من يتابع أحوال المؤسسات الدينية في الآونة الأخيرة لا يملك سوي أن يرفع قلبه لله للصلاة من أجل تلك المؤسسات ورجال الدين الإسلامي والمسيحي في ذلك الوطن. فضيلة شيخ الأزهر يخوض معركة للتنوير ورجال الدين الآخرين ينعقون عبر وسائل الإعلام الخاصة ضده بعد أن تحولوا بقدرة قادر إلي مدافعين عن حقوق الانسان.. ووصل الامر بأحدهم إلي درجة وصف النساء غير المنتقبات "بالعاهرات"!! وباستثناء روز اليوسف فإن معظم وسائل الإعلام الخاص تلعب دوراً تخريبياً للعقل المصري ولبسطاء خلق الله في هذا الوطن. وعلي الجانب الآخر فإن من يتابع أخبار الكنيسة الارثوذكسية..سيتأكد من اننا نسيج واحد في وطن واحد.. حيث تفرغ أساقفة " البلاط البابوي" لصراعات خلافة قداسة البابا شنودة (اطال الله عمره) حتي لا يتحول البلاط البابوي إلي حلبة صراع لا تقل قسوة عما يحدث في اروقة الاحزاب المصرية لحسم الصراع علي رئاسة الحزب.. وتنتقل المعركة من أروقة الكنيسة إلي اقسام الشرطة وساحات القضاء.. ونعود للوراء إلي الحالات التي تكررت في ازمنة سابقة بالكنيسة مثل زمن البطريرك يوساب الثاني المتنيح والمحزن بل المؤلم ان هؤلاء الاساقفة لم يكتفوا باستخدام كافة الاساليب في الصراع بل استدعوا رموزاً مقدسة من خلال احلامهم السطحية السلطوية مثل العذراء القديسة مريم، وكذلك عبر تحالف أصحاب القداسة من بعض رجال الاعمال من المليارديرات الجدد حاولوا استخدام الإعلام كسلاح ضد اساقفة آخرين فما كان من الإعلام الخاص إلا أن استخدمهم ايضاً واستنفد اموالهم في مقالات وأخبار مدفوعة الأجر.. بل ونصب الاكمنة الصحفية لهم لمزيد من الابتزاز بل والسخرية منهم والتقليل من شأن هذه الكنيسة العريقة والعقيدة. يحدث ذلك في الوقت الذي تفرغ فيه بعض الاساقفة لبث الفرقة بين الطوائف والكنائس المسيحية عبر استخدام منهج المؤامرات المزعومة التي تستخدم دائماً في الأنظمة المأزومة في البحث عن عدو وهمي.. حيث ذهب بعض الاساقفة إلي وجود مؤامرة دولية من البروتستانت علي الكنيسة الارثوذكسية تمتد من أمريكا وحتي صعيد مصر، ولمزيد من عوامل الاثارة والتهييج يزعم هؤلاء أن الكنائس البروتستانتية في الولاياتالمتحدةالأمريكية رصدت المليارات من الدولارات لتلك المؤامرة المزعومة ناسيين أن الولاياتالمتحدةالامريكية هي التي ساهمت في نشر الأرثوذكسية عن طريق السماح ببناء كنائس قاربت المائتي كنيسة هناك.. ولم يقف الإعلام الخاص مكتوف الايدي أمام حديث المؤامرة.. وراح ينفخ في النار عبر استدراج كاهن من هنا وقس من هناك.. و علت أصوات من بعض الاساقفة للتطهير داخل الكنيسة فيما هو اشبه " بالمكارثية" الارثوذكسية، ومازال الطرفان الارثوذكسي والبروتستانتي لا يتوقفان عن تغذية هذه المزاعم و كأن الاقباط في مصر قطيعان من " الماشية" يمكن شراء ايمانهم بالمال!! وانبري الاسقف " حامي الايمان" الارثوذكسي وتابعه من الكهنة لدفاع مزعوم عن العقيدة في مواجهة حرية الأدب والفن وشنوا حملة علي إحدي الروايات مما ساعد علي سرعة انتشارها وتحول الباحث الروائي إلي شخصية عامة تتحدث في السياسة والادب والعلم ومن فرط عبقريته استطاع ان يستخدم ذلك النقد " الجهول" لصالحه وينال شهرة علي رواية واحدة لم ينلها نجيب محفوظ علي كل رواياته وحصوله علي نوبل إلا بعد نصف قرن من الزمان. وانقسم الكهنة إلي شيع و فرق لارضاء أصحاب النيافة.. وعلي غراء أشقائهم في الوطن من الدعاة الاسلاميين الجدد ظهر القساوسة الجدد في الفضائيات القبطية يتبارون في منافسة محمومة مستخدمين الخرافة ولغة الجسد للسيطرة علي ما تبقي من عقول بسطاء الاقباط!! وهكذا يدافع فضيلة شيخ الأزهر عن التنوير ضد الجهل والنقاب، ويدافع قداسة البابا عن الايمان المستنير ضد الجهل ونقاب العقل الذي يخيم علي عقول بعض الاساقفة.. والحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه.