جامعة حلوان تكرّم خريجي برنامج نظم معلومات الأعمال "BIS" بكلية التجارة    «فيتش» تتوقع 2% خفضا في الفائدة خلال اجتماع المركزي المصري المقبل    وزير البترول: خطط جديدة لتعظيم القيمة المضافة من الخامات المعدنية ودعم الاقتصاد    GSS وزين السودان توقعان اتفاقية استراتيجية للذكاء الاصطناعي والأتمتة    الحوثيون بين "انتصارات عسكرية واقتصادية" على إسرائيل وانتهاكات حقوقية خطيرة    مركز الملك سلمان للإغاثة يواصل توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة    الزمالك يتعادل مع إس أي كا إف سي في دوري الكرة النسائية    شبانة معاتبا شيكابالا: "الأساطير لا تفشى الأسرار ومكانتك اكبر من ذلك"    تعادل سلبي بين مونشنجلادباخ وهامبورج في افتتاح الدوري الألماني    مؤتمر فيريرا: نتعامل مع ضيق الوقت.. وسأكون قلقا في هذه الحالة    تفاصيل غرق طفل وانتشاله من ترعة في السنبلاوين بالدقهلية    أفضل أدعية تعجيل الزواج.. تعرف عليها    مدير صحة المنوفية يقوم بجولة ميدانية على مستشفى تلا المركزي    «حماة الوطن» يختتم مشاورات اختيار مرشحيه لخوض انتخابات مجلس النواب 2025    «الإقليمي للدراسات»: قوات «اليونيفيل» شاهد دولي ويجب استمرار وجودها في الجنوب اللبناني    نجم مارسيليا يعود إلى اهتمامات إيه سي ميلان    «إنكار المجاعة أبشع تعبير عن نزع الإنسانية».. «أونروا»: الوضع في غزة جحيم بكل أشكاله    أحبها عن بُعد 10 سنين و«عزة النفس» أخّرت التعارف.. قصة علاقة وطيدة تجمع أنغام ب محمود سعد    قطع مياه الشرب عن عدة مناطق في أسوان (الموعد والسبب)    الجالية المصرية في فرنسا: المصريون بالخارج متمسكون بهويتهم ويفتخرون بوطنهم    انطلاق مبادرة القضاء على السمنة بعدد من الوحدات الصحية في قنا    المصريون بفرنسا ينظمون وقفة أمام القنصلية في مارسيليا| صور    انطلاق البرنامج التدريبي في علوم الصيانة والترميم بالمتحف القومي للحضارة    وزيرة التضامن تزور «بيت صغير» التابع لمؤسسة «يلا كفالة»    القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الأركان يلتقيان رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة الأردنية    خبز مسموم.. حين قتلت الغيرة أسرة بأكملها في دير مواس    هيفاء وهبي تشعل مسرح فوروم دي بيروت بحفل كامل العدد | صور    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن أسماء المكرمين في دورته الثانية والثلاثين    "طالعة قمر".. نادين الراسي تخطف الأنظار بإطلالة جريئة    مراسل "الساعة 6": المتحدة تهتم بأذواق الشباب فى حفلات مهرجان العلمين    «ناس مريضة».. حسام حبيب يكشف حقيقة عودته لشيرين عبد الوهاب| خاص    «تنظيم الاتصالات» يصدر نتائج استطلاع الرأي لمستخدمي المحمول والإنترنت| تفاصيل    رمضان عبدالمعز: الاحتفال بالمولد النبوي يكمن في محبة النبي والاقتداء بأخلاقه    الحكومة تدرس إقامة منطقة صناعية للجلود في برج العرب أو العلمين الجديدة    الساحل الشمالى بين الترف والجدل    حالة الطقس غدا الإثنين 25- 8- 2025 في محافظة الفيوم    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: محافظات الجنوب غير قادرة على استيعاب 1.3 مليون مُهجر قسريا    السكة الحديد تشغل القطار السابع لعودة الأشقاء السودانيين إلى وطنهم.. صور    النيابة العامة تطالب المواطنين الإبلاغ الفوري عن أي وقائع للتعدي على الحيوانات    النادي لم يتمكن من تسجيله.. جوهرة برشلونة يرفض الرحيل في الصيف    محافظ بني سويف يكرم مُسعفًا وسائقًا أعادا مليون ونصف لأسرة مصابة في حادث    «ماس في فيشة».. حريق في فيلا الفنان محمد صبحي والحماية المدنية تسيطر عليه (تفاصيل)    أيمن يونس يهاجم شيكابالا بسبب تصريح "الشيشة"    الجوازات تنهي إجراءات المرضى وكبار السن في دقائق.. صور    وزير الدفاع يلتقي عددًا من مقاتلي المنطقة الغربية العسكرية    الاحتلال يستهدف منتظري المساعدات والطواقم الطبية    وزير الصحة يبحث خطط شركة "أكديما" للتوسع في الصناعات الدوائية والتصدير    وظائف بنك القاهرة 2025.. اعرف التخصصات المطلوبة وأهم الشروط    بعد تدخل وزير الرياضة.. جدل قانوني وتنظيمي يحيط الأهلي بعد التتويج بكأس السوبر السعودي    رئيس حزب الإصلاح والنهضة يكشف تفاصيل مخطط الجماعة الإرهابية لاستهداف سفارات مصر    أجندة قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق ملتقى دهب واستمرار مهرجان مسرح الطفل وأوركسترا مصر الوطني يصل شرق الدلتا    الخوف من بيع الشقة.. جريمة هزت أبو كبير ضحيتها فنان شعبي على يد نجله    وزارة الصحة تعلن قرارا مهما بشأن صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية    التنكيل بالضفة... حملات اعتقالات واقتحامات إسرائيلية واسعة فى الضفة الغربية    يسري جبر: هذا جزاء من يتقن عمله    تراجع أسعار الدواجن والطيور الحية اليوم الأحد فى أسواق الإسماعيلية    "سيد الثقلين".. سر اللقب الشريف للرسول صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده    دعاء الفجر | اللهم يسّر أمورنا واشرح صدورنا وارزقنا القبول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب "ثقافة المهنة" في الإعلام المصري
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 08 - 12 - 2009

بداية نستأذن أهل الاختصاص في مجال الإعلام، تناول قضية هي من صلب اختصاصاتهم، واهتمامهم، وهم بها أحق وأجدر بالطرح، لكن ما قد يبرر تناولنا لها هنا أنها باتت حديث العامة والخاصة، خاصة بعد أن اختلط - كما يقولون - الحابل بالنابل، وضاعت الحدود والفواصل، وأصبحت الأغلبية في الإعلام المشاهد علي وجه الخصوص تعمل وفق "ثقافة الفهلوة" القادرة علي تحويل الأكاذيب إلي حقائق وأنها قادرة علي "خرم التعريفة"، ودهان "الهوا دوكو" صحيح أن هذه الفهلوة باتت نمطاً ثقافيا ملموسا في العديد من المواقع والمؤسسات لكنها لم تصل إلي الحد الذي وصلت إليه في الإعلام، خاصة الفضائي منه والذي سبق أن وصفناه بأنه المكرس للفساد، والمدمر للقيم والاخلاقيات فضائيات تصطنع وتختلق الأحداث والصراعات والحروب والحكايات، لتجد ما تتحدث فيه علي مدار 24 ساعة، وكل شيء بحسابه: ماديا ومعنويا، بل وتصفية حسابات.
ومن المضحكات المبكيات أنك تجد أن ما كان بينهم "ماصنع الحداد" من شتائم وهجوم، واتهام بالخيانة تجد هؤلاء وأولئك يجتمعون معا لا من باب التسامح أو ا لمسامح كريم، وإنما لأن هناك "سبوبة" ستتحقق لهم ولا بأس من التنازل عن المبادئ، إذا كانت لديهم أساسا مبادئ طالما أن هذا يحقق منفعة خاصة.
ومن المضحك المبكي أن هؤلاء وأولئك يطلقون علي أنفسهم "اعلاميين" لمجرد أن شاءت الأقدار - في هذا الزمن الردئ - أن يظهر في الشاشة، فإذا به يتحول إلي "وحش كاسر" ويطلق علي نفسه الإعلامي الخطير القادر علي تناول وتحليل كل القضايا في حين أن الحقيقة أنه "خالي الوفاض" من الإعلام ومتطلباته.
إنه وبكل صراحة ينطبق عليه المثل الشعبي القائل "شخشخ يتلموا عليك" أي جلجل واعمل "زيطة" تجتمع الناس حواليك، فالعملية ببساطة هي كيف تجذب المشاهدين، وبحجم المشاهدة تأتي الإعلانات، وتتزايد المكافآت والبدلات، والتي قد تصل في اليوم الواحد ما يعادل المرتب الشهري لأعظم أستاذ جامعة في مصر المحروسة، بل هناك من هؤلاء من يوصفون بالإعلاميين زورا وبهتانا من يحصل في اليوم الواحد ما يزيد عن المرتب الشهري لجميع أعضاء هيئة التدريس في القسم الواحد "اللهم لا حسد".
وياليت هؤلاء يقدمون خدمات ملموسة تفيد المصالح العليا للوطن، وإنما العكس هو تناول قضايا فارغة المضمون، بل وبالتأكيد تضر بهذه المصالح، وما حدث بالنسبة لمباراة كرة القدم بين منتخبين شقيقين مصر والجزائر خير دليل، فكادت أن تتسبب فيما لا يحمد عقباه في العلاقات العربية، ولا يخدم سوي أعداء الأمة العربية من الصهاينة، والاقليميين والمطبعين والعملاء.
ويبقي القول: إن هؤلاء أبعد ما يكونون عن الإعلام أو بتعبير أدق عن "مهنة" الإعلام كما يعرفها أهل الاختصاص في هذا المجال فالمهنة أيا كانت لها شروطها ومواصفاتها، ولا يمكن أن يوصف بها إلا من توافرت فيه هذه الشروط والمواصفات.
فالمهنة تتميز عن غيرها من الأعمال بأنها نشاط يتعلمه الفرد، ويحيط بمبادئه وقيمه ومتطلباته، والتمتع بالكفاءة العالية، والمقدرة الخاصة القائمة علي الدراسة النظرية المتعمقة والتدريبات العملية، يقوم بكل هذا في مؤسسات متخصصة، إلي جانب وضوح مجال عمل المهنة وتحديده، بحيث يقوم كل مهني بالعمل في مجال تخصصه، فوضوح طبيعة المهنة يعمل علي تدعيم ثقة الجمهور بها، ومن ثم تحقيق مهامها ووظائفها.
كما أن "المهنة" تختلف عن "الحرفة"، فالأولي تتطلب تمكنا في المعارف النظرية إلي جانب التدريبات العملية، أما الأخيرة - الحرفة - فهي علي العكس تماما، حيث تعتمد وفي الأساس علي الممارسات العملية، وهي - ومهما كانت المهارة فيها لا يمكن أن تصل إلي "المهنة" بمفهومها العلمي والتخصصي.
كما أن من متطلبات المهنة، أن يتوافر لدي صاحبها "الثقافة المهنية" التي لا تتوافر لدي الآخرين من غير أصحاب هذه المهنة ويقصد بالثقافة المهنية: مجموعة المعلومات والمعارف الفنية وأنماط السلوك المهني والقيم والأخلاقيات المرتبطة بها.
باختصار تتطلب المهنة وثقافتها تمكنا معرفيا وتدريبا عمليا مع استمرارية هذا التمكن، موضوح أهدافها، كما تعد مدة الإعداد للمهنة من أهم العوامل المحددة لأوضاع العاملين بها، ومكانتها الاجتماعية، فكلما طالت مدة الإعداد المهني كلما ساعد هذا علي الارتفاع والارتقاء بمستواها ومستوي العاملين بها.
وهذا يعني ببساطة شديدة أن ما يتشدق به الدخلاء علي مهنة الإعلام أنهم تلقوا تدريبات معينة ولديهم بعض المعارف في المجال لا يعدو إلا أنه "ضحك علي الذقون" وخداع للذات قبل أن يكون خداعا للآخرين.
لهذا ولغيره نناشد هؤلاء بالابتعاد عن أقدس مهنة وهي وليس غيرها مهنة الإعلام الآلية الجهنمية في تشكيل الرأي العام، كما نناشد أهل الاختصاص والحريصين علي حماية هذه المهنة من الدخلاء، التحرك وفورا لوقف هذه المهزلة التي تسيء إليهم قبل أن تسيء إلي هؤلاء الدخلاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.