في غضون شهر تفتح المدارس أبوابها، ولا أحد يعرف هل سوف يؤجل وزير التعليم انتخابات مجالس الأمناء والآباء والمعلمين للعام الثاني، أم سوف يتجه إلي عقدها؟ العام الماضي كان من المفترض أن تجري الانتخابات، إلا أنه صدر قرار وزاري لم أجد من يفسره يؤجل الانتخابات لمدة عام، مع استمرار عمل المجالس المنتخبة عام 2006م، وكان القرار بمثابة خيبة أمل لأنه أشاع احباطا في ثنايا تجربة وليدة، قدر لها كثيرون أن تلعب دورا في تعميق المشاركة المجتمعية في المجتمع المصري. فقد صدر القرار الوزاري رقم 258 لسنة 2005م، والذي عدل بقرار رقم 334 لسنة 2006م بشأن مجالس الأمناء والآباء والمعلمين، بهدف تفعيل دورها في المدارس، وهو ما يصب مباشرة في اتجاه تحويل المدرسة إلي مؤسسة مجتمعية، تتمتع بقدر من الاستقلالية في إدارة شئونها، تنفتح علي المجتمع، وتتفاعل معه، وتعبئ موارده في خدمة أهداف العملية التعليمية. أنشأ القرار الوزاري رقم 334 لسنة 2006م في كل مدرسة مجلسًا للأمناء والآباء والمعلمين، يتكون من 15 عضوا، بواقع خمسة أعضاء منتخبين من الجمعية العمومية للآباء يمثلون الآباء من غير المعلمين، والعاملين بالمدرسة، وخمسة أعضاء معينين من الشخصيات العامة المهتمين بالتعليم، وثلاثة أعضاء من معلمي المدرسة ينتخبهم المعلمون، وأخيرا عضوين هما مدير أو ناظر المدرسة بصفته مديرا تنفيذيا للمجلس، والإخصائي الاجتماعي بالمدرسة، والذي يتولي أمانة السر وتتشكل الجمعية العمومية للآباء من مجموع أولياء أمور جميع التلاميذ بالمدرسة، وتتكون الجمعية العمومية للمعلمين من جميع معلمي المدرسة، ويعتبر حضور كليهما صحيحا إذا حضر 50٪ علي الأقل من الأعضاء، وإذا لم يكتمل النصاب المقرر تؤجل الجمعية العمومية لمدة ساعة، علي أن تنعقد بحضور 25٪ علي الأقل من جملة الأعضاء. ونظرا لأن الفكر التقليدي لمجلس الآباء لا يزال مسيطرا علي عقول أولياء الأمور، من حيث كونه مجلسا لجمع التبرعات لا أكثر، ولم يصل إلي كثيرين مفهوم مجلس الأمناء بمعناه الحديث، فإن نسبة الحضور في الجمعية العمومية عام 2006 بشكل عام في العديد من مدارس الجمهورية كانت ضئيلة وهو ما أدي إلي تشكيل المجالس بالتعيين، وكان أولي بالقرار الوزاري أن يعطي الأعضاء الذين حضروا الجمعية العمومية من أولياء الأمور - بصرف النظر عن عددهم - الحق في اختيار من يمثلهم، وذلك حتي لا نساوي بين الأعضاء المشاركين وغير المشاركين، بحرمان المشاركين من حقهم في الاختيار. وقد حدد القرار الوزاري رقم 334 لسنة 2006م في مادته الثانية مجموعة من الأهداف التي تسعي مجالس الأمناء لتحقيقها أهمها: توثيق التعاون المشترك بين الآباء والمعلمين، وأعضاء المجتمع المدني، وتحقيق اللامركزية في إدارة المنشأة التعليمية، والعمل علي تأصيل الديمقراطية في نفوس الطلاب، والبحث عن آلية لتطوير العملية التعليمية داخل المدرسة، وتعظيم دور المدرسة في خدمة البيئة والمجتمع المحلي. وبالنظر إلي الاختصاصات التي يكلفها القرار الوزاري لمجلس الأمناء والآباء والمعلمين، يمكن القول أن بعض هذه الاختصاصات ذات دلالة واضحة، مثل اعتماد الحساب الختامي للمشروعات وفق الخطة المقدمة، تقرير صرف أي مبالغ من أموال المجلس لتحقيق الخطة، ومناقشة ومراجعة وإقرار الحساب الختامي توطئة لعرضها علي الجمعية العمومية بالمدرسة، وإعداد التقرير السنوي الذي يعطي صورة مفصلة عن نشاط المجلس وأعماله والذي يتضمن المشروعات والخدمات.. وهناك اختصاصات أخري جاءت الصياغات المعبرة عنها أقرب إلي التمني منها إلي إقرار ممارسات معينة مثال علي ذلك المساهمة الفعالة مع إدارة المدرسة في وضع خطة متكاملة لتحقيق أهداف المجلس، والتعاون مع إدارة المدرسة في وضع خطة تنفيذية لصيانة المباني.. تعزيز دور المدرسة في خدمة البيئة المحيطة، العمل علي دعم الأنشطة التربوية..«، العمل علي تحقيق التعاون بين المدرسة والمؤسسات الأخري كالجامعات، ومراكز الشباب، والجمعيات الأهلية، والإعلام. مجلس الأمناء والآباء والمعلمين - بهذه الصيغة - رغم ما تردد عليه من ملاحظات، إلا أنه في النهاية تجربة مهمة يجب التأكيد عليها، والعمل علي إثرائها، العام الماضي كان بمثابة خيبة أمل لتجديد العمل الديمقراطي في المدارس، فهل هذا العام - ربما خوفا من إنفلونزا الخنازير التي أصبحت الشماعة التي نعلق عليها كل شيء - سوف تتأجل الانتخابات لعام آخر، وربما لأجل غير مسمي، أخشي ذلك، ولا سيما أن وزير التعليم - في حدود ما ينشر في وسائل الإعلام - لا يتحدث في هذا الموضوع، ولا يراه جزءا أصيلا من تطوير العملية التعليمية.