حظيت أزمة دبي الاقتصادية وطلب إمارة دبي من الدائنين تأجيل سداد الديون المستحقة علي مجموعة دبي العالمية ونخيل العقارية البالغة 80 مليار دولار لمدة ستة أشهر باهتمام بعض مراكز الأبحاث الغربية اذ اعتبرها البعض فصلا جديدا في مسلسل الأزمة المالية العالمية، الا أن اللافت كان الاهتمام الواضح الذي أولته مراكز الفكر الأمريكية الموالية للمحافظين الجدد إلي هذه القضية خاصة معهد أمريكان انتربرايز ومعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني التي أظهر بعض باحثيها شماتة واضحة وعنجهية أمريكية مؤكدة في ما لحق بسمعة دبي العالمية كما جاء في تقاريرها كالتالي: ديفيد فرام: لا يزال عالمًا أمريكىًا الباحث بمعهد أمريكان انتربرايز كتب مقالا في صحيفة "ناشونال بوست" بعنوان "انه لا يزال عالمًا أمريكىًا" تظهر فيه شماتة واضحة فيما حدث لدبي التي كان البعض يعتبرها دليل تراجع الاقتصاد الأمريكي الذي يلوح في الأفق. ويقول انه كان من الغباء تصور ذلك خاصة في عهد جورج بوش لأن دبي تبني أطول برج في العالم ولأنها تشتري حق إدارة موانئ أمريكية بما يجعلها تبدو وكأنها أبرز مركز بنكي دولي نافيا أن يكون ذلك دليلا علي انتقال الثقل الدولي والقوة العالمية من أمريكا إلي دبي معتبرا أنها دليل علي ما يمكن وصفه ب"المنظرة". وقال ان مزاعم تحول دبي لمركز بنكي كانت غبية للغاية لأن الإمارة تصرفت كأنها صندوق تحوط أكثر من تصرفها كدولة؛ وهو ما بدا في اقتراضها من أسواق المال العالمية 80 مليار دولار لتمويل استثمارات عالمية في العقارات والموانئ والبيع بالتجزئة والكازينوهات وأي شيء.. كل ذلك مع فرض ضرائب منخفضة هي الأدني علي مستوي العالم (سواء علي الأعمال التجارية أو علي الدخل) لتجذب المستثمرين ورجال الأعمال بما يرفع من أسعار أراضيها ويعطيها ضمانات لتأمين ديونها واصفا ذلك بأنه "دائرة ممتازة". وأضاف ان المراكز البنكية يجب أن توفر لعملائها الأمان أي أنها تتطلب امتلاك قدرات عسكرية متطورة وهو ما تفتقده دبي بل واعتمدت علي الولاياتالمتحدة في هذا الخصوص شأنها في ذلك شأن القوي الاقتصادية الناشئة مثل كوريا الجنوبية وشيلي. واعتبر أن العلامات التي كان يراها البعض مؤشرا علي "عالم ما بعد أمريكا" مثل ناطحات دبي هي علي العكس رمز من الرموز التي تميز المدن الأمريكية. دورية "ذا أمريكان": تحذير من الصحراء بأن المزيد قادم كتب الباحث ديزموند لاكمان الباحث بمعهد أمريكان انتربرايز في الدورية التي يصدرها المعهد محذرا من أن دبي مثل القنبلة الاقتصادية الموقوتة التي يتوقع أن تنفجر. في نفس السياق، لفت تقرير اقتصادي نشرته الدورية إلي احتمال انتقال مكانة دبي العالمية إلي أبو ظبي بعد منافسة شديدة خاضتها الامارتان في السنوات الأخيرة، وهو ما تجلي عند عرض دبي لأكبر علم في العالم للامارات، لتبني أبو ظبي أكبر سارية علم في العالم بمصعد داخلي يكفي ثلاثة أشخاص. وبينما تعد أبو ظبي رائدة التزحلق علي الرمال، أنشأت دبي مركزا داخليا للتزحلق علي الجليد وأخيرا بنت دبي فندق برج العرب علي شكل الساري.. أنشأت أبو ظبي قصر الامارات. معهد واشنطن: سراب الرخاء؟ تساءل الباحث سايمون هندرسون بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني ان كان رخاء دبي سرابا جري الكثيرون وراءه، قائلا ان هناك مباني شاهقة علي ساحل الخليج تشبه مانهاتن الصغيرة لكن عدد المكاتب التي تم شغلها بالفعل وعدد المنازل الواقعة علي البحر التي تم بيعها يبقي مبهما. وأضاف أن برج العرب أصبح رمز المشيخة بالنسبة للزائرين المسرفين الذين يتوجهون لدبي، الا أن ارتفاع درجات الحرارة في الصيف وسلوكيات الاماراتيين المحافظين تجاه مظاهر الاسترخاء التي ينخرط فيها السياح طالما حدت من أن تتحول المدينة إلي مقصد للاجازات. وقال ان مشكلات دبي تنمو منذ عام مع تباطؤ البناء وانخفاضه بشكل جذري وعودة العمال الأجانب إلي بلادهم وانخفاض أسعار العقارات المحلية. مركز يساري: أزمة دبي ليست بداية الانهيار المالي في تحليل بمركز أبحاث العولمة الكندي اليساري، يحذر مايك ويتني من الديون التي تعاني منها الاقتصادات الناشئة علي غرار دبي خاصة في أوروبا الشرقية مؤكدا أن الأزمة الحالية في دبي ليست بداية الانهيار المالي، وذلك لأن ما حدث ليس اهمالا سياديا أو أنه يمثل خطرا كبيرا يمكن أن ينتقل لأماكن أخري . وذكر أن أبو ظبي تمتلك أصولا سائلة بقيمة 800 مليار دولار بما يمكنها من دفع ديون دبي دون أدني تأثر لكنها ترغب في أن ترسل لشقيقتها الصغري دبي رسالة تنبيه باجبارها علي اعادة هيكلة ديونها. وقال ان أزمة دبي تظهر أن الأزمة المالية لم تنته، وأنه في حال تواصل أزمة دبي فان الدولار سوف يكون أقوي. مركز الدراسات السياسية: لماذا دبي؟ كتب جون فيفر مقالا في "السياسة الخارجية في المركز" أحد مشاريع المركز البحثي، يقول ان دستور دبي كان تسجيل الأرقام القياسية في موسوعة جينيس فقد أنشأت الامارة أكبر متنزه في العالم ضعف حجم مدينة ديزني لاند، كما احتضنت أكبر مركز تجاري في العالم يحتوي علي أكبر حوض مائي وأطول مبني وأطول فندق وأكبر مطار دولي وأضخم جزيرة صناعية تضم أطول شاطئ صناعي في العالم. ووصف دبي بأنها تمثل كل أخطاء الاقتصاد الدولي، لأن توسعها كان مضمونا بفقاعة عقارات كبيرة وبقاؤها كان معتمدا علي استهلاك منحرف، مضيفا انه لا عجب في أن تحاول حكومة دبي أن تنأي بنفسها عن أزمة "دبي العالمية" وذلك لأن الاستراتيجية الجيدة تجعل الآخرين (مثل أبو ظبي الأغني) يجمعون ما تبقي.