أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن مصر من أوائل الدول التى وضعت استراتيجية متكاملة للتنمية المستدامة، مشيرا إلى أن منتدى مصر للتعاون الدولى والتمويل الإنمائى يؤكد أن جهود التكيف مع آثار المناخ تعانى نقصا فى التمويل. وشدد الرئيس السيسى، فى كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للنسخة الثانية من منتدى مصر للتعاون الدولى والتمويل الإنمائى، الذى انطلقت فعالياته بالعاصمة الإدارية الجديدة، على أهمية قضية المناخ فى فكر العالم والتى أضحت على رأس أولويات أجندة التنمية البشرية، مضيفا أن 20 دولة مسئولة عن 80% من آثار التغيرات المناخية، ولذلك فالعدالة تقتضى زيادة مساهمة تلك الدول فى جهود التكيف مع تغيرات المناخ. وأكد السيسى، ضرورة دعم جهود إفريقيا للتكيف مع التغيرات المناخية باعتبارها الأقل تسببا فى تلك التغيرات رغم كونها الأكثر تأثرا، مضيفا إننا نحتاج إلى رؤية شاملة لدعم الدول الإفريقية فى مواجهة التغيرات المناخية. وتابع الرئيس: «إننا نحتاج إلى 800 مليار دولار حتى عام 2025 لمواجهة تداعيات تغير المناخ»، لافتا إلى أن مبادرة حياة كريمة تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية لنحو 60 مليون مواطن وتغطى مجالات كثيرة من بينها الصرف الصحى ومعالجة المياه والاتصالات والطرق وغيرها، لافتا إلى أن مصر تقوم بمعالجة ثلاثية متطورة للاستفادة من كل قطرة مياه، علاوة على أن مصر ستكون الدولة رقم واحد عالميا فى معالجة المياه عقب الانتهاء من البرنامج الوطنى الضخم للاستفادة من كل قطرة مياه. ونوه إلى أن نسبة الاستثمارات الخضراء فى مصر بلغت حوالى 40% من إجمالى الاستثمارات العامة، موضحا أن مصر تعد من أكثر الدول تعرضا لآثار تغير المناخ، بالإضافة إلى أن مصر تنفذ برامج لتطوير مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية، خاصة أن محطة بنبان فى أسوان تعد من أكبر محطات توليد الكهرباء فى العالم. وأشار إلى أن مصر يمكنها المساهمة فى توفير الطاقة النظيفة فى العالم سواء الطاقة البديلة أو الهيدروجين الأخضر، لافتا إلى أن مصر أطلقت استراتيجيتها الوطنية لمواجهة تغير المناخ 2050. وأكد الرئيس، أن القطاع الخاص لديه القدرة على سد الفجوة التمويلية المطلوبة لمواجهة التغيرات المناخية، مشددا على أهمية الجهود الأممية لتقديم المنح للدول الإفريقية المتضررة من التغيرات المناخية. وأشار إلى أهمية تطوير التكنولوجيا لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية، موجها التهنئة للمبعوث الرئاسى الأمريكى الخاص لشئون المناخ جون كيرى، على كلمته الملهمة والموضوعية وتقديره لحجم التحديات التى تواجه العالم جراء التغيرات المناخية. وأكد أن منتدى مصر للتعاون الدولى والتمويل الإنمائى يمثل قوة دفع متزايدة بشأن الاستعداد لمؤتمر شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل، مشيرا إلى أن المنتدى الذى انعقد فى سبتمبر العام الماضى وهذا العام يشكل قوة دفع متزايدة بشأن الاستعداد لاستضافة مصر للمؤتمر شرم الشيخ فى نوفمبر القادم الخاص بهذه القضية، معربا فى الوقت نفسه عن سعادته البالغة إزاء كلمات الحضور فى هذا المنتدى. ولفت إلى أن هذا المنتدى يؤكد الأهمية المتزايدة لقضية تغير المناخ التى بدأت تشغل حاليا وجدان وفكر دول العالم، مؤكدا أن هذه القضية أصبحت من ضمن أولويات أجندة التنمية المستدامة. وشدد الرئيس السيسى، على أن تكلفة مجابهة التغير أفضل بكثير من التكلفة التى تحدث من وراء هذا التغيير، مشيرا إلى أن التكلفة السنوية للتخفيف من الآثار الناجمة عن التغير المناخى بحلول عام 2025 ستبلغ حوالى 800 مليار دولار. وأكد الرئيس السيسى، ضرورة التوافق حول رؤية شاملة لدعم الدول الإفريقية لرفع قدرتها على التكيف مع تغير المناخ، مضيفا أن قارة إفريقيا هى الأكثر تضررا رغم أنها الأقل مساهمة فى الآثار التى يترتب عليها تغير المناخ. وقال الرئيس إنه فى إطار الإعداد لمؤتمر شرم السيخ فى نوفمبر القادم - والذى يأتى فى سياق عالمى يتسم بتحديات متعاقبة- فإن هذا الأمر يضع على عاتقنا مسئولية كبيرة كمجتمع دولى لضمان ألا توثر هذه الصعوبات على وتيرة تنفيذ رؤيتنا المشتركة؛ لمواجهة تغيرات المناخ التى انعكست فى اتفاق باريس وفى جلاسكو العام الماضى. وتابع الرئيس السيسى: «مصر كانت من أوائل الدول التى وضعت خطة استراتيجية طويلة المدى لتحقيق التنمية المستدامة 2030»، مشيرا إلى أن البعد البيئى كان المحور الأساسى فى كافة القطاعات التنموية. وأوضح أن الدولة المصرية كانت منتبهة لهذا البعد وتحركت فيه بفعالية كبيرة جدا فى كافة المجالات، لافتا إلى أنه تم منذ عام ونصف العام، إطلاق قمة المشروعات الخاصة بهذا الأمر وهو مشروع تطوير الريف المصرى «حياة كريمة» والذى قدرت تكلفته المبدئية فى ذلك الوقت لتتراوح ما بين 700 مليار جنيه - 750 مليار جنيه، مشيرا إلى أن هذه التكلفة قد تزيد نتيجة الظروف الراهنة التى يمر بها العالم. وأوضح أن مبادرة «حياة كريمة» تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية لنحو 60 مليون مواطن، وتتضمن مشروعات فى مجالات مياه للشرب والطاقة والصرف الصحى ومعالجة المياه وغيرها. وأضاف الرئيس السيسى: «هذا الجهد الذى تبذله مصر لا يزال مستمرا»، لافتا إلى أن المرحلة الأولى من مشروع تطوير الريف المصرى «حياة كريمة» سوف تنتهى هذا العام وسيتم إطلاق المرحلة الثانية أوائل العام القادم ويعقبها المرحلة الثالثة والأخيرة لتحسين الأوضاع المعيشية لحوالى 60 مليون مواطن أى ما يعادل أكثر من نصف سكان مصر. وأكد الرئيس أهمية تطوير التقنيات التكنولوجية وتعزيز الابتكار للمساهمة فى إيجاد عالم خال من الانبعاثات الحرارية، مضيفا «إننا فى مصر لدينا برامج ضخمة جدا للطاقة الجديدة والمتجددة حتى نقلل من استخدام المحطات التى تعتمد على الطاقة الأحفورية بكل أنواعها». وأوضح: «أطلقنا الاستراتيجية الوطنية للمناخ فى 2050 التى ترتكز على موضوعات الأمن المائى والغذاء والطاقة، بالإضافة إلى إطلاق المنصة الوطنية لبرنامج «نوفي» الذى أعلنت عنه وزيرة التعاون الدولى رانيا المشاط لحشد التمويلات بالتعاون مع الشركاء الدوليين المعنيين بقضية تغير المناخ». وأضاف: «لدينا جهود متعددة فى إنتاج الطاقة المتجددة، فى إشارة إلى محطة بنبان فى أسوان وهى من أكبر المحطات إنتاجا للطاقة الشمسية وأننا مستمرون فى هذا المجال». وبيّن أن العاصمة الإدارية الجديدة هى جزء من برنامج مصرى ضخم فى مدن الجيل الرابع الذكية التى تقلل تماما من الانبعاثات، كما هناك أكثر 20 مدينة تشيدهم مصر فى هذا الإطار. وتابع الرئيس: «إننا تبنينا هذا الخيار رغم أنه ضاغط علينا اقتصاديا فى ظل الظروف التى حدثت فى العالم خلال السنوات الثلاث الماضية، سواء نتيجة جائحة كورونا وتأثيراتها أو أيضا الأزمة الروسية- الأوكرانية، ولكننا رغم ذلك استمررنا فى هذا البرنامج بأعبائه الاقتصادية فى إطار فهمنا ومسئوليتنا تجاه بلدنا وتجاه قضية خطيرة جدا تتمثل فى تغير المناخ». وأشار الرئيس السيسي، إلى أن نسبة الاستثمارات الخضراء فى مصر وصلت الآن إلى 40% من إجمالى الاستثمارات العامة، وخلال 2024-2025 ستصل تلك النسبة إلى 50% من إجمالى الاستثمارات العامة فى الدولة. واستطرد الرئيس: «مصر لم يكن لها مساهمة كبيرة فى الانبعاثات حيث تلك النسبة 6.% فقط من إجمالى الانبعاثات الحرارية فى العالم»، مبينا أن مصر تعد من أكثر الدول تعرضا للآثار الناجمة عن تغير المناخ. وأكد الرئيس، فى تعقيبه على كلمة أمينة محمد نائب الأمين العام للأمم المتحدة، أهمية أن يكون الالتزام لتحقيق أجندة العمل المناخى متوافقة ومتوازية مع أهداف التنمية المستدامة، حيث يلعب كلاهما دورا حيويا فى تحديد شكل مستقبل البشرية، مشددا على أهمية تكاتف الجهود الأممية والأطراف ذات الصلة لتقديم الإعانات والمنح اللازمة لضحايا الكوارث البيئية. وأشاد الرئيس، بالشراكة المتنامية بين مصر والبنك الأوروبى، معربا عن تطلعه للبناء على هذا التعاون، وتعزيزه خلال الفترة القادمة، مؤكدا أنهم سيجدون فى مصر، تجهيز مشروعات مدروسة بشكل جيد وقوى، تساهم مساهمة متميزة فى هذا المجال، لافتا إلى أن دعم البنك الأوروبى لمصر فى هذا المجال سيكون له تأثيره فى خروج وتنفيذ تلك المشروعات فى أفضل وقت. كما أشاد الرئيس بالاتفاق بين أولويات وبرنامج العمل الحكومى فى مصر، وأولويات وسياسات البنك الأوروبى، والمتمثلة فى دعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتمكين القطاع الخاص الذى لديه القدرة على سد الفجوة المالية المطلوبة لتمويل هذه الاستثمارات الهائلة والأقدر على تنفيذها. ورحب الرئيس السيسى مجددا، فى ختام كلمته، بالحضور، متمنيا لهم التوفيق فى هذا المنتدى، مؤكدا أنه خلال مؤتمر المناخ (كوب 27) فى نوفمبر القادم فى شرم الشيخ، سيتم التحرك بفعالية وقوة من أجل هذا الموضوع الأهم للبشرية بالكامل.