تحقق شركات الاتصالات حول العالم أرباحها الأساسية من الاتصالات الهاتفية التقليدية ورسائل الإس إم إس، وهذه الأرباح من الضخامة بمكان حتي إنه يقال إن صناعة الاتصالات بشكلها الحالي هي الأكثر ربحية في تاريخ الإنسانية حيث يصل معدل الربح أحيانا إلي 80 ضعفا من رأس المال، وإن كان هذا يخضع في النهاية لمعطيات السوق وينخفض تدريجيا بسبب المنافسة الحادة وبسبب الأنظمة التي تضغط علي شركات الاتصال لمنعها من الاحتكار والسيطرة والتحكم بالأسعار. شركات الاتصالات لديها مصدر آخر للدخل وهو الدخل الذي يأتيها من وجود اتصال بين شبكات الموبايل وشبكات الإنترنت، والذي يأتيها من رسائل الإم إم إس وتحميل الفيديو والصور ونغمات الجوال ومختلف التطبيقات بالإضافة للاتصال العام بشبكة الإنترنت من خلال جهاز الموبايل، وهذا المصدر يسمي بأرباح ال"داتا" Data Revenue لأنه يقوم علي استغلال الكيلوبايتات من المعلومات المنتقلة عبر شبكة الإنترنت. في بداية المطاف كان هناك تفاؤل ضخم لدي شركات الاتصالات بتحقيق أرباح ضخمة من هذه الاستخدامات، ببساطة لأن هذا يعني تحويل جهاز الموبايل في اليد إلي جهاز للاتصال المباشر بشبكة الإنترنت، وجهاز لاستهلاك المواد المرئية والصوتية بأنواعها، وجهاز تلفزيون وإذاعة وقراءة متحرك مع الشخص، وهذا دفع شركات الاتصالات للاستثمار الضخم في شبكات الجيل الثالث. ما لم تدركه شركات الاتصالات في حينها (علي الصعيد العملي علي الأقل) أن استخدام الإنترنت علي شاشة صغيرة يتطلب المحتوي الذي يحفز الجمهور لاستخدامه، ونحن عموما علي أجهزة الكمبيوتر لم نكن لنقضي الساعات الطويلة كمستخدمين لشبكة الإنترنت لو لم تكن هناك مواقع رائعة تجذبنا إليها و"نشتاق" لزيارتها كل يوم. أيضا نسيت شركات الاتصالات أنه لو كان الاتصال بالإنترنت غاليا لما تحول كثير من الناس إليها. لقد عانت شركات الاتصالات لفترة طويلة من انخفاض أرباح الداتا لديها، وذلك لأنها قدمت خدماتها بأسعار عالية ولم تتحالف مع شركات المحتوي لإيجاد ما يجذب الناس لاستخدامها. مع الزمن تعلمت شركات الاتصالات الدرس، وصارت تبحث عن مختلف الأساليب التي تساعدها علي حل المشكلة بما فيها التحالف مع الشركات الإعلامية وتخفيض الأسعار والبحث عن تطبيقات وأفكار جديدة تجذب الناس لاستخدام الموبايل المتصل بالإنترنت بشكل واسع (مثل المسنجر علي الموبايل)، وأخيرا من خلال التحالف مع شركات إنتاج أجهزة الموبايل بحيث يكون الاتصال بالإنترنت جزءا أساسيا من تلك الأجهزة كما نري ذلك في الجيل الجديد من الأجهزة وفي أجهزة بلاكبيري وآي فون. النتيجة إعلان شركة فيريزون (أحد أكبر شركات الاتصالات الأمريكية) وصول نسبة الدخل من الداتا إليها إلي 30٪ من دخلها الإجمالي وهذا يعتبر إنجازا يؤكد أن الموبايل سيتحول يوما إلي بوابتنا نحو عالم الإنترنت.