أما المسيح عيسي أبن مريم فقد كان آخر أنبياء بني إسرائيل من بعد موسي، وقد كان رسولا إلي بني إسرائيل فقط، وقد آتاه الله الكتاب وهو التوراة مع بعض التغييرات الطفيفة، أما الإنجيل فكان رسالة شفهية ولم يكن مخطوطا، فلم يخطه المسيح ولم يأمر اتباعه بخطه في صحف ككتاب موسي، وإنما خطه بعض اتباعه من بعده، وهذا الكتاب يشتمل علي عدة موضوعات، هذه الموضوعات هي: الحكمة، والعلم، والإنجيل، والإنجيل هو وحي أوحي الله به إلي رسوله عيسي بن مريم، يتضمن بعض الأحكام غير الموجودة في التوراة، قال تعالي: (وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه). (47- المائدة)، إذن فالإنجيل يتضمن بعض الأحكام التي لم ترد في التوراة، كإباحة بعض المحرمات الواردة في التوراة، وهو ليس كتابا عاما مفصلا شاملا ككتاب موسي، وإنما فيه العلم بكتاب موسي، وعلم التوراة، وعلم الإنجيل، وآتاه الله أيضا الآيات البينات، قال تعالي: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيا). (30- مريم). (وَيعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ* وَرَسُولاً إِلَي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيكُونُ طَيرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِيءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيي الْمَوْتَي بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَينَ يدَي مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ). (48: 50- آل عمران). (وَقَفَّينَا عَلَي آثَارِهِم بِعَيسَي ابْنِ مَرْيمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَينَ يدَيهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَينَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًي وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَينَ يدَيهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًي وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ). (46- المائدة). (وَلَمَّا جَاء عِيسَي بِالْبَينَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَينَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ). (63- الزخرف). أوعية الرسالات: لم تكن جميع الرسالات السماوية مخطوطة في صحف، بل كان البعض القليل منها هو المخطوط في صحف، أو مخطوط في زبر، كما أخبر القرآن الكريم، أما بقية الرسالات الأخري فكانت رسالات شفهية محفوظة في الذاكرة، وغير مخطوطة في صحف أو زبر. وسوف نتناول الرسالات الإلهية من حيث خطها وحفظها، وذلك علي قسمين علي النحو التالي: 1 - الرسالات المخطوطة : أما الرسالات المخطوطة فلم يذكر القرآن الكريم عنها سوي: صحف إبراهيم، وتوراة موسي، وزبر داود، وقرآن محمد عليهم السلام. فكتاب إبراهيم وكتاب موسي قد خطا في صحف والصحف: جمع صحيفة وهي: تدل علي سعة وانبساط في الشيء. وهي الشيء المنبسط والمتسع المخطوط فيه. قال تعالي: (أَمْ لَمْ ينَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَي* وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّي). (36? 37- النجم). وقال تعالي: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَي* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَي). (18? 19- الأعلي). أما رسالة داود فقد خطت في زبر، جمع زبور، والزبور: عبارة عن قطع من المطويات التي يخط فيها الناس ما يكتبون. قال تعالي: (وَآتَينَا دَاوُودَ زَبُورًا). (163- النساء). أما محمد فكانت رسالته كإبراهيم وموسي قد خطت في صحف قال تعالي: (رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً* فِيهَا كُتُبٌ قَيمَةٌ). (3- البينة). 2 - الرسالات الشفهية المحفوظة: أما بقية الرسالات فجميعها كانت رسالات شفهية محفوظة، لم يتم خطها في صحف أو زبر، وإنما قد خطها بعض الأتباع بعد موت رسلهم وأنبيائهم، ولم يخطها الأنبياء والرسل في حياتهم، كرسالة عيسي بن مريم، لأن من خط رسالته وهو حي من الأنبياء والرسل فقد خطها بأمر من الله، ومن لم يخطها أيضا لم يخطها بأمر من الله.