مستشار ترامب يدعو إلى فرض عقوبات على مسؤولي الجنائية الدولية    رصدنا جريمة، رئيس إنبي يهدد اتحاد الكرة بتصعيد أزمة دوري 2003 بعد حفظ الشكوى    جوميز يتحدى الأهلي: أتمنى مواجهته في السوبر الأفريقي    حلمي طولان: مستاء من سوء تنظيم نهائي الكونفدرالية.. وأحمد سليمان عليه تحمل الغرامات    أهالي سنتريس بالمنوفية ينتظرون جثامين الفتيات ضحايا معدية أبو غالب (فيديو وصور)    متحدث "مكافحة الإدمان": هذه نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة    برقم الجلوس.. موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 الترم الثاني (الرابط والخطوات)    بالصراخ والبكاء.. تشييع جثامين 5 فتيات من ضحايا غرق معدية أبو غالب    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    سيراميكا كليوباترا : ما نقدمه في الدوري لا يليق بالإمكانيات المتاحة لنا    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    إبداعات| «سقانى الغرام».... قصة ل «نور الهدى فؤاد»    تعرض الفنانة تيسير فهمي لحادث سير    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    لعيش حياة صحية.. 10 طرق للتخلص من عادة تناول الوجبات السريعة    اليوم.. قافلة طبية مجانية بإحدى قرى قنا لمدة يومين    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    «معجب به جدًا».. جوميز يُعلن رغبته في تعاقد الزمالك مع نجم بيراميدز    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    هتنخفض 7 درجات مرة واحدة، الأرصاد الجوية تعلن موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    قناة السويس تتجمل ليلاً بمشاهد رائعة في بورسعيد.. فيديو    شارك صحافة من وإلى المواطن    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 22 مايو 2024    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    محافظ كفر الشيخ يتفقد أعمال تطوير شارع صلاح سالم وحديقة الخالدين    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    أول فوج وصل وهذه الفئات محظورة من فريضة الحج 1445    عمر مرموش يجرى جراحة ناجحة فى يده اليسرى    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    بعبوة صدمية.. «القسام» توقع قتلى من جنود الاحتلال في تل الزعتر    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    محمد حجازي ل"الشاهد": إسرائيل كانت تترقب "7 أكتوبر" لتنفيذ رؤيتها المتطرفة    ضد الزوج ولا حماية للزوجة؟ جدل حول وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق ب"كلمة أخيرة"    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    حدث بالفن | فنانة مشهورة تتعرض لحادث سير وتعليق فدوى مواهب على أزمة "الهوت شورت"    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنفاق ونفاق ونفوق ونفقة وإنفاق
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 23 - 08 - 2009

قبل أن يعرف الإنسان اللغة كان محاطا بالنغمات والأصوات فقط، تتسلل إلي سمعه أصوات الطيور الجميلة فتشعره بالنشوة، أو تدفعه صيحات الطيور الجارحة والحيوانات المتوحشة إلي الإحساس بالفزع. وفي محاولته لتقليدها يبدأ في اكتشاف إمكانيات حنجرته وقدرتها علي إخراج نفس الأصوات والنغمات، هو أيضا يستطيع التغريد كالطيور عند إحساسه بالانسجام كما يستطيع أن يزأر كالأسود عند شعوره بالغضب، ثم ينتقل إلي خطوة أخري أكثر تعقيدا وهي تحويل تلك النغمات إلي كلمات، وفي طريقه إلي ذلك كان لابد أن يكتشف أهم ما يتسم به التفكير الصحيح وهو عنصر الاقتصاد (economy) كيف يصل إلي هدفه بأقل عدد من الكلمات، نفس العنصر فيما بعد سيكون العنصر الحاسم في الشعر والإبداع الفني والعمل السياسي بل عند ربة البيت. هناك معان متشابهة عليه أن يصنع جذرا لها لينحت منه أكبر قدر من الكلمات. هنا تكمن عبقرية الكلمات في أي لغة وخصوصا في اللغات القديمة ومنها اللغة العربية.
أريد منك العودة لعنوان المقال ليس لقراءة كلماته بل للاستماع إليها واستعادة نغماتها، لماذا اختار العقل الجمعي البدائي أن تكون هذه الكلمات البعيدة عن بعضها البعض في معانيها، مستمدة من جذر واحد وكأنه ينبه إلي أنهم أفراد في قبيلة واحدة ولهم نفس ملامحها؟ سأتناول واقعة واحدة قريبة لعلها تمدنا بالإجابة، الشيخ الدكتور عبد اللطيف مرسي قائد تنظيم ثوري جهادي في رفح الفلسطينية، بعد أن أعلن إمارته الإسلامية حاصرت قوات حماس جامع ابن تيمية الذي يعمل إماما له، وعندما اشتد الحصار تسلل من الجامع عن طريق نفق يؤدي إلي بيته ولا أحد يعرف هل هو جزء من شبكة أنفاق أم لا. عندما تبني جامعا في العصر الحديث وتحرص علي وجود نفق تحته للهرب من خلاله في ظرف ما فمعني ذلك أنك لم تبنه كدار للعبادة بل كموقع حربي. ومعناه أيضا إنك مازلت تعيش بأفكار العصور الوسطي عندما كان من الطبيعي أن تنشئ أنفاقا وسراديب تحت القصر والقلاع. فكّر معي.. هذه هي اللقطة التي دفعتني إلي التفكير في تلك الرابطة أو ال(link) بلغة الكمبيوتر هذه الأيام، أليس معني ذلك أن النفاق يحتم وجود الأنفاق؟
نعم.. كل منافق لابد له من أنفاق مختبئة تحت سلوكه وأفكاره وكلماته وما تراه منه هو ذلك الجزء الظاهر فوق الأرض فقط. نأتي لكلمة أخري ظننت في البداية أنها غريبة، كلمة نفوق التي نصف بها موت الحيوان، الواقع أن الإنسان اكتشف منذ وقت طويل أنه أجل وأعظم شأنا من الحيوان لذلك كان من الصعب عليه أن يشاركه الحيوان في صفة أراد أن يحتفظ بها لنفسه، وهي الموت.. هو صاحب روح سترتفع إلي السماء أما الحيوان هكذا تصور العقل البدائي فسينزل أسفل سافلين، لذلك نحت الكلمة من نفس الجذر بعد أن حولها إلي فعل نَ فَِ قَ وهي نفس الكلمة التي اختارها اسما للنفق تحت الأرض، كما تري كلها كلمات ذات معان كريهة أو علي الأقل تبعث علي الضيق.
كلمتان فقط حيرتاني، إنفاق ونفقة، لماذا اشتقهما العقل من ذلك الجذر الكريه؟ لا أحد يحب الإنفاق، أما النفقة فلاشك أن دفعها يشعر الإنسان بالضيق الشديد، هو اختيار صحيح كما تري.
الكلمات بحد ذاتها صادقة بمعني أنها تعبر عن واقع خارج الإنسان أو نابع من داخله، أما اللغة فهي ليست في كل الأحوال صادقة. وبكلمة (تعبر) أقصد أنها تنطبق تمام المطابقة علي المعني الذي تقصده. أما اللغة فبالرغم من أنها مصنوعة من نسيج الكلمات غير أنها مصبوغة بألوان النفس، بل ربما استخدمها بعض الناس لإخفاء حقيقة ما يفكرون فيه لأسباب ربما كانت داخلية أو لدوافع خارجية. ربما تخفي أنت حقيقة ما تفكر فيه لأسباب كامنة في نفسك وربما تخفيه لأسباب كامنة في البيئة المحيطة تشعرك بالخوف من إعلانه.
الكلمة المفردة في حد ذاتها من المستحيل أن تكون كاذبة، لأنها في الأساس احتياج حقيقي للبشر صنعوه بأنفسهم، فعندما أقول لك كلمة شريعة علي سبيل المثال فهناك شريعة بالفعل، أما عندما أضعها في جملة مفترض إنها مفيدة مثل سأحرمك من سماع الموسيقي لأنها حرام، وأفرض عليك الزي الذي ترتديه والسلوك الذي تتبعه والأعمال الفنية التي تراها والكتب التي تقرأها تطبيقا للشريعة، سأفجر الأفراح، وأحرق محلات الفيديو وأمنعك من ارتداء المايوه علي البحر بعد أن تقول لي ذلك، عندها سأبدأ التفتيش في كلماتك بحثا عن أنفاق تستخدمها لإخفاء حقيقة ما تريده، فدرس التاريخ يقول إن ما يطلبه المتطرف ويعلنه ليس هو ما يريده في حقيقة الأمر. أنت تريد القوة، تريد الاستمتاع بالتحكم في حياة البشر وليس في كل ما تطلبه ما له صلة بالشريعة أو بالدين أساسا.. أليس من الوارد أنك صاحب نفس أمارة بالسوء؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.