حرك ما فعله الجزائريون في المصريين بالسودان ذكريات علاقتي بالجزائر أيام مقاومة الاستعمار الفرنسي مما دفعني إلي أن أفتش في ذاكرتي وأكتب حكاية قصة جميلة بوحريد وما جري للقصة حتي خرجت فيلما وحكايتي مع يوسف السباعي والممثلة ماجدة.. فأنتهزت فرصة مرضي لأخرجها من ذاكرتي وأنشرها في روزاليوسف ليعرف الجيل الجديد من أبناء الجزائر شيئا مما فعله المصريون من أجل قضيتهم.. وكيف خرج فيلم جميلة بوحريد إلي الوجود ويخجلون مما فعله البعض. كنت مهمومًا بقضية السلام وتحرير الشعوب وخاصة الشعوب العربية منذ أن تخرجت في كلية الحقوق بجامعة القاهرة وعملت بالصحافة لذا كنت علي صلة بجبهة التحرير الجزائرية التي كان مقرها جاردن سيتي وتمدني بأخبار كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي لأنشرها في الصحف التي أعمل بها، فطلبوا مني أن أجعل قضية إعدام المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد قضية رأي عام.. بأن أطالب بوقف تنفيذ إعدامها من خلال تحقيقات صحفية من خلال رأي الشارع المصري بمختلف طبقاته في جريدة المساء التي كنت أكتب فيها في أيامها الأولي من صدورها.. وقد كنت أقوم بحملة صحفية فيها أطالب بوقف التجارب الذرية.. وقد كانت قضية الساعة في ذلك الوقت وأعطوني المعلومات اللازمة للحملة الصحفية ومن بينها مرافعة المحامي الفرنسي الذي يطالب لجميلة بالبراءة.. وغرقت في قضية الجزائر.. فقد سرقت من عيني النوم.. وتصادف أن مرضت ومنعني الطبيب من إرهاق نفسي بالقراءة والكتابة.. وكنت أنتظر نوم أمي وأشعل شمعة وأواصل كتابة قصة جميلة بوحريد.. فقد حركت في داخلي الروائي وأوحت لي بأن أكتب قصة نضال شعب الجزائر من خلال المناضلة جميلة بوحريد التي تحملت عذابًا فوق الطاقة.. ولم تعترف بما كانوا يريدون أن تعترف به.. ووجدت أن أفضل وسيلة لأن تصبح قضية جميلة بوحريد.. قضية رأي عام أن تتحول قصتها إلي فيلم سينمائي تنتجه وتمثله الفنانة ماجدة.. فقد احترمت فيها كفاحها من أجل أن تكون فنانة ملتزمة وتصادف أن جاء مذيع سوري صديق.. لإجراء عدة تحقيقات إذاعية مع نجوم الأدب والفن.. فقد كانت تباشير الوحدة السورية قد هلت ورشحت له ماجدة لإجراء حديث معها وقالت أثناء حديثها الإذاعي أنها تريد أن تمثل جان دارك.. فقفزت إلي رأسي جميلة بوحريد.. فقلت له علي الفور: عندي قصة جان دارك العربية جميلة بوحريد.. فطلبت أن نلتقي في اليوم التالي بمكتبها في وسط البلد.. وذهبت وأنا فرحان.. سأسهم بقصتي في تحريك الرأي العام ليس في مصر وحدها بل في العالم.. ولم تكن تعرف تفاصيل حرب الجزائر مع الاستعمار الفرنسي الدائرة في الجزائر.. وشرحت لها فكرة القصة.. فتحمست لإنتاج الفيلم وتمثيل دور جميلة بوحريد.. وطلبت من سكرتيرها أن يسجل القصة في الشهر العقاري باسمي كمؤلف للقصة.. وأخبرت صديقي عبدالمنعم الصاوي الذي أصبح وزيرًا بعد ذلك بما حدث فحذرني من سرقتها.. فأخبرته أنني أثق في الفنانة ماجدة.. وما قاله لي الصديق عبدالمنعم الصاوي تحقق بعد ذلك.. اتصل بي أحمد حمروش وكان يعرف أنني كاتب القصة فقال لي: سرقوا قصتك.. المساء نشرت أن قصة جميلة بوحريد التي ستنتجها ماجدة من تأليف يوسف السباعي. ولم أصدق الخبر إلا عندما ذهبت إليها في مكتبها وأخبرتها بما قرأت في المساء فقالت: أنا لست غنية.. ولكنني سأدفع لك 500 جنيه أجر التأليف.. وسيوضع اسم يوسف السباعي معك علي الفيلم.. فرفضت.. واحتد النقاش بيننا حتي أنها قالت لي: أنت صعيدي.. وبدأت المعركة.. وأنا لا أصدق أن يوسف السباعي الأديب الذي اختارته ثورة يوليه لرعاية الأدباء.. يقبل علي نفسه أن يوضع اسمه علي قصة ليست قصته.. وعندما تقول له ماجدة: أريد مساعدة مالية من الدولة لأن الإنتاج ضخم فيشترط أن يكتب القصة!! ويطلب منها أن تتصرف معي.. حتي ترضيني ولا أعمل زيطة! وتحمس المرحوم عبدالمنعم الصاوي ليرفع الظلم عني وقال لعبد الرحمن الشرقاوي وهو يعرف مدي صداقته ليوسف السباعي: حرام عليكم تعملوا هذا في أديب ناشئ.. فقال عبدالرحمن الشرقاوي سأخذ له موعدًا ليقابل يوسف السباعي ويتحدث معه ويسوي الموضوع.. وذهبت إلي يوسف السباعي في مكتبه ودار حديث بيني وبينه.. قال لي: أخ جلال.. ماذا تريد؟ قلت له: قصتي فقال لي: أنت مكبر الموضوع.. احنا كلنا أنا وإحسان عبدالقدوس والحكيم.. وغيرنا من الكتاب الكبار سرقت قصصنا وأفكارنا.. فقلت منفعلا: ولكن الثورة التي قامت جاءت بك لترعي الأدباء الشبان وتحميهم من أي اعتداء علي أفكارهم وأنا أطلب باعتبارك الراعي للأدباء الشبان.. الذي اختارته الثورة لترعانا أن تحمينا من الاعتداء.. وأنا لا أحدثك باعتبارك يوسف السباعي الذي أخذ قصتي ووضع اسمه عليها.. بل اعتبارك المسئول الذي اختارته الثورة ليرعي الأدباء الشبان.. فقال: أنت عصبي.. وأفضل أن تذهب إلي ماجدة وتتفاهم معها عندما تهدأ أعصابك.. وخرجت من مقابلتي له وأنا حزين.. فأنا لا أصدق ما حدث.. وأن هذا يحدث وعبدالناصر يخطب في الجماهير ويقول: ارفع رأسك يا أخي فقد مضي عهد الظلم. وقررت أن أقاتل من أجل قصتي.