هل وضعت المادة 8 من أجل خالد محيي الدين فقط؟! هل أصبحت نصاً تذكارياً للديمقراطية الداخلية في بيت اليسار؟! ذلك البيت الذي أسسه الصاغ الأحمر بحسب توصيف الرئيس السادات له في أعقاب أزمة مارس 1954 والتي كان محيي الدين بطلها المنفرد أمام مجلس قيادة الثورة رغم أن العديدين من بعده قالوا أنهم كانوا يساندونه في موقفه لارساء الديمقراطية علي غير الحقيقة! الصورة الداخلية الآن تؤكد أن محيي الدين كان أكثر من آمن حتي الآن بالديمقراطية بين صفوف اليسار فعلا لا قولاً وخلف إرثا ناضجا في بداية تأسيسه وخاض التجمعيون علي خلفيتها معارك للمعارضة العاقلة والجادة علي أساس ما بناه لكن هل تمسكوا بما علمهم إياه حتي النهاية؟! بدون انحياز فالمشهد الداخلي في بيت اليسار يعكس بوضوح أن هناك محاولات من بعض فصائل التيار اليساري تحاول تحويل التجمع إلي حزب كرتوني رغم أنه ظل لفترات طويلة مظلة تجمع تحتها الماركسيون والثوريون والناصريون وتيارات أخري! ولكن الآن وبعد كل هذه السنوات يريدون أن يغيروا مساره ليصبح ببساطة فاقداً لهويته وهو ما تجدد طرحه بمناسبة الحديث عن اقتراحات تعديل المادة 8 من لائحة الحزب الداخلية التي تعطي للقيادي بالحزب فترة دورتين فقط في موقعه ابتداء من رئيس الحزب حتي آخر أمين قسم في أقصي محافظات مصر فهناك محاولات مستمرة لاستثناء البعض من مقصلة المادة 8 بعد أن كانت أيقونة لحيوية الحزب وتجدد نشاطه! وعلي خلفية ما جري من مناقشات حول تعديل اللائحة خلال الاجتماعات المشتركة بين المكتب السياسي والأمانة المركزية والتي تم الزج بأحد الاقتراحات يعطي استثناء لبعض أمناء المحافظات أو الأقسام بالموافقة علي التجديد لأمين المحافظة أو أمين القسم لدورة ثالثة بشرط موافقة ثلثي لجنة المحافظة خوفاً من وقوع المحافظة أو القسم بعد خروج الأمين! والسؤال الأهم هنا: هل فقد الحزب عضويته بحيث تكون المادة 8 هي حبل الانقاذ لمحافظات وأقسام؟! وهل فقد الحزب عضويته بحيث يتعذر أن يجدوا شخصاً يتولي مثل هذا الموقع؟ هل انعدمت القيادات داخل بيت اليسار؟! لماذا إذن كان الدكتور رفعت السعيد يكرر متباهياً أن الحزب هو المسئول عن الاضرابات الاعتصامات والمعارك الجماهيرية التي خرجت خلال الأعوام الماضية ومنها اضراب عمال المحلة واضراب موظفي الضرائب العقارية؟ هذا إذن هو حال الحزب علي لسان رئيسه فكيف إذن يتحدثون عن استثناء إذا كانت هناك كوادر وراء مثل هذه المعارك الجماهيرية؟.. وهناك تبادل في المواقع الحزبية سواء مركزياً أو في المحافظات أم أن للتعديل ابعاداً أخري وهو ببساطة أن يستمر الدكتور رفعت السعيد رئيسا للحزب لدورة ثالثة؟! وبالتالي غلق الباب أمام أي قيادي بالحزب يطمح في الوصول لمنصب رئيس الحزب هذا علي الرغم من أن الدكتور رفعت نفسه أكد في أكثر من مرة أنه لن يستمر لدورة ثالثة لكن نائب رئيس الحزب الدكتور سمير فياض قال خلال الاجتماع المشترك لو عايزين نستثني يبقي الاستثناء للكل! داخل الاجتماع أشعل الاقتراح فتيل الأزمة بين قيادات الحزب من جديد مما أدي إلي انتشار بعض الشائعات عن وجود سيناريو مسبق قام بإعداده بعض القيادات بعلم رئيس الحزب لطرح تعديل اللائحة كمقدمة لاتاحة فرصة ثالثة له واتخذت الشائعات طابعاً جبهويا وهو ما نتج عنه مزيد من الاحتقان بين الأطراف الداخلية المتصارعة علي المواقع! د. زهدي الشامي عضو اللجنة المركزية قال لنا إن هذا السيناريو ليس بعيداً عن السعيد لأنه كان يستطيع ببساطة أن يفعل كما فعل خالد محيي الدين رمز الحزب التاريخي الذي يعتبر أول رئيس حزب يترك الرئاسة بعد انقضاء دورتيه بإرادته الخاصة ورفض الانصياع لمثل هذه الدعاوي! وأكد الشامي أن الدليل علي ذلك هو أن الدعوة لمراجعة المادة 8 وتعديلها بدأت من رئيس الحزب نفسه في دائرة الحوار عندما تحدث فيما يخص امناء المحافظات وبذلك فتح الباب لتناوله.. والنية في ذلك واضحة! لافتا إلي أن هذا الشك والهاجس تضاعف بعد دعوة د.سمير فياض للموافقة علي تجديد العهد لرئيس الحزب وهذا السيناريو كان يمكنه تفاديه برفض تعديل المادة تماماً وطرح هذه الشبهة. ويوضح الشامي أن هذا الاقتراح يخدم مصالح شخصية وعلي رأسها مصلحة د.فياض والذي سيحصل علي دورة جديدة كنائب رئيس حزب منبهاً إلي أنه في حالة الإصرار علي التعديل ستقوم معركة جديدة داخل الحزب خاصة أن التعديل يعتبر ردة سياسية ومحاولة للتمسك بالمواقع لأطول فترة ممكنة. ويشير مجدي شرابية الأمين المساعد لشئون التنظيم إلي أن شرف الحزب السياسي لا يسمح بتعديل هذه المادة في حين يتولي الحزب مخاطبة الحزب الحاكم بتعديل المادة 77 من الدستور الخاصة بمدة رئاسة الجمهورية وأن التعديل سيكون له أثر سيئ وسلبي علي صورة الحزب ومكانته لأنها أي المادة عامل مساعد في تجديد شرايين الحزب. وقال طلعت فهمي أمين لجنة الجيزة إنه قد يكون الهدف من اقتراح تعديل اللائحة تجديد مدة أخري لرئيس الحزب وهذا يفسره أن إعلان التعديل تزامن مع اقتراب انتهاء مدة رئاسته مؤكداً رفضه التام لأي تعديلات في هذه المادة علي جميع المستويات لأنها فرصة لتجديد شباب الحزب رغم أن اللائحة بأكملها مليئة بالمساوئ.. فالموقف ليس ضد رئيس الحزب إنما هناك العديد من القيادات المركزية استمرت في موقعها لمدة طويلة مما جعل الحزب يشيخ والشباب يحبط من عدم القدرة علي تولي أية مواقع قيادية!