تساؤلات وملاحظات وتعليقات كثيرة طرحت في الندوة التي أقامها مركز رامتان الثقافي -متحف طه حسين- تحت عنوان "مستقبل المجلس الأعلي للثقافة" علي أداء المجلس خلال السنوات الماضية، أجاب عنها الدكتور عماد أبو غازي أمين المجلس موضحا رؤيته لعمل المجلس ولجانه، حيث طالبه الحاضرون بضرورة دمج الشباب بصورة أكبر في المجلس ولجانه، وإصدار مجلة فصلية تضم أبرز ما انبثق عن اللجان، ومعها أجندة فصلية لأنشطة المجلس ككل، كذلك إنشاء مجالس للثقافة بالمحافظات، وتطوير الموقع الإلكتروني، والاهتمام بمجال الثقافة العلمية سواء بإصدار كتب أو مجلات حولها، كما شددت عدد كبير من المداخلات علي ضرورة عدم استبعاد أو إزاحة أفراد بعينهم من التمثيل في اللجان، والمؤتمرات، كما حدث في الملتقي الأول للقصة القصيرة الذي غاب عنه العديد من رموز القصة من العرب والمصريين، كذلك أكد الدكتور حسام عقل أن الأجواء الثقافية محتقنة ومأزومة، لأسباب عدة منها جائزة الدولة التي حصل عليها سيد القمني، واليونسكو، ثم أحداث مصر والجزائر، وأن المجلس وأنشطته في حاجة للوصول إلي الجمهور، لأنه لا يصح أن يظل التنظير بعيدا عن التطبيق. من جانبه قال أبو غازي ردا علي التعليقات: الاحتقان لا يزال موجودا، والأوضاع ليست ممتازة، فمثلا ال "61" عضوا في المجلس الذين يختارون الحاصلين علي جوائز الدولة، يحصلون علي بدل حضور لاجتماعاتهم "يكسف"، وراتب أعضاء المجلس منذ عام 1980حتي الآن مائة جنيه، ومع ذلك فأنا أمين المجلس ولست المجلس، ولدي تصوراتي ورؤاي وأفكاري الخاصة، إلا أن القرار النهائي للجان المجلس وقياداته، وعلي المستوي الشخصي فأنا معجب تماما بنموذج العمل الثقافي في النصف الأول من القرن العشرين، الذي غلب فيه دور الجهات الخاصة، وإلي جانبها مؤسسات حكومية، ومؤسسات ذات طابع ربحي. وأضاف: لا توجد نية لإنشاء أي فروع للمجلس في المحافظات، فهناك هيئة قصور الثقافة، والهدف الرئيسي للمجلس هو التخطيط لسياسات وزارة الثقافة، كما أني أؤيد فكرة دمج الشباب في المجلس، ولكن من هم الشباب؟ لابد من تحديد أعمارهم، ورأيي أن من تعدي عمر الثلاثين لم يعد شابا بعد. وحمل أبو غازي اللجان مسئولية تأخر صدور الأجندة الدورية لأنشطة المجلس، لأنها لا تضع خطتها علي المدي البعيد، أما عن مجلات المجلس، فقال: المجلة الوحيدة الناجحة هي "مجلة الفلسفة والعصر"، أما الباقي فنسخها مكدسة في المخازن لا يخرج منها إلا الاهداءات، وهو ما يعد إهدارا للمال العام ولن أرضي به، لذا أفكر في إصدار مجلة واحدة فقط، أو 3مجلات تعبر عن شعب الفنون والعلوم والدراسات الأدبية والترجمة، وإن كانت الحقيقة أنه لا طاقتنا ولا الأموال المتاحة تسمح بذلك. أبو غازي أكد أن الخطر القادم آت من التعليم، وقال: إن كل ما تبنيه الثقافة يهدمه التعليم، الذي أصبح مُخترقا، يبث أفكارا هدامة في عقول الطلبة عبر مناهج هزيلة، وفي المقابل ينساق الناس خلف حملة تدعو لتفريغ المناهج من الحشو، ولكن كيف نفرغ ما هو في الأصل فارغ؟، فقد اختزلت المناهج في أسئلة وأجوبتها النموذجية، والسادة المعنيون ينقلون البرامج الأجنبية كما هي دون تعديل أو فهم. واعترف أبو غازي بتقصير المجلس في حق أفريقيا خلال السنوات الماضية قائلا: أفريقيا مجال حيوي واستراتيجي، وليس كافيا أبدا أن نترجم لهم كتبا، فلابد أن نتفاعل معهم بصورة أكبر، وأطمح لأن يعتبر المثقفون الأفارقة المجلس بيتا لهم، كما اعترف بخروج أنشطة اللجان عن هدفها الأساسي وهو وضع السياسات، التي لابد وأن تصب الندوات والأنشطة في اتجاهها، وأن عناوين الكثير من المؤتمرات غير مفهومة. وردا علي الاتهامات بشأن استبعاد المجلس لبعض التيارات عمدا قال: لم ولن يحدث أن نستبعد أحدا، المجلس ليس مؤسسة سياسية، ومادام هناك حوار ورغبة في التعاون، فبإمكان أي جهة التواصل معنا، ولكن العكس هو ما يحدث، ففي المؤتمر الأخير عن المرأة أرسلنا دعوات لبعض الشخصيات الشهيرة، لكنهم رفضوا وخرجوا يهاجموننا ويتهموننا بأننا لم ندعوهم، ولحسن الحظ لدي صور من الدعوات والردود، كذلك في ملتقي الشعر دعونا العديدين ورفضوا، كما أني نسقت مع الشاعر رفعت سلام لمؤتمر قصيدة النثر الذي لم يكتمل لأسباب عدة، ومن المنتظر في الأيام المقبلة صدور كتاب عن أشهر رموز شعر العامية، وسوف تقام ندوة خاصة لمناقشته. وعن جوائز الدولة قال: لست موافقا علي ذهاب جائزة القصة القصيرة للمصريين فقط، وزكريا تامر يستحق الجائزة بجدارة، كما أن جوائز الدولة تذهب جميعها للمصريين وقيمتها أعلي من الأولي، ولكن الأسماء التي ترشح لها مكررة والجامعات الإقليمية "غلابة" يرشحون الأسماء الكبيرة، كجامعة جنوبالوادي التي رشحت بهاء طاهر، وفي المقابل جامعة القاهرة التي رفضت يوما ما ترشيح رجاء النقاش لأنه ليس أستاذا، كما أن جائزة الدولة التشجيعية لا تذهب لمستحقيها، ومازلت لا أتصور شخصا عمره 70 عاما يحصل علي جائزة تشجيعية، ولكن للأسف الهيراركية تسيطر علي لجان الجوائز الذين يرفضون وجود مدرس مساعد بينهم، أو درجة علمية أقل من دكتور، كما أنني لا أستطيع منع حجب الجوائز، ولكنه بدأ يتراجع، ولعل السبب فيه هو أن اللجان تضع موضوعات لا يكتب فيها أحدا.