سنحتاج لبعض الوقت حتي نقوم بدراسة معركة فارق حسني في اليونسكو واستخلاص الدروس المستفادة منها.. فنحن سنحتاج أن تهدأ أعصابنا وتبرد انفعالاتنا حتي نقوم بتقييم موضوعي لما قمنا به، وما واجهناه من حيل وألاعيب بل ومؤامرت لمنع مرشح عربي أفريقي لمنصب مدير عام هذه المنظمة الدولية المهمة.. وسنحتاج أن نعرف الكثير مما نجهله وإن كنا نستنتجه أو نشك فيه، لنلم بتفاصيل دور دول أوروبية ومعها أمريكا في محاربة وزير الثقافة المصري، وأسباب عدم تنفيذ دول مختلفة تعهداتها لنا بمنح أصواتها للمرشح المصري، بل وأسباب تراجع دولتين وسحب تأييديهما اللذين منحتاهما لفاروق حسني في الجولة الرابعة وقامتا بحجبه عنه في الجولة الخامسة والحاسمة لمنعه من الفوز بالمنصب الدولي. ولكننا ربما لا نكون محتاجين لأي وقت لنتبين أن ما ربحناه في هذه المعركة يفوق ما خسرناه!.. نعم نحن خسرنا هذا المنصب الدولي، حينما منع فاروق حسني مع سبق الإصرار والترصد من الوصول إليه، وخسرنا بالتالي أن نضيف منصبا دوليا جديدًا لقائمة المناصب الدولية التي فاز بها مصريون من قبل وفي مقدمتها أمين عام الأممالمتحدة، ورئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. ولكن مع ذلك نحن كسبنا شيئًا مهما للغاية.. كسبنا إظهار مدي قدرتنا علي حشد عدد لا يستهان به من التأييد العربي والأفريقي وبعض التأييد الأمريكي اللاتيني مع قليل من التأييد الأوروبي.. وهذه القدرة المصرية سوف يعمل الجميع لها ألف حساب في المستقبل. لقد عرف الآن الأمريكيون الذين ناصبوا المرشح المصري العداء سواء في ظل الإدارة الجمهورية أو الإدارة الديمقراطية أن مصر ليست ضعيفة أو هفية كما يقال، ولكنها قوية وقادرة ولها تأثير ونفوذ عربي وأفريقي، أي في محيطها الإقليمي، ولا يمكن تجاهل هذا النفوذ أو هذا التأثير في القضايا الأهم والأخطر.. قضايا السلام والتنمية وأمن المنطقة. كما عرف الأوروبيون أننا كشفنا زيف وعدم صدق كل ما قالوه لنا من قبل، سواء حول حوار الثقافات والحضارات أو تعاون شمال وجنوب البحر المتوسط، حينما اضطروا أمام قوة المرشح المصري إلي المناورات واستخدام أساليب غير شريفة للنيل من المرشح المصري، كان من بينها شراء صوتي الدولتين اللتين سبق أن صوتتا له في الجولة الرابعة.. وهذا سيزيد الأوروبيين ضعفًا أمامنا في أي حوارات مستقبلا تدور حول التعاون المشترك. كذلك عرف الإسرائيليون أن المرشح المصري، رغم كل حملات الهجوم التي شنوها عليه بمساعدة يهود أوروبا وأمريكا لم تقض علي فاروق حسني من الجولة الأولي، بل إنه استمر يقاتل حتي اللحظة الأخيرة بقوة ودأب ومعه الدبلوماسية المصرية كلها.. وهذا يعني أن خوض إسرئيل معركة دبلوماسية مع مصر لن تكون سهلة، ولولا بعض الأخطاء المبكرة لما خسر المرشح المصري معركة اليونسكو. وهكذا رب ضارة نافعة.