هل يفعلها أبومازن.. هل يقبل نصيحة يوسي سريد الوزير الاسرائيلي السابق وزعيم حركة ميريتس الاسرائيلية اليسارية، ويقوم باعلان قيام دولة فلسطين من جانب واحد، ثم يستقيل بعدها؟! يوسي سريد لم ينصح أبومازن فقط بعدم الاستقالة أو بعدم الترشح للرئاسة الفلسطينية مثلما فعل الكثيرون في أمريكا وأوروبا والدول العربية.. وانما نصحه بأن يفعل شيئا قبل أن يترك السلطة الفلسطينية ويرحل.. نصحه بألا يذهب هكذا فقط، انما أن يعلن قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية قبل أن يذهب تاركا رئاسة السلطة الفلسطينية.. دعاه بأن يقتدي ب"بن جوريون" الذي أعلن قيام دولة اسرائيل من جانب واحد وفرض بإعلانه هذا قيام اسرائيل فعلا. فهل يستجيب ابومازن لنصيحة زعيم حركة ميريتس؟ السلام كما نري لم يعد قريبا.. وعملية السلام رغم المحاولات الفرنسية لاحيائها مازالت تلفظ أنفاسها.. والأمريكيون انشغلوا بقضايا أخري قبلها.. الآن أفغانستان، وغدًا إيران.. وهم يرون الا يخاطروا بتحرك أو عمل قد لا يحقق نتائج، ولذلك يفضلون الانتظار حتي تتهيأ الظروف المناسبة لاستئناف المفاوضات، ولا نعرف كيف ستتهيأ هذه الظروف من تلقاء نفسها وبدون أن تقوم الادارة الأمريكية بدور في هذا الصدد. وفي هذا الجو المعتم والمحيط تنطلق دعوات تطالب السلطة الفلسطينية بالعدول عن فكرة الدولتين، وطرح فكرة الدولة الواحدة الديمقراطية، أي التي تضم اليهود والفلسطينيين معا.. وهي دولة سيكون فيها الفلسطينيون أغلبية، وبالتالي سيؤول لهم في يوم ما حكم هذه الدولة.. لقد كفر هؤلاء بفكرة الدولتين، ولذلك يشهرون في وجه الإسرائيليين فكرة الدولة الواحدة الديمقراطية، وهي حل يثير بالطبع فزع الإسرائيليين ويرفضونه بشدة.. فهم يطالبون بأن تكون إسرائيل دولة يهودية، أي دولة لليهود فقط لحمايتها من أي إغراق ديموجرافي فلسطيني، وهو خطر يتحدث عنه بعض الإسرائيليين منذ وقت مبكر ويحذرون منه، وربما هو الدافع الأهم وراء قبولهم بحل الدولتين والقبول بقيام دولة فلسطينية. ولا يستبعد أن يكون ذلك الدافع وراء نصيحة زعيم ميريتس لابومازن باعلان قيام الدولة الفلسطينية من جانب واحد.. أنه يدرأ بذلك احتمال ان يتبني الفلسطينيون فكرة الدولة الواحدة الديمقراطية التي تمثل خطرا علي الإسرائيليين إنه يريد أن يحمي الإسرائيليين من خطر تطرف نتانياهو وكل اليمين الاسرائيلي. ولذلك هو يشجع أبومازن علي قبول نصيحته بالقول أن المخاطرة التي سيتعرض لها اذا ما بادر باعلان قيام الدولة الفلسطينية من جانب واحد اقل من مخاطرة بن جوريون حينما أعلن قيام اسرائيل من جانب واحد.. فاقصي ما يمكن أن يقوم به نتانياهو هو اعادة احتلال كل الضفة الغربية والمقاطعة في رام الله التي تتركز فيها السلطة الفلسطينية.. لكن نتانياهو وباراك لن يستطيعا استمرار هذا الاحتلال لفترة طويلة.. وفي المقابل ستحظي الدولة الفلسطينية بتأييد أغلبية ضخمة من الدول في الأممالمتحدة 150 دولة علي الأقل من بين 192 دولة.. والولايات المتحدة لن تخاطر برفض هذه الدولة حتي لا تعود الي العزلة الدولية التي أخرجها منها نتانياهو. إن يوسي سريد لم يكتف بتوجيه نصيحته لأبومازن في اتصال تليفوني معه، وإنما نشر هذه النصيحة علي الملأ خلال مقال له بصحيفة هاآرتس.. ليعلم بها كل الفلسطينيين والإسرائيليين معا.. وهكذا صار أبومازن مطالبا بالرد علي هذه النصيحة.. فماذا هو بفاعل بها.. هل يقبلها أم يتجاهلها؟! إن لدي بعض الفلسطينيين فكرة قريبة منها.. وتحديدًا الذي يتبني هذه الفكرة هو رئيس الوزراء الفلسطيني فياض، وهي الفكرة التي تركز علي بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية في غضون عامين بغض النظر عن تجميد أو تحرك عملية السلام.. وقال بعض الصحف الإسرائيلية إن نتانياهو طلب مقابلة أوباما مؤخرًا ليطلب منه منع ذلك. علي كل حال.. الأمر الآن يحتاج لموقف جديد يبتكره العرب لا يكتفي فقط بالالحاح علي الأمريكيين بتحريك عملية السلام في وقت لم يعد فيه الأمريكيون متحمسين بنفس درجة البداية لذلك.