في الملتقي الأول لضبط الزيادة السكانية بمحافظات شمال ووسط الصعيد، قام المسئولون بالإعلان عن أرقام ونسب مخيفة عن الزيادة السكانية في مصر والتي يمكن أن يقال عنها في إطار هذه الأرقام انفجار سكاني.. إذ إن عدد المواليد في العام الحالي قد تجاوز 2 مليون مولود جديد!! وقد صرح وزير الصحة بنفسه بفشل خطط الوزارة لضبط الزيادة السكانية إذ إن الخطة التي تم العمل بها - علي حد قوله - لم تحقق سوي 43٪ من المستهدف فقط.. وهي نسبة تعني الإخفاق الشديد وعدم تحقيق تقدم يذكر في شأن محاولات حل المشكلة السكانية بتلك الخطط التي ثبت أنها واهية لأن العمل بها وبمثلها لم يحقق المطلوب علي مدي عقود. وبالرغم من ضخامة المشكلة السكانية في مصر وتفاقمها عاما بعد عام لم تغير الحكومات المتوالية استراتيجية مواجهة المشكلة ولم تجدد في منظور حلها أو تضع خطة شاملة لمجابهتها.. بل اعتمدت خططا صحية نصف اجتماعية مشتركة لم تأت بنتائج حقيقية حتي مع التدخل الإعلامي في بعض الأحيان وشن بعض الحملات الإعلامية الضخمة التي كان من المتوقع أن تساعد في توعية الناس للحد من المشكلة.. وأذكر حملة شهر رمضان الماضي وهي جيدة في نظري وقد أثني عليها كثيرون ولكن العبرة بالنتيجة.. ومن الواضح أن الجمهور المستهدف للحملة الإعلامية لم تصله رسالتها بعد.. لا تزال هناك محاور مهمة لم يتم التعامل معها في قضية الزيادة السكانية، ومنها: أولا الرجل.. إذ لم يتم التعاطي مع المشكلة علي أنها قضية أسرة بقدر ما هي قضية من قضايا المرأة.. علي الرغم من أن قرار الإنجاب هو قرار ذكوري بالدرجة الأولي خاصة في المجتمعات التي تفضل إنجاب الأولاد علي البنات من ناحية، وتؤمن بأن العدد الكبير من الأبناء يمثل عمالة مجانية من ناحية أخري. والمحور الثاني: هو انخفاض متوسط عمر الزوجة ليس علي مستوي المجتمعات الريفية فحسب، بل علي مستوي مجتمعات الحضر أيضا.. وبعد أن ارتفع متوسط عمر الزوجة في العقد الماضي، تراجعت النسبة مرة أخري لنجد الفتاة تتزوج عند سن 19 إلي 21 عاما!! وهي مشكلة لا تخص جهة واحدة بل تتعدي حدود الخطر من جميع النواحي إذ إن الفتاة في هذا العمر المبكر غالبا ما لاتكون مؤهلة علي الإطلاق للزواج والأمومة وتحمل المسئولية واتخاذ القرارات ولا يكون لديها الوعي الكافي ولا الإدراك للواقع، وبالتالي تكون سببا في انهيار الأسرة تماما. والمحور الثالث: والأهم، والذي يضبط كل المحاور المتصلة بقضية الزيادة السكانية هو القانون.. ألم تكف التجارب والخطط التي قمنا بوضعها وتنفيذها طوال عشرات السنين الماضية لندرك أنها وحدها ليست كافية؟ هل ما زلنا نتوقع أنه في غياب قانون ينقذ وينجز، سيقتنع الناس فجأة بتنظيم المواليد وينضبط النمو السكاني؟ هل ما زالت التوصيات بقصر الخدمات علي الطفلين الأول والثاني في الأدراج؟ متي يتم وضع قانون متكامل للأسرة المصرية ينظم علاقات أفرادها داخليا، وينظم علاقة الأسرة بالدولة أيضا؟