لا أحد يعلم حتي الآن ما هو قرار رئيس مجلس الوزراء في التقرير الخطير للغاية الذي رفعه إليه د. نصر علام في أواخر يوليو الماضي بشأن التعديات الموجودة حتي هذه اللحظة علي نهر النيل! ولست أشك لحظة واحدة في أن الدكتور أحمد نظيف سيتعامل بمنتهي الشفافية التي عهدناها منه منذ أن تولي رئاسة مجلس الوزراء في يوليو 4002. وظني - والظن هنا ليس إثما - أن هذا الرجل القدير لن يكون قراره في شأن هذه التعديات علي النيل التي ورثها من حكومات سابقة وأزمنة سابقة سوي قرار حكيم بليغ يغلق - من ناحية - الباب أمام أية محاولات جديدة للتعدي علي النيل العظيم.. ويواجه بالقانون كل من سولت له نفسه المريضة أن يعتدي علي نيل كل المصريين فيقتطع منه مساحة يردمها ليبني عليها قصرا أو كازينو.. أو مشتل ورد أو مراسي أو أكواخ. وأغلب الظن أن د. نظيف شعر - مثلي - بهلع شديد وهو يقرأ ما تضمنه تقرير وزير الري من معلومات وبيانات وإحصاءات جد خطيرة.. بل خطيرة للغاية. من يصدق أن النيل الخالد الذي نشرب منه ونزرع منه منذ آلاف السنين يعتدي عليه أكثر من 04 ألف مخالف.. ما بين صاحب منصب ومواطن عادي ومصنع حكومي، هذا هو حال نهر الحياة للمصريين؟ تقرير الدكتور علام رصد تعديات بالبناء أو الردم علي امتداد النهر البالغ طوله ألفاً و004 كيلو متر، ولم يتوقف التقرير عند حد حصر المخالفات وإحصاء عددها، فالمهم ماذا سنفعل إزاء هذه المخالفات؟.. وكيف سنحمي نيلنا الذي تغني به وبأفضاله علي المصريين فطاحل الشعراء القدامي والمحدثين؟ مشكلة وزارة الري مع النيل أنها صاحبة الولاية الأولي علي النهر. وحسب التقرير فقد بات مطلوبًا منها أن تقوم بإزالة 40 ألف مخالفة علي النيل.. والأزمة التي تواجه الدكتور نصر علام هي كيف سأنجح - وحدي - في هذه المهمة الصعبة؟ وكيف ستتعامل أجهزة وزارتي مع تعديات الكبار علي وجه الخصوص علي النيل؟! أعرف تمامًا حجم المشكلة العويصة التي يواجهها الدكتور علام بشجاعة رغم حداثة عهده بالوزارة.. ولكن إدراكي أنه جاء إلي منصبه كأستاذ جامعي يجعلني أشعر بتفاؤل لا حدود له في أنه سينجح. أعرف ويعرف د. علام أن التعديات القائمة في منطقة الخط الأحمر المحرمة الإزالة فيها إجبارية.. ولكن السؤال: هل يتمكن وزير الري من إجبار من تعدوا علي النيل علي الجلاء منه؟ أعرف ويعرف الدكتور علام أن هناك 432 شخصًا (بعضهم أسماء ورموز شهيرة) اعتدوا علي النيل في إقليمالقاهرة الكبري.. ويمتلك الوزير المحترم قائمة طويلة عريضة بأسماء من اعتدوا علي النيل وليته يكشف للرأي العام بصراحة وشفافية من تضمهم تلك القائمة حتي يتم فضحهم وإيقافهم عند حدهم بقوة القانون وهيبة الدولة. ليت الوزير يمتلك شجاعته كعالم ري قدير ويكشف لجميع المصريين حقيقة من أجرموا في حق المصريين في الحياة وحاولوا.. ومازالوا يحاولون الاستيلاء علي المزيد من أراضي طرح النيل ليبنوا فيها القصور والفيللات الفاخرة. لن يستطيع الدكتور علام بطبيعة الحال هدم تلك القصور والفيللات، فقد اكتسبت منذ فترة طويلة شرعية في الأوراق الرسمية من كهرباء ومرافق وقرارات وأحياء وصمها نائب الشعب د. زكريا عزمي منذ سنوات بأن الفساد في هذه المحليات للركب! لن يستطيع الوزير الهدم ولكنه يستطيع بصفته (حامي النيل) في الحكومة أن يلجأ لتقنين أوضاع من استقرت مخالفاتهم وتعدياتهم.. وإن رفضوا فحادي بادي والبادي أظلم أو علي نفسها جنت براقش.. وبلغة أخري سيكون أمام الوزير - في حالة الرفض - طريق واحد لا ثاني له عنوانه: كتبه المتعدون علي النيل بأنفسهم الإزالة! قد يقول قائل إن وزيرًا واحدًا في الحكومة لا يجب أن يدخل بقدميه عش الدبابير.. فالأسماء كبيرة ورنانة.. ولكن من الذي قال إن عهد مراكز القوي قد عاد مرة أخري إلي البلاد؟ لا أحد فوق القانون ولو كان وزيرًا في الحكم أو حتي لبس البيجامة. وربما يري آخر أن الدكتور علام تجاوز كل الخطوط عندما أعد هذا التقرير الخطير عن ملفات الاعتداء علي النيل. ولكنني شخصيا أعي بحكم معرفتي الوثيقة بما يجري في وزارة الري سواء في الماضي أو حتي الآن أن هذا الملف الذي أعيد فتحه بات ملفًا مطلوبًا الآن وبإلحاح، لا سيما مع مشكلة حصة مصر من مياه النيل ومحاولات بعض دول حوض النيل لتقليصها وتقليلها خلال الأشهر الأخيرة. أدرك جيدًا أن وراء فتح هذا الملف الشائك والحساس سببًا وأسباباً.. علنا نضع أيدينا عليها في قادم الأيام.. ولكنني أدرك أيضًا أن هذا الملف ما كان ليطلب من الوزير علام بعد أسابيع قليلة من توليه قيادة وزارة الري إلا لأن هناك شيئاً ما أرادت الدولة أن تعرفه.. وقد عرفته الآن بالتأكيد. النيل لا يكفيه وزير واحد يدافع عنه ويزود.. النيل يغرق فيه أي وزير إذا حاول أن يسبح ضد التيار.. ولا أظن أن الدكتور علام يريد أن يفعل هذا.. ولكنني أظن أنه علي يقين بأنه بهذا التقرير الخطير لا يسبح ضد التيار! ظني الأخير وقناعتي المؤكدة أن هذا التقرير كان مطلوبًا وبشدة.. وأإنه كان من الأولويات الأولي للوزير نصر علام بمجرد أن جلس علي مقعد الوزارة. لقد رفع الوزير تقريره إلي رئاسة مجلس الوزراء.. والكرة الآن في ملعب الدكتور أحمد نظيف الذي يعتبره كثيرون واحداً من أفضل رؤساء الوزارات. الكرة الآن في ملعبك يا معالي رئيس الوزراء.. فماذا أنت فاعل؟!