انشغل الكثيرون في الآونة الأخيرة بموضوع إلغاء شرط مرور خمس سنوات علي المؤهل الثانوي لكي يتم الالتحاق بالتعليم المفتوح، وشكا كثيرون أيضا من أن مستوي خريجي الكليات وخاصة كلية الإعلام سيتراجع، خاصة مع الشكوي القائمة أساسا من أن الصحافة والإعلام قد أصبحت مهنة من لا مهنة له، وأن الكثير من الأخطاء المهنية الفادحة التي تقع فيها وسائل الإعلام هي ناتجة عن هؤلاء “الدخلاء” علي المهنة ممن لا خبرة لهم بالعمل الإعلامي والذين يعتمدون علي “الفهلوة” فيما يقدمونه من مضامين مختلفة. ولكني كنت بنفسي شاهدا علي بعض المقابلات التي أجريت في كلية الإعلام لطلاب الثانوية العامة من ذوي المجاميع المنخفضة، ووجدت أن هذه المقابلات بالإضافة إلي الامتحانات التحريرية تمثل عوامل فلترة للحكم عما إذا كان الطالب لديه الاستعداد والمهارات الشخصية الكافية التي تؤهله للالتحاق بالفعل بالكلية، ولا أدل علي ذلك من أن أحد الطلاب وهو حاصل علي 09٪ لم يتم قبوله لعدم امتلاكه سوي مهارة الحفظ بينما افتقد تماما للمواصفات الشخصية والقدرات المبدئية، وذلك مع التأكيد بأن هذه المقابلات تمت في حياد تام ودون أي تدخلات أو وساطات. ويقودنا ما سبق إلي حقيقة مهمة وهي أن التخصص الإعلامي هو تخصص متميز، وأن مجموع الدرجات الذي حصل عليه الطالب في الثانوية العامة ليس المعيار الوحيد المطلوب فقط لدخوله الكلية، وأن الاستعداد والمهارات الشخصية لديه مطلوبة بدرجة كبيرة لكي يتم قبوله، الأمر الذي يؤكد أهمية إجراء مثل هذه المقابلات الشخصية والامتحانات التحريرية ليس فقط لطلاب الثانوية العامة من ذوي المجاميع المنخفضة، بل لجميع الطلاب الراغبين في الالتحاق بكلية الإعلام، ورغم أنه قد تم تطبيق هذا الشرط منذ عدة سنوات في كلية الإعلام إلا أنه لم يستمر، فلماذا لا نعود إليه وقد ثبت بالفعل أن المجموع وحده ليس كافيا للحكم عما إذا كان الطالب يستحق بالفعل أن يلتحق بكلية الإعلام أم لا. ولكن لماذا أقول كل ذلك؟ لإننا أصبحنا نري أن مستوي الأداء المهني للعديد من الصحف والصحفيين والإعلاميين قد أصبح دون المستوي، والمتتبع بالفعل لصفحنا يجد أن كثيرا منها يكتب الآن بلغة أقل ما توصف به أنها مبتذلة وانفعالية، وبعضها صادر عن أناس ينظر إليهم البعض بوصفهم مرضي يعانون من متاعب نفسية لا تحصي أقلها البارانويا والعدوانية وسلاطة اللسان، رغم أن القائمين عليها يحاولون ايهام القراء أنها ليست كذلك، ووجه السهولة هو أنها تجعل بإمكان فرد واحد أن يملأ الجريدة من الأولي إلي الأخيرة، وبامكان عشرة أفراد أن يقولوا ما يعن لهم، من دون أدلة ولا معلومات، من دون تعب علي تحصيل حجة ولا تحمل عناء التحقق من صحة كلمة ولا جملة ولا حتي من كل الصفحات، التي تطرح أمام القراء دون احترام عقولهم. أنني اطالب واعتقد أن السيد وزير التعليم العالي لديه اتجاه إيجابي نحو ذلك ألا وهو العودة إلي امتحانات القبول والقدرات للراغبين للالتحاق بكلية الإعلام سواء كان للتعليم النظامي وهو الاجدر أو للتعليم المفتوح وهو المستقبل الفارض وجوده، نعم ما أحلي الرجوع إلي الأصول لنضمن تخريج إعلاميين علي حق..