بعيدًا عن الصخب الذي يثيره المؤتمر السنوي للحزب الوطني، بين ذواقة السياسة، الذين اعتادوا أن يتذوقوا التفاعلات بدون أن يقوموا بدور حقيقي ملموس.. أو يقدموا للناس فعلاً واضحًا يمثل إسهامًا في تطوير حياتهم علي أي مستوي.. فإن الإعداد للمؤتمر نفسه داخل حزب الأغلبية يسير في اتجاهاته المعتادة دون أن يلقي بالاً إلي أجندات المعارضين.. إذ لو فعل فإنه لن يقوم بدوره. وفي حين يقفز الكثير من المعارضين، خصوصًا غير القانونيين وغير المؤهلين وتلك مفارقة كبيرة إلي الانتخابات الرئاسية التي ستجري عام 2011 .. فإن الحزب الوطني يولي تركيزه الأهم في المؤتمر الحالي للقضايا والملفات التي سوف تكون محورية في الانتخابات البرلمانية بشقيها.. انتخابات الصيف للتجديد النصفي لمجلس الشوري.. وانتخابات الشتاء لمجلس الشعب. وكما قال جمال مبارك بالأمس فإن العام المقبل سيكون عامًا صعبًا، وهذا طبيعي من الناحية السياسية أمام حزب يريد أن يحافظ علي أغلبيته.. ولديه تحديات متنوعة.. أساسها أنه يملك عددًا هائلاً من الكوادر التي عليه أن يفرز ما بينها لكي يختار ممثليه.. وليس كما هو الحال في أحزاب أخري لا يمكنها أن تتقدم بمرشحين إلي ربع عدد الدوائر. وإذا كانت الموضوعات التي كشف عنها رسميا بالأمس، في الاجتماع الشامل لكل لجان أمانة السياسات والمجلس الأعلي للسياسات، قد أظهرت اهتمامًا أكيدًا بالجوانب الاجتماعية.. التي تشغل مصالح المواطنين.. بالإضافة إلي قضايا استراتيجية مختلفة.. منها الطاقة والمياه.. وإذا كان من الواضح أن هناك قدرًا لا بأس به من الأخبار المهمة التي تتعلق بمنافع للناس سوف تعلن في المؤتمر السنوي.. فإن رأيي فيما يخص (العام السياسي الصعب) هو أن تكون هناك رسالة واضحة ومحددة من الحزب ومؤتمره لابد من التأكيد عليها. إن من الطبيعي أن تكون أي انتخابات نزيهة.. وتتمتع بالقدر الواجب من الشفافية.. والحيادية.. ولكنني أعتقد أن علي الحزب أن يؤكد مجددًا في مؤتمره التزامه بهذه المبادئ القانونية وإصراره علي ذلك.. وتوجيه رسالة لا لبس فيها فيما يخص هذا الأمر.. لأكثر من سبب.. حتي لو كان ذلك هو تأكيد لما هو مؤكد بالفعل: 1 إن الحزب وفق إطلاعي علي مجريات الحراك الداخلي فيه.. هو الأكثر حرصًا علي هذا الأمر.. لأنه يريد أن يحمي سمعته وسيرة أغلبيته.. ولأنه يقوم عمليا بجهد تنظيمي وإداري وسياسي خارق علي مدي السنوات الماضية بما يؤكد مسعاه إلي أن ينال مقاعده عبر الطرق القانونية السليمة.. ووفق معايير نزاهة لا تقبل الشك. 2 إن تلك النزاهة المؤكدة والمتوقعة هي عنوان الإصلاح الذي يتم في مصر عمومًا منذ سنوات.. وخلال تلك السنوات لم تشهد مصر حراكًا كما جري فيها ولم يزل ولن ينقطع.. وخلالها كانت السابقة الأهم في الظهور المكثف وغير المسبوق عدديا لكل هذا العدد من المعارضين في مجلس الشعب وهو أمر لم يهز الدولة كما ظن البعض.. ولم يهدم الأسس كما سعت المعارضة إلي الإيحاء بذلك. 3 إن هذه الانتخابات البرلمانية بشقيها في الوقت الذي سوف تشهد فيه تنافسات طاحنة وشرسة.. سوف تنبني عليها الصورة العامة للانتخابات التالية الأهم.. وهي الانتخابات الرئاسية. 4 إن تلك هي الانتخابات البرلمانية الأولي التي سوف تتم بالصورة الجديدة للإشراف القضائي.. وقد بنت المعارضة صورة ذهنية عن أن الإشراف القضائي الكامل هو ضمان النزاهة.. وعلي الرغم من ذلك كانت تشكك في نتائجها.. وبالتالي فإن المطلوب هو التأكيد أن الصيغة الدستورية الجديدة للإشراف القضائي تتمتع بقدر عالٍ من الضمانات. 5 إن الانتخابات سوف تجري في ظل فرض حالة الطوارئ.. وفق التوقعات التي أراها حتي الآن.. إذ لا تلوح تعديلات قانون الإرهاب في الطريق البرلماني.. ومن الواجب الفصل التام ما بين الحراك السياسي والتفاعل الانتخابي الذي يتم بعيدًا عن أي قيد توفره حالة الطوارئ الموجهة خصيصًا إلي مكافحة نشاط الإرهاب وعوامل حفظ الأمن والاستقرار من متغيرات تضرب المنطقة حولنا بأنواء ضارية. 6 إن صخبًا تثيره اتجاهات معارضة مختلفة حول طريقة المراقبة علي الانتخابات وصولاً حتي إلي المطالبة برقابة دولية عليها.. وهو مبدأ مرفوض مضمونًا.. لأنه يتعلق بأعمال السيادة.. ومن الواجب علي الدولة وعلي الحزب قبلها إعلان موقف محدد من مسائل المراقبة والتأكيد علي أهمية المراقبات المحلية التي يقوم بها المجتمع المدني بشرط ألا تكون قائمة علي أساس أيديولوجي.. أي تنحاز قبل أن تراقب وبالتالي فإن مواقفها معروفة مسبقًا. 7 إنه لا يوجد عضو صغر أو كبر في الحزب الوطني، أو أي مواطن غير منتمٍ للحزب، يمكن أن يقبل أن توجه الطعنات المفبركة لنزاهة الانتخابات.. التي من المؤسف أن قوي في المعارضة تشوه صورتها الآن ومن قبل أن تتم بأشهر.. فما بالك بما سيجري وقتها من صخب. لا أعتقد أن الرسالة التي أراها ضرورية بعيدة عن سياقات الحزب ومجريات النقاش في كواليسه.. وأظنها حاضرة في ذهنية أغلبية قياداته.. ومن ثم وللأسباب السابقة أري ضرورة التأكيد عليها من الآن.. وأن تكون ضمن رسائل الشق السياسي للمؤتمر.. علي الرغم من أنه يولي اهتمامًا كبيرًا جدًا بجوانب تخص مصالح المواطن علي المستويات الاجتماعية المتنوعة. [email protected] www.abkamal.net