قرار صائب اتخذه مجلس المحافظين برئاسة د. أحمد نظيف رئيس الوزراء منذ أيام بتأجيل بدء الدراسة بالمدارس والجامعات حتي الأسبوع الأول من أكتوبر القادم مبرراً ذلك بانتهاء موسم العمرة والتأكد من عودة جميع المعتمرين واستقرار حالاتهم وانقضاء فترة حضانة المرض. إلي جانب اتاحة وقت كاف للمدارس والجامعات للانتهاء من الإجراءات الوقائية التي تم الاتفاق عليها في هذا المجال.. ولكن يظل السؤال: هل نستطيع فعلاً - دون تهويل أو تهوين - أن نتعاون معاً ونعمل معاً من أجل تنفيذ خطة مواجهة هذه الأزمة التي تعيشها حتي الآن أكثر من 190 دولة من دول العالم ظهرت فيها حالات إيجابية لهذا الفيروس الخطير انفلونزا الخنازير؟! تقديري أنا حتي الآن حققنا نجاحاً نسبياً، فمنذ بدء انتشار المرض ظهر في مصر في ضوء بيانات وزارة الصحة - التي اثق في دقتها - ما يقرب من 850 حالة، تم الشفاء الكامل لاغلبها، وتوفيت حالتان فقط.. ولكن من الملاحظ أن هناك تصاعداً في الإصابات مع الاصرار من جانب الكثيرين علي أداء العمرة رغم كل التحذيرات.. والملاحظ أيضاً وهذا شيء يثير دهشتي إلي حد كبير أن الكثيرين منا يهونون من حجم المرض.. ويرون أن هناك مبالغة في الحديث عن خطورته.. وأن هناك حالة من اللامبالاة تسيطر علي البعض.. حتي إنهم يرفضون الغاء بعض التجمعات الموسمية مثل الموالد وغيرها. هذه الحالة الخطيرة من عدم ادراك حجم الأزمة الحقيقي لا أدري من المسئول عنها؟ وان كنت اعرف جيداً من القادر علي وضع الأمور في حجمها الحقيقي، واقناع الناس بحتمية الاهتمام بالإجراءات الوقائية، والالتزام بما يتم من إجراءات احترازية.. فهو دون شك الإعلام بوسائله ووسائطه المختلفة سواء وسائل الإعلام الجماهيرية خاصة التليفزيون والإذاعة أو وسائطه المباشرة من خلال الفرق القادرة علي نشر الوعي بأعراض المرض وما ينبغي أن تفعله أي أسرة أو مؤسسة تعليمية يظهر بين أبنائها أو أفرادها شخص مصاب، سواء في التصرف السريع مع هذه الحالة المصابة لعلاجها، أو الإجراءات الخاصة بعزله حماية لباقي أفراد هذه الأسرة أو المؤسسة، والأهم التوعية بما ينبغي أن نلتزم به جميعاً تقليلاً لنشر العدوي والحد من المصابين لاسيما، وأن الجميع لابد أن يكون واعياً بأن الفيروس مؤهل للانتشار في فصلي الخريف والشتاء القادمين.. وقد تأخرت كثيراً التنويهات التليفزيونية الخاصة بالتوعية بمرض انفلونزا الخنازير، وبدأت علي استحياء منذ أسبوع أو يزيد قليلاً.. وأنا أقدر طبعاً أن من المهم التعامل مع مثل هذه الأزمات بحساسية عالية ودقة في حسابات تأثيرات التخويف، ولكن الأمر جد خطير، ولابد أن يدرك الجميع أن عليهم الاحتياط ويتدربوا علي مواجهة أي حالة إصابة ويتعاملوا معها بوعي كامل حفاظاً علي الثروة البشرية لمجتمعنا.. وقد شعرت بسعادة حينما دعانا د. حسام كامل رئيس جامعة القاهرة إلي اجتماع خاص لمجلس عمداء جامعات القاهرة لمناقشة خطة الجامعة للتعامل مع مرض انفلونزا الخنازير فقد كانت هناك خطة متكاملة ومدروسة ومحددة المسئوليات والتكليفات لكل أجهزة الجامعة وإدارتها ذات الصلة المباشرة بالموضوع، خطة شجاعة تمثلت في إجراءات خاصة بالنظافة المستمرة لكل مرافق الكليات والجامعة من خلال متابعة دقيقة لذلك واجراءات خاصة بتقليل الكثافة في المدرجات، والتشغيل الكامل لمدة 12 ساعة لها، مما ترتب عليه الغاء إجازة يوم السبت وتقليل عدد الطلاب المنتظمين في المحاضرات في بعض الكليات ذات الاعداد الضخمة وهي الآداب والتجارة والحقوق ودار العلوم بقصر الحضور علي الطلاب المنتظمين دون طلاب الانتساب الموجه، رأت الجامعة أن تستفيد من امكانياتها التكنولوجية في أن تقدم المحاضرات لهم بأسلوب غير مباشر من خلال المحاضرات التليفزيونية مستخدمة قناتي التليفزيون الفضائيتين الخاصتين بالجامعة علي النايل سات.. فضلاً عن خطة توعية بدأنا بالفعل في الإعداد لها من خلال ملصقات ومحاضرات توعية للطلاب وكل مجتمع الكلية، فضلاً عن اثنين في كلية الإعلام مثلاً سوف ننتج مجموعة من التنويهات المتلفزة سنقوم ببثها للطلاب من خلال الدائرة التليفزيونية المغلقة بالكلية.. وقد تركت الجامعة لكل كلية أسلوب التوعية، وإن كنا جميعاً ملتزمين بمضمون ومحتوي الرسائل التي سيتم توجييهها من خلال المواد العلمية التي تزودنا بها وزارة الصحة.. وقد دعوت طلابي أن يستغلوا الجروبات الخاصة بهم علي الفيس بوك لمناقشة هذا الموضوع، والتوعية بمخاطر انفلونزا الخنازير.. وقد حصصت الجامعة أيضاً غرفة عمليات لمتابعة الموقف مع بدء الدراسة بإذن الله.. ومن خلال متابعتي لخطة الطوارئ التي أعدها مجلس المحافظين برئاسة د. أحمد نظيف رئيس الوزراء والتي يشارك في تنفيذها عشر وزارات هي الصحة، والتربية والتعليم، التعليم العالي، والأوقاف، والداخلية ، والطيران المدني، والنقل والمواصلات، والإسكان، والسياحة والاتصالات، اراها خطة جيدة، ولكن المهم أن يتم تنفيذها ومتابعة ذلك بشكل دقيق، وأن يكون هناك تنسيق حقيقي وجاد بين هذه الوزارات.. وإن كان مما أثار دهشتي غياب الحديث عن دور وزارة الإعلام وهي المسئولة عن اتحاد الإذاعة والتليفزيون وكذلك مراكز الإعلام الداخلي بالهيئة العامة للاستعلامات، وعليها أدوار مهمة في مجال التوعية.. إن هذه الأزمة هي أزمة قومية ينبغي أن تكون مواجهتها شاملة، وإذا كانت وزارتا التعليم العالي،التربية والتعليم يقع عليهما عبء كبير سواء بما سوف يتخذونه من إجراءات لضمان نظافة وتطهير الفصول والمدرجات، وخفض كثافتها، ورفع درجة الوعي لدي أعضاء التدريس والطلاب، خاصة التوعية بأهمية غسل الأيدي، وتنظيف الاسطح والأرضيات، والتهوية الجيدة للفصول والمدرجات، والمراقبة الدقيقة لإجراءات الوقاية في بعض أماكن إقامة الطلاب كالمدن الجامعية، كما أن عليهم تنفيذ الخطة البديلة في حالة تعليق الدراسة لماتم الاتفاق عليه اغلاق فصل في حال ظهور إصابة أو إصابتين لمدة أسبوعين واغلاق المدرسة في حالة ظهور أكثر من ذلك لمدة تتراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع وتعليق الدراسة تماماً في حال زيادة الحالات المصابة بمتوالية هندسية، من خلال استخدام تقنية الدراسة عن بعد من خلال القنوات الفضائية التعليمية وشبكة الانترنت.. إذا كان العبء الأكبر يقع عليهما، فأنهما يحتاجان لدعم ومساندة وسائل الإعلام والثقافة وكذلك الاتصالات سواء في التوعية بشكل عام أو القيام بالعملية التعليمية بالاستعانة بإمكانيات التليفزيون والانترنت لبث المحاضرات، وأشير هنا إلي وجود عدد من القنوات التعليمية التابعة لقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون، كما يمكن أيضاً التنسيق معها في هذا الشأن. تبقي مسألة مهمة أيضاً هي عملية التدريب المطلوب لفرق العمل المنوط بها الاشراف علي تنفيذ هذه الخطط، وإذا كانت وزارة الصحة قد دربت مثلاً 260 مدرباً من الأطباء والممرضات، فإن الأمر يقتضي تدريب أكثر من ذلك بكثير، فهذا عدد ضئيل للغاية، كما أننا نحتاج لتدريب القيادات المسئولة في المدارس والكليات من خلال عقد ورش عمل، فضلاً عن ضرورة توفير قاعدة بيانات وقائمة بأسماء أطباء أو متخصصين قادرين علي توعية الطلاب، يمكن لنا في الجامعات والمدارس الاستعانة بخبرتهم في المحاضرات والندوات وورش العمل الخاصة بتوعية الطلاب.. أكرر أن الأمر جد خطير.. وان علينا كمصريين أن نتخلص من تلك الحالة الغريبة التي تسيطر علي بعضنا وتجعلنا ننظر للأمور عن بعد وكأننا مجرد متفرجين عن بعد.. ولسنا في قلب الأحداث!