عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 5-6-2025 في مصر بعد الارتفاع الكبير (آخر تحديث)    اللحمة الكيلو ب340 جنيها.. أسعار اللحوم بمحال الجزارة في كفر الشيخ    زعيم كوريا الشمالية: ندعم روسيا فى جميع مواقفها السياسية بما فى ذلك قضية أوكرانيا    الخطيب ال16.. من سيلقى خطبة عرفة اليوم    أذكار الصباح ودعاء يوم عرفة لمحو الذنوب (ردده الآن)    أخبار مصر: إقالة مسئول بوزارة الصناعة على الهواء، ترامب ينتقم من دول عربية بسبب مصري، ارتفاع الذهب، تحذير من طقس يوم عرفة    موعد أذان المغرب اليوم في القاهرة والمحافظات يوم عرفة.. هنفطر الساعة كام؟    «البحر الأحمر» ترفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    موعد صلاة عيد الأضحى 2025 في القاهرة والمحافظات    إلى عرفات الله، قصة قصيدة بدأت برحلة هروب واعتذار شاعر وانتهت بصراع بين مطربتين    أيمن بهجت قمر يحتفل بتخرج ابنه: «أخيرًا بهجت عملها» (صور)    استشهاد 10 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    "الصحة" السعودية تحذر الحجاج من التعرض لأشعة الشمس من 10 صباحا حتى 4 مساء    زلزال بقوة 5.7 درجات يضرب بنما ولا تقاريرعن وقوع أضرار    الولايات المتحدة تعلن اعتقال قيادي داعشي    إيلون ماسك يهاجم خطة ترامب الضريبية: إفلاس أمريكا ليس مقبولا    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    تهنئة عيد الأضحى 2025 رسمية مكتوبة    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    ترامب يأمر بفتح تحقيق بشبهة التستر على الحالة العقلية ل بايدن    وداعًا سيدة المسرح العربي| سميحة أيوب.. فصل الختام في سيرة لا تنتهي    موعد إعلان نتيجة 3 إعدادي محافظة جنوب سيناء الترم الثاني.. رابط الاستعلام بالاسم و رقم الجلوس فور اعتمادها    فرصة تعيين جديدة.. «التعليم» تفتح باب التقدم ل 9354 و ظيفة معلم مساعد في اللغة الإنجليزية بجميع المحافظات    «بعد توافد الحجاج على جبل عرفات».. كيف يقضي الحاج يومه في أعظم أيام الحج؟    فضل الدعاء في يوم عرفة.. أمين الفتوى يوضح    حبس عصابة تخصصت في سرقة مواقع تحت الإنشاء ببدر    أيمن موسى يكتب: «جورجي إسرائيلي كوري بيلاروسي»    اليوم.. «بيت الزكاة والصدقات» يقدِّم 4000 وجبة إفطار للصائمين بالجامع الأزهر    تشكيل الزمالك المتوقع ضد بيراميدز في نهائي كأس مصر.. الجزيري يقود الهجوم    عيد الأضحى موسم للتواصل مع الناخبين.. الأحزاب تسابق الزمن استعدادا للانتخابات    محافظ قنا يستقبل وفدًا من مطرانية الأقباط الأرثوذكس للتهنئة بعيد الأضحى    نوال الزغبي ترد على أنباء زواج وائل كفوري (فيديو)    دي أمراض أنا ورثتها، كامل الوزير يقيل أحد مسؤولي وزارة الصناعة على الهواء (فيديو)    الفاصوليا ب 70 جنيهًا.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية الخميس 5 يونيو 2025    أبطال مجهولون في العيد.. وقف ‬الراحات ‬وحملات ‬مكثفة ‬وانتشار ‬أمني ‬واسع    إصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ملاكي في الوادي الجديد    ناجي الشهابي مهنئًا الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك: نقف خلفكم.. ومواقفكم أعادت لمصر دورها القيادي    إصابة 3 أشخاص في انقلاب ملاكي بمحور أسيوط - الوادي الجديد    «اصبر أحنا مطولين مع بعض».. محامي زيزو يتوعد عضو مجلس الزمالك بعد واقعة الفيديو    رد جديد من اتحاد الكرة بشأن أزمة عقد زيزو مع الزمالك: «ملتزمون بهذا الأمر»    بعثة الأهلى تغادر مطار دبى إلى أمريكا للمشاركة فى كأس العالم للأندية    المصرية للاتصالات WE تطلق رسميًا خدمات الجيل الخامس في مصر لدعم التحول الرقمي    غرفة عمليات ذكية لضمان أجواء آمنة.. صحة مطروح تُجهز الساحل الشمالي ل صيف 2025    بعد ارتفاع عيار 21 لأعلى سعر.. أسعار الذهب اليوم الخميس 5 يونيو بالصاغة محليًا وعالميًا    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    بحضور نجوم الفن.. حماقي وبوسي يحييان حفل زفاف محمد شاهين ورشا الظنحاني    هل تسقط مع الظهر بصلاة العيد؟.. حكم صلاة الجمعة يوم «الأضحى المبارك»    رسميًا.. الهلال السعودي يعلن تعاقده مع سيموني إنزاجي خلفًا لجيسوس    نجاح أول جراحة لاستبدال الشريان الأورطي بمستشفى المقطم للتأمين الصحي    نصائح مهمة يجب اتباعها على السحور لصيام يوم عرفة بدون مشاكل    صحة الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى خلال إجازة عيد الأضحى    التعليم العالى تعتزم إنشاء أكبر مجمع صناعي للأجهزة التعويضية    قبل صدام بيراميدز.. كم مرة توج الزمالك ببطولة كأس مصر بالألفية الجديدة؟    نجاة السيناريست وليد يوسف وأفراد أسرته من حادث سير مروع    الرسوم الجمركية «مقامرة» ترامب لانتشال الصناعة الأمريكية من التدهور    القائد العام للقوات المسلحة ووزير خارجية بنين يبحثان التعاون فى المجالات الدفاعية    الوزير: "لدينا مصنع بيفتح كل ساعتين صحيح وعندنا قائمة بالأسماء"    فوائد اليانسون يخفف أعراض سن اليأس ويقوي المناعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«صحراء شادى عبدالسلام».. لعنة الفراعنة تحرس مومياء الرقص الحديث
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 14 - 03 - 2024

بإيقاع متزن تسير حركة الكاميرا فى بطء وخشوع لالتقاط اللحظة والدقيقة المرتقبة التى قرر أن يقتنصها المخرج الكبير عميق الحس والأثر الراحل شادى عبدالسلام، قدم عبد السلام سينما لا تشبه السينما.. حملت أعماله طابعا خاصا سواء فى أسلوب السرد السينمائى الذى تطول فيه لحظات الترقب والصمت، أو فى نوع الموضوعات المطروحة التى اتضح فيها همه الكبير بالهوية المصرية، تسافر عبر الزمن فى عالم عبدالسلام من «المومياء» إلى «شكاوى الفلاح الفصيح» ثم مجمل أعماله السينمائية التى كانت فى الأصل تنقيبا وبحثا عن الهوية المصرية بين الماضى والحاضر أو كما يقول.. «لابد أن نوصل بين إنسان اليوم وإنسان الأمس وهى قضيتى».
من قلب هذا الترقب والصمت اتخذ وليد عونى طريقه فى إعادة تقديم شادى عبد السلام كما يراه بعالمه التشكيلى الراقص، المعروف أن وليد عونى يعمل أيضا بتصميم الديكور والفن التشكيلى مثل الفنان الراحل شادى عبدالسلام، وبالتالى انصهرت موهبة عونى فى العالم الشادى الممتلئ بالصورة والفكر والتراث المصرى القديم، قدم عونى فى بدايات انطلاق مشروعه بمصر فريق الرقص المسرحى الحديث الثلاثية المصرية والتى ضمت «تحية حليم» بالفن التشكيلي، و«نجيب محفوظ» بالأدب، ثم «شادى عبدالسلام» بالسينما، نجح عرض «المومياء» بفريق الرقص الحديث بتسعينيات القرن الماضى، وبعد نجاحه الكبير يعيده اليوم فى ثوب جديد مع نفس الفريق بعنوان «صحراء شادى عبدالسلام»، ضمت تلك الصحراء مجموعة من أعماله السينمائية «إيزيس» المشروع الذى لم يكتمل، «شكاوى الفلاح الفصيح»، و«المومياء».
بدأت اللوحة الأولى ب«إيزيس» والتى قدمها تحت عنوان «إيزيس وبنات إدفو»..جاءت فكرة العمل بالأساس من خلال بحث عونى عن أعمال شادى عبد السلام وخلال رحلة البحث وجد فيلما وثائقيا لم يكتمل يخص بردية «إيزيس» الذى كان قد بدأ تصويرها فى حقل قمح على النيل قدمت هذا العمل البلارينا الأولى وقتها ماجدة صالح، وبسعى عونى التقى بالدكتور مجدى عبدالرحمن أستاذ التصوير وخبير الأرشيف بمعهد السينما والذى أخذ على عاتقه استكمال مجموعة أفلام لم تكتمل ل»شادى عبد السلام»، كانت ثلاثة أفلام وثائقية تحت عنوان «الحصن والدنداروية»، و«مأساة البيت الكبير إخناتون». استعان عونى من هذه الثلاثية بمقطع «الحصن».
ويتضمن إيزيس واختها نفتيس وهما تعثران على الطفل حورس بن إيزيس وأوزوريس الذى لسعه العقرب فى أرض إدفو وأنقذه من الموت الإله «رع»، سمى المشهد «إيزيس وبنات إدفو» اللاتى يرقصن بين القمح والنيل، فى هذا المشهد تنهض إيزيس المختبئة بين هؤلاء الفتيات اللاتى أحاطتها بدائرة مغلقة تخرج من بينهن باحثة عن طفلها وتساعدها شقيقتها التى تخرج أيضا من نفس المنبع، وكأنهن جميعا يخرجن من قلب النيل بحثا عن الطفل حورس على إيقاع موسيقى هادئة وأداء حركى رتيب صاحبته خطوات شديدة الدقة والضيق بين حقول القمح فى رحلة بحث شاق، مشهد غلفه الترقب والغموض أبدعن الفتيات فى الأداء الفردى والجماعى صمم المخرج هذا المشهد بروح تشكيلية أقرب إلى لوحة لم ينته الرسام من وضع اللمسات الأخيرة عليها.
لم يكتف عونى بالإخراج والتصميم الحركى بينما شارك فى بطولة العرض بالرقص والتمثيل أيضا بأداء دور الكاهن الممثل للعدل والحق بلوحة «الفلاح الفصيح» فى هذه اللوحة التى استمد فكرتها من فيلم «شكاوى الفلاح الفصيح» ارتدى عونى ثياب الحكمة فى شكل الكاهن وبدا فى هيئته يشبه أحد كهنة فرعون بمصر القديمة باللون الأسود والأقدام الخشبية والعصا التى وضعها فوق رأسه فى حركة تشبه ميزان العدل، ليرمز إلى الحق والعدل بالصخرة الكبرى التى هبطت فى صورة مسرحية، صنعت مشهدا يستعرض انتصار الحق وتخلص هذا الفلاح من الظلم بعد فصاحته وطلاقة لسانه بطلب الحق والعدل من سيده.
من «إيزيس» إلى «شكاوى الفلاح الفصيح»..يحافظ عونى على إبداعه الدائم وعلو شأنه فى تصميم الصورة المسرحية سواء بالملابس أو الديكور والإضاءة، بينما فى مشهد فيلم «المومياء» كان للإبداع قضية أخرى ووجه آخر متفرد فى أسلوب التناول، الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية حدثت فى أواخر القرن التاسع عشر (عام 1871)، عن قبيلة «الحربات» فى صعيد مصر تعيش على سرقة وبيع الآثار الفرعونية، وعندما يموت شيخ القبيلة يرفض أولاده أوامر السرقة، فيقتل الأول على يد عمه، بينما ينجح الثانى فى إبلاغ بعثة الآثار عن مكان المقبرة التى تبيع قبيلته محتوياتها، حظى هذا المشهد بالنصيب الأكبر من فيض موهبة وليد عونى بتقديم صورة مسرحية توازى روعة الفيلم السينمائى فى دقتها وتميزها، اعتمد هنا على الرمز فى إبراز معنى خاص به حول الهالة التى أحاطت تلك المقبرة وكأن حمايتها نشأت من قلبها بالأساس، ربما تعمد الإشارة إلى هذا المعنى أو لم يتعمد لكن الإبداع دائما قد يتجاوز ما يجول بخاطر وذهن صاحبه، انقلب المسرح إلى مقبرة فرعونية.
مومياء توسطت خشبة المسرح يعلوها تابوت على هيئة فرعونية ويرقد أسفل هذا التابوت «المومياء» أو أحد الموتى بهذه المقبرة الأثرية الغنية بالتاريخ والكنوز، تسكن حول المقبرة أو تلك المومياء أرواحها الحارسة روح الإله «أنوبيس» إله الموت أو حامى المقابر ومرشد الأرواح فى الحياة الآخرة.. ثم روح أخرى أو كائن يشبه أحد أفراد الجن..
تبدو هذه الروح أو الكائن الغريب اللعنة فى ذاتها أو ما يسمى ويتداوله الناس من أساطير دائمة حول «لعنة الفراعنة»، تتلخص تلك اللعنة فى أن من يحاول إزعاج مومياء لشخص مصرى قديم من اللصوص خصوصا لو كان «فرعون» تتسلط عليه اللعنة بالموت أو سوء الحظ أو المرض، تجلس الروح أو الكائن الممثل لهذه اللعنة فوق تابوت المومياء تحرسها بجرس رنان فى يديها وتتحرك حركة غير آدمية منذرة برنين جرسها عن اقتراب وقوع الخطر.
حركة جسد وئيدة متأنية فى حساب خطواتها بالأنفاس بدت رشا الوكيل فى دور هذا الكائن العجيب بتصميم المكياج وأدائها الحركى الذى تبدلت معه ملامحها تماما حتى انتفت عنها صفة البشرية لن تستطيع تحديد شكلها الآدمى، طافت رشا بحركتها الرشيقة المدغدغة طوافا كاملا حول تلك المقبرة والمومياء تمارس حركات طقسية معينة لحمايتها وطرد هؤلاء اللصوص أصحاب قبيلة «الحربات» من حرم هذا المكان وطاف معها وحولها الإله أنوبيس الذى كان يقفز محلقا حول تابوت المومياء ليساعد هذه «اللعنة» فى أداء مهمتها بالحراسة، كما يعينها على الحركة أحد البشر وكأنه أحد علماء الآثار الذين ساهموا فى إطلاق سهم تلك اللعنة التى طردت اللصوص وأعادت للمومياء الحماية والآمان من جديد، قدم عونى فى تشكيل بصرى لوحة راقصة شديدة الدقة والإبداع فى تعبيره عن أفكار وروح شادى عبد السلام خاصة فى إيقاع التصميم الحركى الذى يشبه إيقاع الكاميرا وكادراته السينمائية التى تحمل مزيجا من الصمت والغموض والترقب والاكتشاف.
اكتشاف ما تحمله هذه الحضارة القديمة من أسرار وكنوز مخفية، أطلق عونى لخياله وذهنه العنان بخبرته الطويلة ليبدع ويتفنن فى تصميم مشهد المومياء الذى صاحبه عرض أجزاء من الفيلم السينمائى وسار إيقاع حركة الراقصين مع حركة الكاميرا، وكأن عدسة الكاميرا انتقلت لتراقبهم وتتربص بهم على خشبة المسرح، لتبرز حركة الأجساد الحارسة ل«مومياء» عبد السلام بالعصر الحديث.
تفردت رشا الوكيل ومعها عمرو البطريق فى أداء هذا المشهد بحرفة فنية وإبداع كبير وكأن رشا تضع كل خبرات السنين فى أدائها الحركى والتمثيلى المتقن وكذلك الهيئة الجسدية حتى بدت روحا قادمة من العالم الآخر تحمل مزيجا من الرهبة والغموض، وكذلك عمرو من أعانها على تلك الحركة وطاف معها طواف المسحورين بها ثم نادر جمال فى دور أنوبيس الذى قدمه ببراعة واحتراف كبير، وكذلك الموسيقى للراحل طارق شرارة وأداء صوتى أحمد سلام امتزجت هذه العناصر جميعا لينتج عنها مشهدا فنيا بديعا، جمع أفراد القبيلة والابن ونيس الباحث عن كينونته وسط هذا العالم المبهم من ماض ومستقبل على أنغام تلك الموسيقى الرائعة اجتمعوا حول هذه المقبرة بحراسها ليتشكل المسرح تشكيل حركى مع السينوغرافيا وشاشة السينما وينتج عنه صورة مسرحية غير متكررة بعالم الرقص الحديث.
مزج الأداء الحركى بالدراما والتشكيل البصرى ليتحدوا اتحادا يليق ب«مومياء» شادى عبد السلام وتاريخه السينمائى صاحب البصمة الرائدة، يحيى وليد عونى مع فريق الرقص الحديث بهذا العرض ذكرى المؤلف الموسيقى الراحل طارق شرارة الذى سبق وأن تعاون معه فى عدد من عروضه الناجحة على مدار تاريخ الفريق مثل «الأفيال تختبئ لتموت»، «الدولاب»، «الجنون الأخضر» لعبدالهادى الجزار.
2


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.