أمانة الجبهة الوطنية بسوهاج تعلن اختيار وتعيين كفاءات وقيادات بارزة لمهام الأمناء المساعدين    انخفاض الأسمنت.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    وزيرة التنمية المحلية تتابع موقف الإزالات و"حياة كريمة" في أسوان    رئيس الوزراء يلتقى محافظ بنك اليابان للتعاون الدولي    وزير التربية والتعليم: الشراكات مع اليابان تأتي استكمالًا لمسار التعاون المثمر بين الجانبين    قانون الإيجار القديم..اعرف هتدفع كام طوال الفترة الانتقالية بعد زيادة الأجرة رسميا    إقالة مسئول رفيع بالخارجية الأمريكية بسبب عبارة "لا ندعم التهجير القسرى للفلسطينيين"    رئيس الوزراء يبحث مع وزير النقل الياباني تعزيز التعاون وجذب صناعات السيارات    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الزمالك ومودرن سبورت بالدوري الممتاز    آخر فصول الجريمة البشعة.. تنفيذ حكم الإعدام فى دبور "سفاح الإسماعيلية"    حالة الطقس اليوم.. سحب تصل القاهرة وتمتد إلى شمال الصعيد    امتحانات الثانوية العامة مستمرة وطلاب يؤدون امتحان الكيمياء والجغرفيا الدور الثاني    القبض على البرلماني السابق رجب هلال حميدة سببه قضايا شيكات بدون رصيد    الإسكندرية تحتفي بآثارها المغمورة بالمياه.. افتتاح معرض "أسرار المدينة الغارقة" -صور    ليالي مهرجان العلمين.. ويجز يقدم أغانى ألبومه الجديد فى حفله الجمعة    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    الصحة: 6 مخازن استراتيجية للإمداد الدوائي بأنحاء الجمهورية وآخر مركزي بالعاصمة لتأمين البلاد وقت الأ    مساء الجمعة.. قطع المياه لمدة 6 ساعات عن بعض مناطق الجيزة    "صحة لبنان": مقتل شخص في غارة إسرائيلية على بلدة دير سريان بقضاء مرجعيون    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    ضربها بملة السرير.. زوج يقتل زوجته إثر مشادة كلامية بسوهاج    ننشر نص اعترافات مروة المعروفة ب "بنت مبارك" في قضية تجارة الأعضاء    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 21 أغسطس 2025 فى البنوك الرئيسية    قبل مواجهة الأهلي.. اشتباه بإصابة محمود نبيل لاعب غزل المحلة بتمزق عضلي    مواعيد مباريات اليوم الخميس 21 أغسطس والقنوات الناقلة    وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    زعيم كوريا الشمالية يلتقي قادة القوات البرية التي ساعدت في تحرير كورسك الروسية    بعد تصدره التريند.. طريقة عمل العيش البلدي المصري    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    محافظ المنيا يشهد احتفالية ختام الأنشطة الصيفية ويفتتح ملعبين    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    رجل الدولة ورجل السياسة    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 رسميًا في مصر وعدد أيام الإجازة    للرجال فقط.. اكتشف شخصيتك من شكل أصابعك    سامح الصريطي عن انضمامه للجبهة الوطنية: المرحلة الجديدة تفتح ذراعيها لكل الأفكار والآراء    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    نجم الزمالك السابق يكشف رؤيته لمباراة الفريق الأبيض أمام مودرن سبورت    تعاون علمي بين جامعة العريش والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    Avatr تطلق سياراتها ببطاريات جديدة وقدرات محسّنة للقيادة الذاتية    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    جيش الاحتلال يستهدف بلدة فى جنوب لبنان بصاروخ أرض أرض.. وسقوط 7 مصابين    "أخطأ في رسم خط التسلل".. الإسماعيلي يقدم احتجاجا رسميا ضد حكم لقاء الاتحاد    اتحاد الكرة يفاوض اتحادات أوروبية لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لمباراة الأهلي وبيراميدز    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    حماس: إعلان إسرائيل بدء عملية في غزة استهتار بجهود الوسطاء    محافظ كفر الشيخ يقدم واجب العزاء في وفاة والد الكابتن محمد الشناوي    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تتخلي الجامعات عن "الأدب الشعبي" باعتباره "درجة ثانية"
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 26 - 10 - 2009

في الوقت الذي يجتمع فيه ثلاثون باحثا من مصر ومختلف الدول العربية، في الملتقي الرابع للمأثورات الشعبية الذي افتتح فعالياته أمس تحت عنوان (ظروف الحاضر وآفاق المستقبل)، نجد مادة الأدب الشعبي تتعرض للاغتيال في الجامعات المصرية حيث لم يتوقف الأمر علي عدم الاهتمام بها، بل امتد لإلغائها في إحدي كليات الآداب، لا أحد يختلف علي أهمية الدراسات الشعبية والأدب الشعبي الذي يتسع ليشمل العديد من أشكال الكتابة منها: شعر العامية والزجل والأغاني الشعبية والموال وفن الواو والشعر غير المعروف مؤلفه أو الذي قام بتأليفه مجموعة من الشعراء كألف ليلة وليلة، والسير مثل عنترة بن شداد والأميرة ذات الهمة والزير سالم وعلي الزيبق وغيرها.
ظل الأدب الشعبي يدرس في جميع كليات الآداب بمصر، إلي أن صدر قرار بإلغاء تدريس تلك المادة من أقسام اللغة العربية في بعض الجامعات، ومنها كلية الآداب بجامعة المنوفية، وقد مر ست سنوات علي هذا القرار، والآن جاء وقت طرح هذا السؤال: هل من الممكن أن يتم -بكل هذه البساطة- إلغاء مادة بأهمية الأدب الشعبي؟ وإذا كان هذا حدث بالفعل، فلماذا لا نلغي مواد أخري؟ لن يحدث شيء، وسيظل الطلبة يحصلون علي شهاداتهم!!
ولمعرفة أهمية تدريس تلك المادة ومدي تأثيرها علي التراث الأدبي الشعبي، وإمكانية تطبيق هذا القرار في باقي الجامعات، استطلعت "روزاليوسف" آراء بعض الأدباء والشعراء ورصدت رأيهم في هذا التحقيق:
يقول الدكتور أحمد الشاذلي عميد كلية الآداب بجامعة المنوفية: مادة الأدب الشعبي تم إلغاء تدريسها منذ ستة سنوات، وفي ذلك الوقت لم أكن أتولي منصب العمادة بالكلية، ويرجع السبب في ذلك إلي تعديل اللوائح مع عدم وجود هيئة التدريس الخاصة بالمادة، فاللوائح تخضع للموجودين في القسم، وهذه المادة لم تكن موجودة في أول لائحة، ولكنها أضيفت بعد ذلك للائحة، فحينما قاموا بعمل لائحة جديدة لم تجد هذه المادة من يدافع عنها، فالكلية لا يوجد بها أستاذ متخصص في الفن الشعبي، ولذلك رأوا أن يستبدلوها بمادة أخري من الأدب الرسمي، أما عني فأنا شخصيا درست الأدب الشعبي، فهو من مكونات الإنسان، كما أنه يدخل في ثقافته، لأننا نستمد ثقافتنا من الأدب الشعبي، وأري أن مادة الأدب الشعبي يجب دراستها لأنها نوع مهم جدا من أنواع الأدب.. وأعتقد أن السبب في إلغاء هذه المادة يرجع إلي أن بعض الأساتذة بالكلية يرفضون تدريس الأدب الشعبي لأنه يذكي النظرة المحلية أو الإقليمية، بمعني أنه يمكن أن الاهتمام باللهجة يفوق الاهتمام باللغة العربية، لأنها عادة تتوافق مع رغبات عامة الشعب، أما الأدب إجمالا فلم يتقبله كل الشعب، والدليل علي ذلك أن القصائد التي تغني لا تجد رواجا بقدر الأغاني الشعبية التي تعتبر أكثر انتشارا من أي قصيدة من الأدب الرسمي. أما الدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي فقال: لم يتم إلغاء مادة الأدب الشعبي من كلية الآداب بجامعة القاهرة، كما أنني لا أتوقع هذا مطلقا، ولا أصدق أنه يوجد عميد عاقل لكلية آداب، يقوم بإلغاء تدريس هذه المادة، فهو بالطبع غير مصري، ولا يعرف هذا الشعب، ولو ألغي أي عميد لكلية الآداب هذه المادة يجب أن يستقيل.
كما أشار الدكتور عيد بلبع أستاذ النقد الأدبي ووكيل كلية الآداب بجامعة المنوفية لشئون التعليم والطلاب إلي إن إلغاء مادة الأدب الشعبي من أقسام اللغة العربية هو مظهر من مظاهر إهمال الأدب الشعبي بوجه عام علي مستوي الدرس النقدي تنظيرا وتطبيقا، فلا توجد نظريات أو مناهج نقدية لدراسة الأدب الشعبي تراعي خصوصيته، ولهذا فقد الأدب الشعبي الشرعية الأكاديمية، فلقد اعتاد دارسو الأدب المحدثون إفراد الأدب الشعبي بمسار هامشي خاص به، وارتباط الخصوصية بالتهميش انعكست علي دارسي الأدب الشعبي تهميشا، وجعلت النظرة إلي المشتغلين به كأنهم دارسون من الدرجة الثانية، ربما بتأثير الأيديولوجيا المهيمنة أو بتأثير التقاليد التي وجدت في مصر منذ القرن السادس الهجري، حيث تأسس ما يعرف بازدواجية اللغة.
ولعل هذه الأسباب جميعها قد تضافرت علي إلغاء تدريس مادة الأدب الشعبي في بعض أقسام اللغة العربية، ويمكن أن نضيف إليها عاملا إداريا آخر يتعلق بمن يقومون بوضع لوائح التدريس في أقسام اللغة العربية، الذين يكون لهم في الغالب مواقف مدعمة بالأسباب التي ذكرناها، في غياب المتخصص الذي يمكنه أن يدافع إداريا عن وجود مادة الأدب الشعبي.
أما الدكتور أحمد مرسي فأكد أنه: لو ألغيت مادة الأدب الشعبي من كلية الآداب، إذن يمكننا القول بأنها "رحمها الله، وهانطلع عليها الأرافة، وهانعمل لها سنوية"، لكنها لم تلغ، ولا تزال تدرس في جامعة القاهرة، بل وزاد عدد ساعات تدريسها، كما أنها تدرس في جامعات عين شمس، وبني سويف، وجنوب الوادي، وقناة السويس، والزقازيق، أما بالنسبة لإلغائها من جامعة المنوفية فهذا سيترتب عليه خروج جيل جديد ينقصه جانب مهم من معرفة ثقافته، لكنه سيعيش، كما ستعيش تلك المادة، لأنه يوجد معهد عال للفنون الشعبية تدرس فيه المادة، كما تدرس في كليات الفنون الجميلة والتربية الفنية والفنون التطبيقية، وكذلك بكلية البنات، لذلك فأنا أري أن الأمر مستقر.
بينما قال الشاعر مسعود شومان مدير عام أطلس المأثورات الشعبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة: أري أنه رغم الأهمية الكبري للأدب الشعبي، فإنه يعاني من درجة كبيرة جدا من درجات التهميش والاستبعاد والإقصاء، حتي عندما كان يدرس، لأنه كان يدرس في سنة دراسية واحدة في بعض كليات الآداب، كما أنه يدرس في كتاب واحد يعرج علي أشكال الأدب الشعبي، فللأسف الشديد أنا أتوقع أن إلغاء المادة يعكس خللا كبيرا جدا في حياتنا الثقافية، كما يعكس الفصام الحاد جدا في شخصية المثقف والأكاديمي الذي يرث شيئا ثم يتنصل منه، ويرفضه حينما يصبح أستاذا أو مدرسا في الجامعة، كان يجب أن نقوم بتدريس هذه المادة للطلبة في المدارس وليس في الكليات فقط، فكيف ندرس الأدب العثماني والجاهلي والأموي ولا ندرس الأدب الشعبي باعتباره نوعا من ضمن أنواع الأدب؟!!
وأضاف: أري أن هذا التهميش والاستبعاد قائم طوال الوقت قبل إلغاء تدريس المادة من جامعة المنوفية، لكن الأقدمين كانوا يهمشونها بشكل محترم، كعمل معاجم للعامية منفصلة حتي لا تلوث الفصحي "من وجهه نظرهم"، لكن اليوم نري أنهم يفصلونها تماما، وعموما إلغاؤها من الجامعة به خير كبير جدا، لأن عددا كبيرا جدا ممن يدرسون الأدب الشعبي في الجامعة أفسدوه، لأنهم لا يملكونه، فإلغاؤه إذا لا يترتب عليه أي ضرر، فهذه المادة لا يملكها أساتذة الجامعة ولا الباحثون إنما يملكها الناس، وطالما الناس والجامعات الشعبية موجودة سيحافظون علي مأثورهم الشعبي.
ويري الشاعر والناقد الأكاديمي الدكتور شوكت المصري: أن إلغاء، أو حتي محاولة إلغاء مادة الأدب الشعبي من بعض أقسام اللغة العربية بكليات الآداب، أمرٌ شديد الخطورة، خاصة إذا انتشر الإلغاء في الجامعات المصرية كلِّها، والسؤال هو: ما الأسباب الحقيقية التي دفعت إلي هذا الإلغاء؟ ويجب أن تكون الإجابات هنا منطقية ومحكمة تماماً، لأننا نتحدث عن فرعٍ أصيل من فروع الأدب العربي، فالأدب الشعبي كما علمنا أساتذتنا لا يعني فقط بدراسة الأدب العامي المكتوب، وإنما يشمل الأدب الفصيح غير معروف المؤلف، سواءً انتقل إلينا مكتوباً أو توارثناه شفاهةً من ألسنة الرواة والحُفاظ، فنحن إذاً نتحدث عن تراثٍ عربي هائل من النصوص النثرية والشعرية التي يزخر بها إبداعنا العربي علي امتداد التاريخ، فكيف يمكننا ببساطة إقصاء السير الشعبية الشهيرة والأمثال والحكم والأغاني والأهازيج ومحوها من طريق دارسي الأدب العربي في أقسام اللغة العربية بكليات الآداب أو التربية.
والأزمة التي نتحدث عنها هنا تتخطي تصورات يجاوزها الصواب عن الأدب الشعبي العربي، واعتباره أدباً غير رسمي في مقابل الأدب الفصيح، فهذا أمر فنّده الباحثون والدارسون من عشرات السنين، ولكن الأزمة الأكبر تتمثل في عدم الاهتمام الكامل بصناعة باحث جاد متخصص في هذا النوع من الأدب من جانب المؤسسات الأكاديمية والكليات والأقسام المتخصصة في اللغة وآدابها، وكأننا نعمد عمداً إلي طمس هوية الأجيال القادمة واجتزائها وتشويهها بإجهاضِ عنصرٍ أصيل ورئيسي من عناصر تكوينها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.