جدد الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة الليلة قبل الماضية هجومه علي الولاياتالمتحدة واسرائيل، فيما امتنع عن التطرق مباشرة الي النزاع بين طهران والمجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي. واتهم نجاد اسرائيل بانتهاج سياسات غير انسانية وعنصرية في المناطق الفلسطينية كما اتهم اليهود بالهيمنة علي الشئون السياسية والاقتصادية في العالم وبمحاولة ايجاد شكل جديد من العبودية في العالم علي حد تعبيره. وفي اشارة واضحة الي الولاياتالمتحدة، هاجم نجاد من وصفهم ب"البعض الذين يبعدون الاف الكيلومترات عن الشرق الاوسط" ويرسلون قوات "لنشر الحرب واراقة الدماء والعدوان والارهاب والتخويف"، الا أن نجاد تجنب بشكل واضح اي ذكر لمحرقة اليهود. وفي تعليق علي الانتخابات التي جرت في بلاده واغرقتها في ازمة سياسية حادة، قال ان ايران "شهدت انتخابات عظيمة وديمقراطية بالكامل، فتحت فصلا جديدا امام بلادنا في مسيرتها نحو التقدم الوطني". وفي رد فعل مباشر علي كلمة نجاد، غادرت وفود 12 دولة يتصدرها الوفدان الأمريكي والفرنسي مساء أمس الأول القاعة الكبري للجمعية العامة الذي اعتبروه "معاديا للسامية"، وذلك بعد أن قاطعتها اسرائيل ودعت الي مقاطعة كلمته واستجابت كندا لدعوتها. وقال مارك كورنبلاو المتحدث باسم البعثة الامريكية الي الاممالمتحدة في بيان "من المخيب للامل ان يختار احمدي نجاد مرة جديدة اعتماد خطاب حاقد وهجومي". وغادرت وفود الارجنتين واستراليا وبريطانيا وكوستاريكا والدنمارك وفرنسا والمانيا والمجر وايطاليا ونيوزيلندا والولاياتالمتحدة القاعة حين بدأ نجاد يوجه انتقادات الي اسرائيل، علي ما اوضح مصدر اوروبي. ووصف دبلوماسي فرنسي كبير خطاب الرئيس الايراني بانه غير مقبول علي الاطلاق مؤكدا انه كان هناك تنسيق بين عدد من الدول حول مغادرة القاعة. وكان ممثلو دول الاتحاد الأوروبي قد غادروا قاعة مؤتمر الأممالمتحدة حول العنصرية "دربان-2 " في جنيف الذي عقد في ابريل الماضي عندما تحدث نجاد عن "حكومة عنصرية" في الشرق الأوسط وذلك في إشارة إلي إسرائيل. في الوقت نفسه، تظاهر المئات من الايرانيين الامريكيين ضد سياسات الرئيس الايراني محتجين علي نتائج الانتخابات امام مقر الاممالمتحدة أثناء القائه كلمته. من جانبه، قال بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي ل بان كي مون الأمين العام للامم المتحدة ان نجاد ينكر ابادة 6 ملايين يهودي ويدعو الي ابادة ستة ملايين اخرين، داعيا لاتخاذ موقف حازم من نظام الحكم في طهران. في السياق نفسه، قالت جافريئيلا شاليف مندوبة اسرائيل لدي الاممالمتحدة ان خطاب نجاد يؤكد من جديد وجود الخطر الايراني واهمية لجم طموحات طهران، فيما وصف مايكل أورين السفير الإسرائيلي في الولاياتالمتحدة تصريحات نجاد ، بأنها تكشف عن "عداء تقليدي للسامية .. وتوضح الحقيقة لمن لا يزال متشككا في حقيقة النظام الايراني". علي صعيد آخر، أكد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف خلال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن مهمة جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل تعد مهمة ملحة للغاية . وأضاف في كلمته إن هذه المهمة طرحت منذ فترة طويلة، معيدا إلي الأذهان وجود قرار بهذا الشأن في مؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية الذي عقد عام 1995. وأعلن ميدفيديف أنه سيقدم مشروع قرار منفصلاً للجمعية العامة للأمم المتحدة ضد" تمجيد " النازية في الفترة القادمة. كان ميدفيديف قد اجتمع بنظيره الأمريكي علي هامش اجتماعات الجمعية العامة حيث تصدر الملف النووي الإيراني المباحثات بين الزعيمين اللذين هددا بفرض عقوبات إضافية علي طهران إذا لم تف بالتزاماتها الدولية. وأوضح أوباما أن الولاياتالمتحدة ملتزمة بنظام قوي لمنع الانتشار النووي وبالدفاع عن عدم انتشار الأسلحة النووية، مطالبا الدول التي تمتلك أسلحة نووية بتقديم التزامات لبدء خفض مخزوناتها. وحذر الرئيس الامريكي إيران من فرض عقوبات إضافية عليها إذا لم تلتزم بالاتفاقيات الدولية وتتوقف عن تطوير اسلحة نووية، مشددا علي أن فرصتها تكمن في اجتماع الدول الخمس زائد واحد في أول أكتوبر القادم لكي تتخذ قرارا جادا بشأن التزامها بالتخلي الكامل عن الأسلحة النووية . من جانبه، قال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إن العلاقة مع الولاياتالمتحدة شهدت تطورا ايجابيا كبيرا في الآونة الاخيرة ،وهو الأمر الذي سوف يسمح بمعالجة القضايا الدولية الصعبة التي لا تقتصر فقط علي الدولتين ولكن تتعلق أيضا بالعالم كله. في غضون ذلك، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أمس عن عضو بارز في الوفد الروسي أمس قوله إن موسكو ستتعاون مع مجلس الأمن إذا قدمت وكالة الطاقة الدولية "أسسا كافية" لإثبات أن إيران لا تزال تواصل تخصيب اليورانيوم. وقال مسئول روسي رفض الكشف عن هويته إن روسيا "لا تستبعد المشاركة في صياغة قرارات جديدة لمجلس الأمن الدولي بشأن العقوبات ضد إيران".. وأضاف قائلا "إذا كانت هناك أسس كافية، فلا نستبعد فرض عقوبات جديدة". من جانب آخر، ألقي رئيس الوزراء الاسرائيلي أمس كلمته أمام الجمعية العامة مركزا علي التهديد النووي الإيراني. ورحبت اسرائيل بتصريحات الرئيس الأمريكي مؤكدة أن طهران تواصل تضليل المجتمع الدولي في محاولة لكسب الوقت اللازم لتحقيق مآربها النووية . وكان الرئيس الامريكي قد اكد امس الأول انه يتوجب علي قادة العالم وضع طهران وبيونج يانج امام مسئولياتهما اذا اختارتا السعي لامتلاك اسلحة نووية وتغاضتا عن مخاطر تصعيد سباق التسلح في شرق آسيا والشرق الاوسط . وشدد أوباما علي ان كوريا الشمالية وايران تهددان بأخذ العالم في منزلق خطير ويجب علي العالم ان يقف متحدًا ليثبت ان القانون الدولي ليس وعدًا فارغًا.