إنها منظومة تعمل دون صخب أو دعاوي بيقظة تامة يقودها رجل شارف علي السبعين من عمره الحافل د.فوزي فهمي، ومن احد اقصي الاماكن هدوءا والملحقة بدار الاوبرا المصرية ومع كل خريف يطل علي الكرة الارضية تبدأ الحكاية، تنشط الخلية الناعمة ولن اتوقف عند ما تقدمه وما تدعمه لخدمة فن المسرح في البلاد ولن اتحدث عن الدور والرؤية والتنظيرات المعهودة في مثل هذه المناسبات لكني ساتكلم عن الخلية الجادة التي تصنع هذا الحدث وبنفس الوقت وببعض المسافة تغيب عنه لتحضر بطاقتها ودعمها ومساعدتها لبناء هذا الاحتفال السنوي من الالف الي الياء انه مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، من هذا المبني البعيد عن الانظار الذي لا يلفت عادة فضول المرتادين تلميحا أوتصريحا داخل دار الاوبرا تنطلق الفاكسات وتخط الخطابات البريدية والالكترونية وتتعالي المكالمات وتصدر الاوامر وتنسق المراسم هنا الخلية الصغيرة التي تنسق حدثا كبيرا وهاما حيث الكواليس المهنية لصناعة المهرجان، ابتداءً من اختيار العنوان السنوي للمهرجان ومايتناسب وطبيعة التغيرات العالمية الجديدة واصدار الاوامر بترجمة مايدعم هذا العنوان المختار لمجموعة من اكبر المؤلفات لكبار المسرحيين بالعالم، هذا الجهد الذي يتكلف وقتا طويلا لان اصدارات المهرجان هي صوته وفكره الباقيان.. هنا يختار لجان المشاهدة ومئات الاشرطة الاجنبية لاختيار العروض الجيدة منها وهنا يتم اختيار لجنة التحكيم عالميا مضافا اليهم اثنان من مصر من هذا المكان يعهد بمسئولية استقبال الوفود بمطار القاهرة الدولي وكتيبة الترجمة التي ستكون صوت اكثر من خمسين دولة زائرة علي الاقل ومن قبلها رحلة مناقصة وحجز الفنادق لطواقم العروض الفنية الزائرة والاشراف علي التسكين وطبيعة خدماتهم من إقامة وتنقل وأجندة يومية ونقل الديكور للدول المشاركة من قسم الشحن بمطار القاهرة، هنا الخلية الناعمة تدعم من يشارك في المهرجان من وفود الدول دون اعلاء لدولة علي دولة او فنان علي آخر للقضاء علي كل المشاكل وانهائها دون اثارة اية تبعيات في هدوء ووعي مطلقين وايضا مطبوعات الفرق والتعريف بها والجريدة المصاحبة للمهرجان، من هذا المكان تعطي الاوامر للجان الاشراف المختلفة من تجهيزات وعلاقات واعلام ونشر ومالية.. وغيرها الكثير لتصبح الخلية غير عرضة للظرف او الطارئ، من هذا المكان يبلغ الامن العام باتخاذ الاجراءات ليتابع عمله لتأمين الوفود المستضافة الي جانب توافر استعدادات الاسعاف والمطافئ، هنا تتابع سيارات لجان التحكيم وشاحنات نقل الديكور وباصات نقل الوفود الي المسارح من هنا يتم تحديد طبيعة المسرح وملاءمته للعروض المستضافة وتحديد جدول المسارح بخريطة ضخمة مكتظة ودسمة من العروض، هنا مواعيد رحلات الطائرات القادمة بوفود الدول والفندق والمسرح والكتاب وحتي بطاقات الدعوة.. وغيره، هنا تتقاطع وتزدحم الاوراق لكنها لاتتعارض ولاتغرق الخلية، هنا خلية تبدأ بنهاية كل مهرجان دون كلل او ملل رغم انتهاء الفصل المسرحي الدولي والذي يطفيء سماء انوار القاهرة مسرحيا دوليا. انها خلية الفعل المسرحي للمهرجان التجريبي ناعمة كالفراشات وناشطة كالجندي لايشق لها غبار حيث لاتركن ولاتهدأ، خلية صناعة المهرجان، عشرون عاما مضت من النضال قدم من خلاله حصيلة الآلاف من ليالي العرض لعروض اجنبية والمئات من الفرق التي تمثل عشرات الدول القارية ومئات المكرمين ومئات الاصدارات من الكتب والآلاف من الفنانين الذين شاركوا وتعرفوا علي مصر وعشرات المكرمين والندوات والجوائز التي لم يشوبها أيه تحيز او رغبة بآراء محايدة، بعدها لاشك انه بذل الجهد وحظي بالتطور ونال التقدير ويترقب الانتظار، فهو النافذة الاولي والاخيرة والوحيدة لمعرفة اخر التطورات للفنون المسرحية في العالم والتي تأتي علي مائدة من فضة كاملة الدعم بفضل تلك الخلية التي تعمل خلف ستار ككل مخرجي الاحداث الكبيرة والان وبعد ان وقف المهرجان علي قدمين وساقين ورأس واضحة يطل علينا، لايتفادي المهرجان سهام النقد وأحيانا العنف والذي يصل بعضها الي حد المطالبة بإيقافه ليستريح بعد عناء، وذلك مع طيلة شهر سبتمبر من كل عام ليستمر الخوض في الجدل السنوي- التجريبي- حول انجازاته وسلبياته ما بين مؤيد ومعارض كلاهما لاينكر استفادته بنسب متفاوتة القيمة لتقف الخلية الناعمة لصناعة المهرجان موقف مضي السفينة من بعض الرياح التي لا تشتهيها دون ان تؤثر علي سلامتها.