هناك في جنوب الصحراء الغربية حيث يتعانق سحر الرمال الذهبية مع جريد النخل ما بين الهضاب المرتفعة وعيون الماء النقية تقع الواحة الخارجة علي بعد 232كم جنوبأسيوط وفي هذه الواحة ذات الطبيعة الجغرافية الخاصة يستقبل الناس شهر رمضان أيضًا بطريقتهم الخاصة التي نحاول التعرف عليها من خلال ابن الواحة الباحث مصطفي معاذ.. يقول: ما إن يعرف أهالي الواحات اقتراب شهر رمضان. حتي تجد الأجراس والأفراح والاستعدادات المصحوبة بالبهجة والرضا قد بدأت، والمرأة علي وجه الخصوص تستعد لهذا الشهر بطريقة مختلفة، فتبدأ بالخبيز وبالتحديد العيش الشمسي بنوعيه اللبن - المردد أي الجاف بكمية تكفي الشهر كله. وما إن ينتهي إعداد هذه الأرغفة الملتهبة حتي تبدأ ربة المنزل في التفكير فيما ستطعمه للأسرة خلال الشهر الكريم من الدجاج والرومي والحمام والأوز والبط، إذ ينتظر لحم هذا الطير عامًا بأكمله حتي يأتي رمضان بفرحته وولائم إفطاره الشهية. ُيعِد البيت الواحاتي في رمضان بلحًا من أجود الأنواع حيث يتم اختياره بشكل دقيق من الأهالي، بالاضافة لذلك فبعض البيوت المعروفة تكبس صفائح كبري من البلح الجيد وتوزعه علي المساجد كإفطار للغرباء والمصلين وعابري السبيل. أما عن الشوارع فتزداد بهجتها وتألقها مع بداية الشهر فقبل ليلة الرؤية يخرج إلي الواحة فرق من الأهالي يحملون الطبول البلدية والبازات جمع بازة وهي آلة شعبية تستخدم في المناسبات الدينية، كما يحملون الأعلام الملونة المكتوب عليها بخيوط دقيقة وجميلة عبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله وتدور هذه الفرق ومن يصحبها من الأطفال في كل حي بالواحة كاملة، للإعلان عن هذه المناسبة الروحية السارة إذ يرتبط رمضان في ذوات الجماعة الشعبية بالكرم والنفحات والعطاء الجزيل من رب الكون. وما تلبث هذه الطبول أن تدق وتلك الأغنيات التي يرددها أصحاب الفرق أن تحلو وينتظم إيقاعها حتي يخرج الأطفال جريا إلي الأبواب والنساء من خلال الشبابيك مزغردات وملقيات بالحلوي علي رءوس الأطفال الذين يسارعون بالتقاطها في سعادة ومرح يعرفهما جميع سكان المحروسة، وكلما مرت فرق استقبال رمضان بأي حي زاد عددها وابتكر الأهالي طرقًا رائعة للانضمام لهذه الزفة الرائعة. كما يحرص الآباء الواحاتيون علي تقديم الفوانيس لأبنائهم في ذلك اليوم ليشاركوا به في الاحتفالية، وما إن يأتي مغرب أول يوم صيام حتي تُخرج النساء ال مُفطر بضم الميم وهي أطعمة توضع علي الطرق للغرباء وفي المحطات للمسافر وعلي مصاطب الدور للعائدين إلي بيوتهم متأخرًا من الحقول بعد أذان المغرب.