هناك مقولة تقرر أنه لاشيء جديد، كل شيء قد عمل أو قيل مسبقا، فأننا لا نذكر ماذا حدث قديما وإن الأجيال القادمة لا أحد سوف يتذكر ماذا فعلنا نحن في الماضي. إنه عالم الأسراء والخفايا، فإذا أردت أن تفهم ما يحدث وتستوعبه عليك أن تدرك ما قد مضي وانقضي، فمن خلال معرفتك بالماضي البعيد تدرك الحاضر، والمستقبل القريب، فإن الزمن في الغالب يتكرر بأشكال وأحداث وأسماء متشابهة ولأننا كثيرا ما ننسي، فإننا نشعر أن ما يحدث إنما هو جديد. ولكل زمان رجاله وكلماته وأيضا منظماته السرية فالمنظمات والطوائف السرية التي تزعم أنها تملك المعرفة القديمة كانت موجودة في الزمن الماضي والتاريخ السابق بأسماء أخري وشخصيات مختلفة. وقد مزجت هذه المنظمات السرية بين الأفكار الدينية والأفكار الفلسفية والرموز السرية لكل طائفة أو منظمة كما هو الحال مثلا في المنظمات الماسونية الرمزية. المسيح ابن مريم واليهود تقدم تلاميذ المسيح ابن مريم وسألوه، لماذا تكلمهم بالأمثال؟ فأجاب: لأنه قد اعطي لكم أن تعرفوا أسرار ملكوت السماوات، أما اولئك العامة -فلم يعط لهم ذلك، فإن من عنده المعرفة يعطي المزيد فيفيض، أما من ليس عنده، فحتي الذي عنده ينتزع منه، لهذا السبب أكلمهم بأمثال، منهم ينظرون دون أن يبصروا ويسمعون دون أن يسمعوا أو يفهموا، لقد كان حديث كلام المسيح عليه السلام لليهود بالرمز والمثل كي يفهموا ما يقوله لهم. فالقاعدة هي أن نخاطب الناس علي قدر عقولهم كي يفهموا، ورغم أن أمثاله واضحة وأنهم فهموها جيدا، الا أنهم رفضوا اتباعه، لأنه جاء لهم علي غير ما كانوا يريدون، فهم يريدون رسولا ملكا يحكم ويسيطر ويقتل ويغفل الأفاعيل من أجل السيطرة علي الشعوب وحكمها، لذلك فهم لم يعترفوا بالمسيح ابن مريم عليه السلام ومازالوا ينتظرون المسيح الآخر حتي اليوم، لأن في اعتقادهم الخاطيء أن المسيح لم ينزل حتي الآن، وأنهم ينتظرون مسيحا آخر علي شاكلتهم، أنهم ينتظرون المسيح الدجال، مؤسس الماسونية وراغبتها وزعيمها الأول والأخير وتقوم عقيدتهم علي عقيدة الأسرار والرموز للأشياء مثل الماسونية الرمزية العامة. الشقاق بين الطائفتين كان أتباع المسيحية منذ ظهورها في القرن الأول الميلادي من اليهود الذين أتبعوا السيد المسيح عليه السلام. لقد ارسل المسيح إلي بني اسرائيل، فهو أحد أنبيائهم إلا أنهم كعادتهم مع الأنبياء والرسل حاربوه وانكروه وحاولوا قتله وصلبه والقلة القليلة آمنت به وأتبعته ثم انتشروا من بقاع الأرض يبشرون بدعوته ويدعون غير اليهود إلي الايمان برسالته. وظهرت طائفتان، إحداهما وهم المسيحيون من بني اسرائيل، الأخري طائفة المسيحيين من الشعوب الأخري من اليونان وغيرها. وظهر الشقاق بين الطائفتين من القرن الأول، فقد هاجم اليهود الأتقياء وغيرهم من الغرباء، لانشغالهم بممارسة رياضة المصارعة الرومانية والحديث والجدل حول مصارعيها وتركهم الصلوات في المناسبات الدينية. فلقد أعتقد المسيحيون الأوائل أن طاعة الشراع اليهود الصارمة كلها بما فيها الحقان أمر واجب علي المسيحيين حتي يتم لهم الخلاص. أما ما جاء به المسيح نفسه فكان مكملا لما جاء به موسي عليه السلام وأنبياء الله السابقون. ولذلك قال لليهود: ما جئت لأنقض القاموس إنما جئت لأكمله »وبحلول القرن الثالث تناقص عدد المسيحيين من غير اليهود الي الحد الذي صار فيه المسيحيون اليهود الأصل قلة قليلة، ثم هاجم المسيحيون الذين أتبعوا بولس غيرهم بالهرطقة والكفر وقالوا عنهم »إنهم بالمسيح ذاته« بالإضافة إلي »الأيسيين« والزادوكيين« وهم أتباع رئيس كهنة سليمان زادوك »لقرنين، يشرحون ويدافعون بالحجة علي ضوء كتب النبوءات في العهد القديم. الأيسيين طائفة يهودية عرفت باسم الأيسيين، واسس اليهود الأيسيون مجمعا خاصا بهم بعد اختلافهم مع نظرائهم اليهود الفرنسيين والصدوقيين وكانت ممتلكات الأيسيين مشاعا فيما بينهم، ولما أنضم إليهم المسيحيون جاءت العداوة فيما بينهم نتيجة أسلوب معيشتهم المشاعية.