يتكرر دائمًا الحديث عن المخاوف المرتبطة بالإفراط فى استخدام وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعى فى أى مجال من المجالات، فالبعض ينظر إلى هذا الأمر نظرة سينمائية نوعا ما فيتذكر أمثلة لأفلام هوليودية تسيطر فيها الآلة على البشر سيطرة تامة وتحولهم إلى عبيد يأتمرون بأمرها ولا يستطيعون أن يعارضوها أو ينتصروا عليها والحقيقة أن هذا الأمر يرتبط فى الواقع العملى بمدى السماحية التى يعطيها البشر لتلك الآلات ولتلك التقنيات فإذا كان المسوح به فقط أن تقوم الأدوات المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعى بإجراء عمليات البحث والتحليل والمقارنة والخروج ببدائل فقط على أن يكون القرار الأخير والاختيار الأخير والتنفيذ من خلال البشر وبمعرفتهم وتحت سيطرتهم فإن ذلك سيكون هو الاستخدام الرشيد- نوعا ما- لتلك التقنيات أما إذا ترك الإنسان لتلك الآلات العنان والمساحة كاملة لتبحث وتحلل وتقارن وتخرج بنتائج وتختار أفضلها وتنفذه من دون الرجوع الى الإنسان فإن الأمر فى هذه الحالة قد يخرج عن السيطرة بالفعل. وفى مجال التسليح وهوالمجال المرتبط بالتجهيز والاستعداد للحروب فإن التكنولوجيا حاضرة وبقوة بل إن الكثير من الخبراء يربطون بين فترات الحروب وبين البحث العلمى التطبيقى بصورة كبيرة، فخلال فترات الحروب ينموهذا المجال ويتضخم فالدول تفرد له ميزانيات كبيرة بغية الوصول الى اكثر الأسلحة فتكا وأكثرها تحقيقا للأهداف وهى أمور نستطيع أن نرصدها فى رحلة الإنسان مع الحروب منذ فجر التاريخ وحتى اليوم. من أنظمة التسليح الحديثة ما يطلق عليه «الأسلحة المستقلة» وهى الأسلحة التى تعمل بصورة أوتوماتيكية وتلقائية باستخدام التوظيف الكبير لتقنيات الذكاء الاصطناعى حيث تستطيع تلك الأسلحة أن تتفاعل مع البيئة المحيطة وتجمع البيانات وتحللها وتقدر الموقف ثم تتعامل وتنفذ العمليات العسكرية المطلوبة بأقل تدخل بشرى ممكن أوحتى بدون أى تدخل بشرى على الطلاق وهنا تكمن الخطورة. الأمثلة على هذه الأسلحة كثيرة منها ما يتحرك على الأرض ومنها ما هوفى الجو أو فى أعماق البحار لتقوم بمهام استكشافية أو لنزع الألغام أو للاشتباك والتدمير، وبالرغم من المضى قدما فى تطوير تلك الأسلحة إلا أن العديد من الخبراء يرون أن ترك الأمر بالكلية للآلات لا يخلومن مخاطر أبسطها إصابة تلك الأنظمة بفيروسات أو تعرضها للاختراق أو أى من الأعطال الأخرى التى تحدث عادة للأنظمة الإلكترونية والتكنولوجية الحديثة خاصة المعقدة منها. غدا نكمل
