في بيان عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بمناسبة احتفال العالم باليوم العالمي للشباب قال لنا: إن عدد الشباب في مصر من الفئة العمرية 15-29 23.519 مليون نسمة بما يشكل نسبة 31٪ من إجمالي عدد السكان في مصر وكان ذلك منذ سنتين أو يزيد أي أن هذا الرقم قد ارتفع إلي ما هو أكثر وأن التوزيع العمري للسكان يظهر أن الشعب المصري هو شعب فتي شاب فإذا أضفنا إلي هذا العدد من هم في قوة العمل فعلاً ممن يتجاوز هذه السن بقليل إلي الأربعين مثلاً سواء من يعمل أو كان قادراً عليه ولا يجد فرصة فإننا نجد أننا أمام قوة هائلة من الطاقة البشرية في مصر التي يمكن تنميتها وتأهيلها والاستفادة بطاقاتها الهائلة التي تصل إلي نسبة كبيرة تتجاوز ال70٪ من عدد السكان تقريباً. لكننا دائما نتحدث عن الشباب منذ قديم ويتمتع الحديث عنهم بالأولوية وتحديداً من هم في مفترق الطرق.. وبداية حياتهم العملية بحثاً عن إيجاد الفرص والتنمية فعندما علت قضية تحديث مصر مثلاً وكانت علي أولويات القضايا القومية منذ نحو عشر سنوات تقريباً.. كتب لنا العلماء والباحثون عن كيفية إعداد الشباب لتحديث مصر في مجال الأهداف العامة والاستراتيجية أو التنمية الشبابية في مجالات الاقتصاد والمنافسة العالمية.. أو التنمية الثقافية والسياسية والاقتصادية أو الرياضية وأن علينا الاعتماد علي التفكير العلمي القائم علي الإبداع والابتكار في مواجهة مشكلات الشباب لأن الشباب يملك رؤية رحبة تسمح له بأن يحلم ويتصور مستقبلاً أفضل وأن الأفكار العظمي والاقتراحات في التاريخ بدأت أفكاراً وتساؤلات وكان معظمها معتمداً علي الشباب. لكنه وبمنطق الأولويات الأهم علي المهم خاصة بالنسبة لجيل الشباب قلب الأمة وتحديداً من هم في مفترق الطرق ورغم كثرة الأبحاث والكتابات والتحليلات والخطط والاستراتيجيات.. والمناقشات.. عن موقع الشباب بين أحضان الدولة فإن نسبة كبيرة منهم يرون أن الخطاب السياسي والإصلاح مازالت أفكاراً نظرية وسياسية وأن الشباب يريد أن يجد ذلك واقعاً ملموساً في جميع المجالات وأن الجهات المعنية برعاية الشباب قد ترددت منذ قديم بين صناديق للرعاية أو التمويل أو وزارة عام 99 أو مجلساً قومياً للشباب مع الرياضة عام 79 ثم أخيراً مجلساً قومياً للشباب منذ ديسمبر عام 2005 وكل ذلك مسجل في التشريعات المصرية منذ السبعينيات.. القانون رقم 65/26 بشأن العمل في ميدان رعاية الشباب تم تعديله عام 72 ثم إنشاء صندوق أهلي لرعاية النشء.. القانون رقم 1181/5 وإنشاء للشباب المجلس الأعلي عام 79 ثم وزارة للشباب عام 99 ثم عودة إلي المجالس.. ثم ما آل إليه الحال أخيراً منذ عام 2005 بإنشاء مجلس قومي لرعاية الشباب ومازال الحديث والتكليفات الحكومية متواصلة بأن المستهدف من الإصلاح والتطور والنمو مزيد من فرص العمل للشباب وهو ما كان واضحاً في البرنامج الرئاسي الانتخابي وتكليفات الحكومة دوما ثم في خطاب الرئيس أمام المجلسين في 21 نوفمبر 2009 ومن قبل مناقشة القضية أمام المجالس التشريعية منذ عام 91 أي منذ ما يقرب من عشرين عاماً كل ذلك بحثاً عن خطة قومية للشباب والنهوض بتنميتهم ومهارتهم ومسايرة التطور العالمي. وفي الدستور المصري في باب المقومات الأساسية للمجتمع وأخصها المقومات الاجتماعية رعاية الدولة للنشء والشباب وتوفير الظروف المناسبة لهم لتنمية ملكاتهم فضلاً عن تهيئة كل المقومات التي تضمن لهم المشاركة في الحياة وترسيخ المواطنة والإيمان بتكافؤ الفرص والمساواة ورعاية التعليم والبحث العلمي والإبداع. وبذا منطق الأولويات تعالوا بنا نبحث عن علاقة الشباب وموقعه بين أحضان الدولة إذا مازال معظم الأغلبية منهم ممن أنهوا دراستهم ومستعدون للعمل ومؤهلون.. مازالوا يبحثون سواء في مجال الوظيفة المناسبة أو فرص للاستثمار.. أو المشروعات أو الأعمال الحرة ومنهم من يسر الله عليه وعلي والديه لكنه يبحث عن الطريق الصحيح.. خاصة وسط تطلعات خيالية ومغرية في حالات مستفزة تقفز علي المجهول بعد أن أتيح للجيل الثالث تقلد المسئولية وقد قدموا الكثير.. لكننا جميعاً مطالبون بأن ننظر حولنا لنجد معظم الشباب في حاجة إلي من يقدم لهم المزيد.. هؤلاء الشباب.. يتطلعون إلي من يقدم لهم النصيحة المخلصة أو يرون فيهم القدوة من الجيل القديم أو الجديد.. أو سماع حالات كفاح وقصص نجاح حقيقية.. حتي يهدأ بالهم وتطمئن قلوبهم.. ونفسح لهم الطريق.. عندما يجدون الحكمة في التأني والجهد المتواصل وعدم القفز إلي الهاوية أو المقامرة بغير حساب نسمع عن مشروعات وجهات وجمعيات تهتم شباب المستثمرين أو شباب رجال الأعمال أو الصناديق الخاصة لرعاية المشروعات الصغيرة تقول لنا إنهم لديهم العصا السحرية بالنسبة للشباب.. لكن معظم الشباب أنفسهم ينظرون حولهم فلا يجدون من يقدم لهم إلا الكلام والخطب وعقد الندوات. إن الدولة عليها أن تحتضن الشباب بشكل قومي بعيداً عن الاستقطاب السياسي أو التوجة المعنوي الحزبي لكن المشكلة كيف السبيل؟.. هذه هي القضية علينا أن نقدم للشباب.. الفرص.. ونفسح الطريق إلي العمل.. وتقدم القدوة.. ونماذج النجاح ونضرب لهم الأمثال.. فليس بالكلام وحده أو الندوات.. أو مراكز الطلائع.. حتي ولو كانت شبابية يتحقق بها الآمال والأحضان!