أعادت قمة شرم الشيخ للسلام، التأكيد على مكانة مصر كقوة إقليمية مؤثرة، كما جاءت كلمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، لتعكس إرادة مصرية صلبة لبناء سلام عادل وشامل يقوم على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، بما يضمن مستقبلًا آمنًا للمنطقة بأسرها، وهذا ما أكده عدد من السياسيين والخبراء فى تصريحات خاصة لجريدة «روزاليوسف»، حول القمة التى شهدت توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، برعاية السيد الرئيس، ومشاركة دولية واسعة، موضحين أنها تمثل منعطفًا تاريخيًا فى مسار القضية الفلسطينية، ورسالة جديدة تؤكد قدرة مصر على قيادة الجهود الإقليمية والدولية نحو استعادة الاستقرار فى الشرق الأوسط. فى البداية، يرى اللواء الدكتور سمير فرج المفكر الاستراتيجى، أن قمة شرم الشيخ تمثل خطوة مهمة فى مسار استعادة التوازن الإقليمى بعد فترة طويلة من الاضطرابات والتوترات، مشيرًا إلى أن انعقادها على الأراضى المصرية يعكس ثقة المجتمع الدولى فى الدور المصرى كوسيط رئيسى قادر على جمع الأطراف المتنازعة على مائدة واحدة. خطة متكاملة لإعادة إعمار غزة ويؤكد «فرج»، أن المخرجات الأهم للقمة تمثلت فى التوافق على وقف شامل ومستدام لإطلاق النار، وإطلاق خطة متكاملة لإعادة إعمار قطاع غزة بمشاركة عربية ودولية واسعة، إلى جانب وضع آلية رقابية مشتركة لمتابعة تنفيذ التعهدات، بما يضمن التزام جميع الأطراف بما تم الاتفاق عليه، لافتًا إلى أن مشاركة هذا العدد الكبير من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية تعكس إدراكًا متزايدًا بأن استقرار المنطقة لن يتحقق عبر القوة العسكرية، بل من خلال حلول سياسية شاملة تتعامل مع جذور الصراع لا مع نتائجه. «فرج»، يوضح أيضًا أن مصر نجحت فى توظيف القمة لتأكيد ثوابتها التاريخية الراسخة، وهى دعم القضية الفلسطينية، والحفاظ على الأمن الإقليمى، ورفض التدخلات الخارجية التى تهدد سيادة الدول واستقرارها، مشددًا على أن القاهرة استطاعت من خلال القمة أن تعيد تقديم نفسها للعالم باعتبارها مركز التوازن الإقليمى، وصاحبة الدور المحورى فى إعادة صياغة معادلات الأمن والسلام فى الشرق الأوسط واستضافة مصر لهذا الحدث الدولى فى توقيت بالغ الحساسية يؤكد قدرتها على جمع المتناقضات وصياغة مسار جديد للسلام يقوم على الواقعية والعدالة. مصر فاعل رئيسى واستراتيجى من جانبه، يقول الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية: «إن قمة شرم الشيخ جاءت لتعكس انتقال الملف الفلسطينى من دائرة المعالجات الأمنية الضيقة إلى مسار سياسى أوسع وأكثر شمولًا، يهدف إلى ترتيب مشهد ما بعد الحرب ووضع تصور عملى لإدارة المرحلة المقبلة فى غزة»، لافتًا إلى أن القمة كانت منصة لإعادة توزيع الأدوار داخل الإقليم، حيث برزت مصر كفاعل رئيسى يمسك بخيوط التنسيق بين القوى العربية والدول الكبرى، وهو ما منح القاهرة مساحة جديدة من التأثير والنفوذ فى إدارة الأزمة. ويضيف أستاذ العلوم السياسية: «أن المخرجات التى أُعلنت حملت قدرًا كبيرًا من الواقعية السياسية، خاصةً ما يتعلق بخطة الإعمار وآليات الإشراف الدولى عليها»، موضحًا أن نجاح هذه الخطط مرهون بمدى استعداد الأطراف الإقليمية لتطبيق ما تم الاتفاق عليه بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح الآنية، منوهًا إلى أن القمة فتحت بابًا واسعًا لتحريك الجمود السياسى الذى خيم على المنطقة لسنوات طويلة، واستثمار هذا الزخم يتطلب تحركًا دبلوماسيًا عربيًا منظمًا، يهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار، وبناء مرحلة جديدة تعيد للقضية الفلسطينية حضورها القوى على الساحة الدولية. كما يشير «فهمى»، إلى أن مصر لعبت دورًا محوريًا فى هذا التحول، إذ استطاعت أن تكسر حالة الجمود وتعيد الثقة بين الأطراف، مؤكدًا أن القاهرة تمتلك من الخبرة والرصيد السياسى ما يجعلها قادرة على قيادة مرحلة جديدة من التسويات الإقليمية، مشيرًا إلى أن قمة السلام أعادت مصر إلى موقعها الطبيعى فى قلب المشهد الدولى، وأكدت أن بوابة السلام فى الشرق الأوسط ستظل تمر عبر القاهرة، التى ما زالت تمسك بخيوط التوازن بين السياسة والواقع، بين الأمن والعدالة، وبين المبادئ والمصالح. رسم ملامح عميقة لمستقبل القضية الفلسطينية من جهته، يكشف اللواء الدكتور رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، أن رسائل السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة، ترسم ملامح لرؤية عميقة لمستقبل القضية الفلسطينية وتعيد ترتيب أولويات العالم تجاهها، مشيرًا إلى أن الرئيس تحدث بلسان الدولة التى دفعت دائمًا ثمن السلام، فكانت مصر أول من حارب دفاعًا عن الأرض، وأول من مد يده لصنع سلام حقيقى لا يساوم على الحق ولا يتنازل عن الثوابت. وفى نظر «فرحات»، أن ما حدث فى «شرم الشيخ» ليس اتفاقًا عابرًا لوقف إطلاق النار، بل لحظة مفصلية نقلت القضية الفلسطينية من دائرة الأزمة إلى مساحة الأمل فمصر – كما يقول – أعادت تقديم نفسها للعالم ليس كوسيط تقليدى، بل كقوة عقلانية تمتلك الشرعية التاريخية لصياغة الحلول، مستطردًا: «أن الرئيس السيسى، بخطابه الواضح، وضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته الأخلاقية والسياسية، والتأكيد على أن أمن الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بسلام عادل يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية». ويتابع أستاذ العلوم السياسية، قائلًا: «إن الرسائل التى حملها خطاب السيد الرئيس جاءت لتعيد الثقة فى الدبلوماسية المصرية التى اختارت طريق الحوار بدل الصدام، وطريق البناء بدل الهدم»، مؤكدًا أن القاهرة نجحت فى إدارة مفاوضات معقدة برؤية متوازنة جمعت بين الواقعية السياسية والضمير الإنسانى، وهو ما جعل اتفاق وقف إطلاق النار ثمرة منطقية لجهود متراكمة لم تتوقف منذ بداية الأزمة. وحول المكاسب التى خرجت بها قمة شرم الشيخ، أكد «فرحات» أنها ليست نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة من الفعل العربى المشترك، تتصدرها مصر بروح أكتوبر وإرادة السلام، لتثبت للعالم أن القوة الحقيقية لا تقاس بالسلاح، بل بالقدرة على حماية الحق وصون الكرامة الإنسانية. آفاق جديدة لسلام عادل بالشرق الأوسط نتائج قمة شرم الشيخ للسلام، يصفها الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولى العام، عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولى، الإنجاز التاريخى الاستثنائى الذى يفتح آفاقًا جديدة أمام السلام العادل فى الشرق الأوسط، مؤكدًا أن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بهذه الصورة الرسمية، وبحضور واسع من قادة العالم، يمنحه قوة قانونية وسياسية مضاعفة، تجعل من الالتزامات الواردة فيه جزءًا من الإرادة الدولية المشتركة لإنهاء الصراع. الاتفاقيات الدولية التى وقعت بحضور شهود دوليين، كما يشير «مهران» تكتسب صفة الإلزام القانونى الكامل طبقًا لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، التى تنص على وجوب تنفيذ المعاهدات بحسن نية وحضور قادة دول كبرى فى مراسم التوقيع يمنح الاتفاق بعدًا دوليًا غير مسبوقًا، ويجعل المجتمع الدولى بأسره شاهدًا وضامنًا لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه. وبحسب خبير القانون الدولى، فإن «الاتفاق» تضمن إشارات واضحة لاتفاقيات جنيف والقانون الدولى الإنسانى، بما يضمن حماية المدنيين وحقوقهم وأن النصوص جاءت محددة وواضحة، وتشمل وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحابًا كاملًا من قطاع غزة، ورفعًا شاملًا للحصار، وإطلاق سراح جميع الأسرى، وبدء إعادة الإعمار فورًا، مؤكدًا أن هذا الوضوح فى الالتزامات يقلل فرص التلاعب أو المماطلة فى التنفيذ. الدور المصرى فى التوصل إلى الاتفاق، يراه «مهران» بالمحورى والاستثنائى، مشيدًا بحكمة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقدرته على جمع المواقف المتناقضة داخل إطار واحد من التفاهم والاتزان، لافتًا إلى أن حضور الرئيس شخصيًا مراسم التوقيع يعكس التزامًا مصريًا كاملًا بمتابعة تنفيذ الاتفاق وضمان استمراره، وهو ما منح الاتفاق مصداقية سياسية مضاعفة. مفتاح الاستقرار الحقيقى فى المنطقة أما بشأن الرسائل التى وجهها الرئيس السيسى للعالم فى القمة، فيوضح «خبير القانون الدولى»، أنها جاءت حاسمة وواضحة، إذ شدد فيها على أن الحل العادل للقضية الفلسطينية هو مفتاح الاستقرار الحقيقى فى المنطقة، وأن أى حلول جزئية أو مؤقتة لن تحقق الأمن ولا العدالة، مؤكدًا أن الرئيس ذكر المجتمع الدولى بمسئولياته، محذرًا من تكرار أخطاء الماضى التى أبقت الصراع مشتعلًا. وعن المكاسب التى حققها الشعب الفلسطينى، من الاتفاقية يصفها «مهران» بالاستراتيجية والتاريخية، بدءًا من وقف دائم لإطلاق النار، ورفع الحصار، والانسحاب الكامل من غزة، وصولًا إلى الالتزام الدولى بإعادة الإعمار وإطلاق الأسرى، مشددًا على أن الاعتراف الدولى الصريح بحقوق الشعب الفلسطينى يمثل انتصارًا للصمود والإرادة، ويمهد الطريق نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. قمة شرم الشيخ، كما يوضح خبير القانون الدولى، ستكون نقطة تحول حاسمة فى مسار الصراع العربى الإسرائيلى، إذ وضعت أسسًا واقعية لسلام دائم وشامل، مؤكدًا أن مصر ستظل تقود هذا المسار حتى يتحقق الحل النهائى العادل الذى يستعيد للشعب الفلسطينى حقه فى الحياة والحرية والاستقلال. إنقاذ الأمن الإقليمى من حالة الفوضى فى ذات السياق، يقول الدكتور أشرف سنجر، خبير السياسات الدولية: «إن قمة شرم الشيخ جاءت لتؤكد أن مصر استعادت موقعها الطبيعى كقوة إقليمية قادرة على توجيه مسار الأحداث فى الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن السيد الرئيس استطاع بحكمة وحنكة أن يوظف الدور التاريخى للدولة المصرية فى لحظة شديدة التعقيد، عقب الانهيار الأمنى الذى أعقب أحداث السابع من أكتوبر. وحول القمة، يوضح «سنجر» أن القمة جاءت فى توقيت بالغ الأهمية لإنقاذ الأمن الإقليمى من حالة الفوضى التى أحدثتها السياسات الإسرائيلية، بعد تجاوزها حدود الصراع الفلسطينى وتهديدها لسيادة واستقرار دول الجوار، مؤكدًا أن تحرك القاهرة كان مسئولية تاريخية فرضتها مكانة مصر ك»الشقيقة الكبرى» للدول العربية وصاحبة الالتزامات الراسخة تجاه قضايا السلام والتنمية. خبير السياسات الدولية، يرى أن الجيش المصرى اليوم قوة رادعة لا هجومية، وأن تحديث مؤسسات الدولة فى عهد «السيسى» منح السياسة الخارجية المصرية توازنًا فريدًا يجمع بين البعد التاريخى والبعد الدينى الإسلامى والمسيحى، ما جعل من القاهرة مركزًا للاعتدال والتأثير فى محيطها الإقليمى والدولى، وقدرتها على مخاطبة قوى كبرى من فرنسا إلى ألمانيا وإسبانيا، مضيفًا: «أن اللقاء الذى جمع الرئيس السيسى، بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب، حمل رسائل ذكية ومعانى عميقة، أبرزها تقليد الرئيس لترامب «قلادة النيل» التى ترمز لتقدير مصر العميق لضيوفها وتعكس فى الوقت نفسه ارتباط النيل بفكرة الحياة والسلام، مؤكدًا أن هذه اللفتة حملت بعدًا سياسيًا ورسالة رمزية عن مكانة مصر وقدرتها على الجمع بين الصلابة والمرونة فى آن واحد. Untitled-1_copy