باتت جماعة الإخوان أمام اكثر من مأزق تنظيمي ودعوي وسياسي افرزته مجموعة من الصراعات والخلافات والتجاوزات التي وقعت بها الجماعة السنوات الاخيرة بما يمثل حجر عثرة امام استمرار نهج الجماعة التي عرفت به علي المستوي السياسي العام، وبشكل يرسم كثيرًا من علامات الاستفهام حول مستقبل التنظيم في ظل التطورات اليومية الداخلية لازمة استقالة المرشد مهدي عاكف من منصبه في سابقة هي الاولي من نوعها بتاريخ الجماعة المحظور عملها قانونا. الازمة الاخيرة وان عكست احتدام العلاقة بين ما يطلق عليهم بالمحافظين أو "القطبيين" المتمسكين بسرية تحركات ونشاط الجماعة وبين دعاة العمل العام "الدعويين" لكنها اظهرت حالة من الفوضي التنظيمية تمر بها الاخوان، والاكثر انها اكدت فقدان الجماعة القدرة علي احتواء خلافاتها التنظيمية التي تظهر طبيعيا في اي جماعة تستهدف المشاركة في العمل العام ومثلت التصريحات المتضاربة والتسريبات والتصريحات الاعلامية المتناقضة لقيادات الجماعة دليلا واضحا لفشل الجماعة في ادارة الازمة الداخلية بشكل ساعد في تفاقم الامور بين الاجنحة الداخلية وتحديدا الجبهتين الرئيسيتين (المحافظين والدعويين)، في ظل تحركات كل مجموعة لتحقيق طموحاتها حفاظا علي مصالحها، خاصة أن معظم قيادات مكتب الارشاد يبادرها الان طموح الترشح في انتخابات المرشد المقبلة. اللافت ان من تداعيات هذه التحركات عقد مكتب الارشاد اجتماعا عاجلا امس الاول في غياب مهدي عاكف لمناقشة ما اطلقوا عليه فلتات لسان محمد حبيب الذي فوضه المرشد للقيام بمهامه باعتباره النائب الاول له وتوجيه له اللوم لافشائه اوضاع الجماعة الداخلية وخاصة حينما اعترف في حواره بقناة الجزيرة بوجود انقسام داخلي ومهاجمته لمهدي عاكف، وهي امور تأتي في اطار محاولات مجموعة "القطبيين" برئاسة محمود عزت وصاحبة السيطرة علي مكتب الارشاد لتحجيم دور حبيب بعد تفويض عاكف له وحتي يتسني لهم السيطرة علي مقعد المرشد باعتبار ان حبيب من ابرز المرشحين للمقعد. المثير ايضا ان ازمة استقالة المرشد والتي بدا ان العامل الاساسي فيها هو رفض مكتب الارشاد علي تصعيد عصام العريان مسئول اللجنة السياسية له افرزت مجموعة من المستجدات علي مستوي التنظيم بشكل يعكس تأثيرًا نوعيا لمجموعة "الدعويين" والشباب علي الاوضاع الداخلية منها الافصاح والاعلان عن رغبات داخل الجماعة كالاسماء المرشحه لمناصب قيادية اذ كان ذلك من الامور الخاصة التي لايجب الافصاح عنها، وكذلك كشف ضعف تأثير المرشد وفقدانه السيطرة علي مقاليد الامور داخل التنظيم. نتيجة لذلك فان هناك انعكاسات سلبية لهذه التطورات علي الهيكل التنظيمي وصف الجماعة في المحافظات حيث طرح المشهد الحالي علامة استفهام كبيرة حول طبيعة الخطاب الداخلي الموجه لقواعد الجماعة في المحافظات وآلية علاج عدم مصداقيته في ظل حالة الارتباك القائمة، وحسب ما كشفته مصادر داخلية فان محمد بديع عضو مكتب الارشاد الذي اسند لهم مجموعه من الملفات الداخلية مؤخرا اصدر تكليفات للمكاتب الادارية والشعب في المحافظات بضرورة تنظيم مجموعة من اللقاءات للتأكيد علي وحدة الصف بحضور كبار الاخوان في كل شعبة للحديث عن ذكرياتهم مع الجماعة، كما بادر عضو مكتب الارشاد جمعة أمين بنفس الدور في الاسكندرية. دورالمنشقين لاول مرة تدخل مجموعة المنشقين عن التنيظم، الذين هجروا الجماعة لخلافات تنظيمية ودعوية، علي خط الصراع الداخلي بشكل فاعل خاصة أن تحركاتهم استهدفت قطاعات عريضة من الجماعة وذلك علي سبيل تصفية حساباتهم القديمة مع القائمين علي الجماعة حاليا باعتبارهم احد الاسباب الرئيسية في اقصائهم من التنظيم. المنشقون يسعون لتوثيق اتصالاتهم بعدد من شباب الجماعة اضافة الي الكوادر والقيادات التي لقت نفس مصيرهم تقريبا، ويأتي من ابرز هؤلاء د.عبدالستار المليجي المحامي مختار نوح مسئول ملف الجماعة في نقابة المحامين السابق والصحفي بدر محمد بدر وان حاول مهدي عاكف ان يحتوي ازمتهم بطلب تعيينهم كمستشارين له الا ان القطبيين بقيادة محمود عزت تصدوا لهذه المحاولة ايضا لاستكمال إقصائهم من الجماعة. وكان تحرك هؤلاء واضحا في شهر رمضان الماضي حينما شاركوا في حفل افطار غير مسبوق دعا اليه المليجي بمنزله شارك فيه أبو العلا ماضي وكيل مؤسسي حزب الوسط ومختار نوح وثروت الخرباوي وابراهيم البيومي والمهندس خالد داوود احد رواد الجماعه في الاسكندرية وابراهيم الزعفراني وبعض شباب الاخوان انتقدوا فيه اداء الجماعة واتفقوا علي تنظيم لقاء دوري بينهم لمتابعة امر الجماعة. وتتوافق تحركات هذه المجموعة مع مجموعة الدعويين خاصة الذين يتمسكون بالجماعة ويرفضون هجرها مهما تعرضوا للإقصاء من دعاة العمل السري مثل عبدالمنعم ابوالفتوح وعصام العريان وجمال حشمت، ولعل ابرز الشواهد علي ذلك رفض عبدالمنعم أبوالفتوح ان تدافع هئية دفاع من الاخوان عنه واختياره لمختار نوح للقيام بهذه المهمة وهو ما أدي الي ازمة بين دفاع الجماعة بقيادة عبدالمنعم عبدالمقصود ونوح في جلسة الاستئناف الخاصة بأبو الفتوح الاسبوع الماضي. وبذلك يدخل هذا الفريق طرف ثالثا في طريق الصراعات الداخلية بين جبهتين سبق أن ادي خلافهما لانشقاقات داخل التنظيم بالاردن والجزائر خلال العام الماضي بشكل ينذر بمتغيرات جوهرية داخل الجماعة علي حد وصف ثروت الخرباوي خاصة أنها بدات مع نهاية المرشد الاسبق عمر التلمساني حينما ظهرت مجموعات تحمل افكارًا مختلفة ومتناقضة جمعتهم وحدة التنظيم والهدف داخل الاخوان وقال ان المسيطرين علي الجماعة حاليا ارتكبوا اخطاء كثيرة في السنوات الماضية وظهرت الخلافات التنظيمية والمالية بشكل كبير بينهم للحد الذي ادي الي هجر المئات للتنظيم في الفترة السابقة.