وصف المعماري عصام صفي الدين عضو لجنة العمارة بالمجلس الأعلي للثقافة المساكن العشوائية بالاستيطان المتدني قائلاً: العشوائيات تمثل الشريحة المتدنية من العمارة الشعبية فهي تجمع خليطباً غير متجانس من السكان، مصاباً بالحزن والاكتئاب الجماعي والخوف الدائم من الأمن وهو ما يهدد بشكل مباشر الأمن القومي. جاء ذلك في ندوة لمناقشة كتاب التحضر العشوائي للدكتورة جليلة القاضي بالمجلس الأعلي للثقافة مساء الأحد 12/6 وهو الكتاب الذي أصدرته القاضي بالفرنسية عام 1987 بعد رسالة علمية أعدتها في أواخر السبعينيات وقد نشرته دار العين بالعربية مؤخراً كما يسعي المجلس القومي للترجمة حاليا إلي ترجمته إلي اللغات الأجنبية. وأضاف صفي الدين: نحن لا نقصد الإساءة إلي من يسكنون هذه العشوائيات لأنهم لم يجدوا بديلاً لها لظروفهم الاقتصادية الصعبة لكن جو العشوائيات غير الصحي يجعل سلوكياتهم الاجتماعية والدينية تتجه نحو الهبوط والتدني. وأعاد صفي الدين ظهور العشوائيات إلي فترة حكم محمد علي حينما استعان بالعمال والحرفيين من جميع أقاليم مصر للعمل بالصناعة التي أنشأها وقال: لكن الظاهرة بدأت تتبلور في فترة الستينيات حينما خلقت الثورة مصانعها في أماكن غير مناسبة. واستبعد صفي الدين: قدرة سمير غريب رئيس جهاز التنسيق الحضاري علي حل مشكلة العشوائيات لأنه لا يملك قرارات الهدم والإزالة وتساءل: أين المسئولون الذين عليهم الانتباه لهذه الظاهرة وحلها. واختلف صفي الدين مع المؤلفة قائلاً: ما تراه من عشوائيات لا علاقة له بالتحضر الذي جاء في عنوان الكتاب والأفضل أن نسميه تمدينا كما كان ينبغي عليها الإشارة لمن تسبب في وجود سوء التخطيط لهذا العمران وعاد ليقول: الكتاب يحتوي علي بيانات دقيقة وعميقة حول الظاهرة ويربطها بغيرها من الموضوعات كالتاريخ والتشريع والتصنيع والإدارة والسياسة والمجتمع وهو رصد للماضي وتشخيص للحاضر ومؤشر للكوارث المستقبلية. ومن جانبه ربط الدكتور أبوزيد راجح الرئيس الأسبق لمركز بحوث البناء بين العشوائيات كقضية اجتماعية وبين التوجهات السياسية وقال: علي التخطيط العمراني أن يكون له روية سياسية واعتبر راجح العشوائية كلمة ظالمة وقاسية وقال: هذه المساكن لها طريقة في تخطيطها الخاص بها ويمكننا تسميته إسكان الأهالي خارج النطاق الرسمي للدولة. واختلف راجح مع المؤلفة فيما طرحته من مقترحات وقال: من غير المنطقي إزالة العشوائيات أو نقلها إلي المناطق الصحراوية لأن هناك 17 مليون نسمة يسكوننها وهو ما يعادل عدد سكان بعض الدول. واعتبر راجح أن فترة الخمسينيات هي التي أوجدت الإسكان الشعبي لانتشار بلوكات العمال وليست فترة الستينيات التي أوردتها المؤلفة وقال: ساهم قانون الإصلاح الزراعي في خلق المشكلة لأنه فتت الأرض وترك لأصحابها حرية التصرف فيها كما أن التشريعات القانونية من أهم مسببات هذه الكارثة بداية من قانون تخفيض القيمة الإيجارية وقانون تثبيت القيمة الإيجارية بنسبة 7٪ من قيمة التكلفة وقانون ثبات الإيجار إلي الأبد وانتقاله لأقرباء الدرجة الثالثة ثم الاتجاه نحو التمليك مما أخرج نصف المجتمع من سوق الإسكان. وتحدثت الدكتورة جليلة القاضي قائلة: يبدو أن موضوع العشوائيات قد مثل بحثاً في الإعلام المرئي والمسموع وفي السينما والمؤتمرات لكن الكتاب يتناول تطور ظاهرة التحضر العشوائي ويربطها بالسياق التاريخي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي ظهرت فيه.