من مكانته واستقلاله واختصاصاته.
وبالأمس قال الرئيس: «لم تكن عودة هذا المجلس الموقر نهاية المطاف.. فلقد خطونا خطوة كبيرة في عام 2006 نحو المزيد من تدعيم استقلال القضاء بتعديل مهم في قانون السلطة القضائية عزز من قوة هذا المجلس واختصاصاته.. فجعل رأيه إلزاميا وليس استشارياً في كل ما يتعلق بشئون القضاء والنيابة العامة.. يتولاها المجلس ويباشر بشأنها صلاحيات الوزراء».
ليس هذا فقط.. بل إن الجميع يذكر.. وكما جاء علي لسان الرئيس بالأمس.. أن عودة المجلس الأعلي للقضاء كانت مقرونة بأن القانون أعطي حصانة للنائب العام.. بعدم جواز عزله.. وهو وضع قانوني غير موجود حتي في أعرق النظم القضائية في البلدان المتقدمة.. وهو وضع يضمن استقلال النيابة.. ويتعامل معها باعتبارها جزءًا من كيان القضاء.
واقعيا لم يكن الأمس هو اليوبيل الفضي لعودة المجلس الأعلي للقضاء.. ولكنه كان أيضاً ذكري السنة الأربعين للمذبحة التي ارتكبها الرئيس عبدالناصر.. وشتان الفارق بين الحدثين.. بين رئيس- مع كامل الاحترام التاريخي له- يقدم علي خطوة من هذا النوع تطعن في منظومة الشرعية وتهدر كيان سلطة أساسية.. وبين رئيس يحتفي به شيوخ القضاة لأسباب مختلفة أهمها إصراره علي استقلال القضاء كما جري بالأمس في قاعة عبدالعزيز باشا فهمي.. وهو أول رئيس لمحكمة النقض.. في عام 1931 .
الأمس- من زوايا متنوعة- كان عامرا بالرسائل في اتجاهات مختلفة.. وهي رسائل لابد من أن نقف عليها وأن نمعن النظر فيها:
1- إن الرئيس ذهب إلي السلطة القضائية تماما كما أنه يذهب إلي مختلف ممثلي السلطات الدستورية في البلد.. وقد كان قبل أسابيع يلقي خطابه الدوري بين ممثلي السلطة التشريعية «مجلسي الشعب والشوري».. في مجلس الشعب.. أحد أهم بيوت الشرعية وأحد أهم بيوت الدستور.. وقد كان بالأمس في بيت آخر من بيوت الدستور ودعمائه.
2- إن تلك هي المرة الثانية خلال عام التي يذهب فيها الرئيس إلي منبر قضائي في مناسبة تاريخية.. إذ إنه في مارس الماضي احتفل مع المحكمة الدستورية بمرور 40 عاما علي نشوء القضاء الدستوري في مصر.. وقتها أكد أيضا الرئيس احترامه لكل الأحكام الدستورية وأن الدولة نفذت كل الأحكام التي أصدرها.. وأن تلك الأحكام هي مدعاة فخر القضاء المصري. 3- هذه الإعلانات المتكررة من الرئيس وفي بيوت القضاء التي هي بيوت الدستور وحصون الشرعية.. إنما تشير إلي اقتناعه كرئيس والتزام الدولة كمؤسسة بكل مقومات الشرعية.. فهي البنيان الذي يقوم عليه أساس العلاقات وتوازن السلطات وطبيعة التفاعل القانوني بين كيانات المجتمع ومواطنيه.
4- إن هذا رئيس له وضعية خاصة في التاريخ.. ليس فقط لأنه الوحيد تقريبا منذ انطلقت الثورة الذي راكم فوق ما بنته الليبرالية المصرية والكفاح القانوني والنضالي المصري قبل عام 1952.. ولكن لأن التزاماته تلك إنما حمت البلد من معضلات هائلة لو أنه لم يفعل.. وهو من ناحية يضيف إيجابيا.. ومن ناحية أخري يضيف بامتناعه عن تجاوز حدود من أي نوع قد تؤثر في الشرعية.. ومن هنا يكتسب مكانته.. وتنمو وضعيته.
وفي هذا السياق فإن من الواجب التركيز علي أنه - أي الرئيس- يري في خطواته تلك عملاً واجبًا.. بل يضيف: «إن استقلال القضاء ليس منحة من أحد أيا كان.. وإنما هو ركيزة أساسية من ركائز دستورنا ومجتمعنا ومنهج في الحكم ألتزم به عن إيمان ويقين».
5- ولكن الرئيس -وتلك رسالة أخري- يعود لكي يحدد معني مهماًَ في تعريفه لاستقلال القضاء- من أحد الجوانب- حين يقول: «الحفاظ علي استقلال السلطة القضائية لا يكون في مواجهة غيرها من السلطات فحسب.. وإنما يتعين الدفاع عنها في مواجهة أي تهديد لحياد القضاء ونزاهته وأي تصرف ينال من تجرد قضاته ومصداقيته».
وأحسب أن الرئيس -أقول أحسب- إنما كان يشير إلي أن استقلال القضاء يقوم أيضاً علي ما ينتهجه القضاة أنفسهم.. ودليلي علي هذا إنه قال مستحضرا المعاني العظيمة لكلمة عبدالعزيز باشا فهمي في افتتاح محكمة النقض عام 1931: «إن القضاء المصري بتراثه القانوني الراسخ.. وخبرات شيوخه وفقهائه.. قادر علي التفاعل مع معطيات مجتمعنا دون التعرض لما ينال من هيبة قضاتنا ورصانتهم ومكانتهم الرفيعة وبعيدًا عن أي انحيازات عقائدية أو سياسية.. أو أي مصالح ضيقة لأفراد أو جماعات».
فهل كان الرئيس بذلك يشير إلي المواقف التي يتخذها بعض القضاة بناء علي انتماءات سياسية.. وانحيازات تضر بمعني الاستقلال من حيث الشكل والمضمون؟ ربما.. لكنه علي الأقل أردف يقول: «إن الحكمة تقتضي أن تظل شئون القضاء بيد القضاة.. ولا يصح أن تكون محلا لتناول الإعلام.. أو مسرحاً للتنابذ والاختلاف خارج نطاق مجالس القضاة وهيئاتهم القضائية بالمخالفة لتقاليد عريقة وراسخة.. تحفظ للقضاء هيبته وللقضاة كرامتهم ووقارهم.. وتعزز ثقة الشعب في هذا الصرح المصري الشاهق وأبنائه الأجلاء».
ويأتي كلام الرئيس واضحًا.. ومعبرًا عن منهجه.. فهو لا يأمر القضاة.. وإنما يتحاور معهم.. باعتباره رأس سلطة دستورية.. ورأس الدولة.. وهنا الاختلاف بين العصور.. وهنا الاستفادة من معني الاحتفال.. فقد كان يمكن أن يمر الخطاب بدون التطرق إلي موضوعات تكتسب قدرا من الجدل بين القضاة أنفسهم.. وتعتمل مناقشاتها فيهم.. وهو ما أعتقد أن الرئيس ينحاز فيه إلي الشيوخ الأجلاء الذين يرغبون في الحفاظ علي تقاليد وقيم قضاء مصر.. وكل كلمة للرئيس تحمل معني إذا ما فهمت أيضاً بمعانيها المخالفة.
ولذا فإنه حرص وهو يقول ذلك علي أن يقول إنه يعلن هذا «من موقع الاعتزاز بقضاء مصر وقضاتها.. وما أحمله من التوقير والاحترام للمنصة العالية للقانون بهيبتها وجلالها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.