بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    كوافيرة لمدة 20 سنة حتى الوصول لمديرة إقليمية بأمازون.. شيرين بدر تكشف التفاصيل    ندى ثابت: مركز البيانات والحوسبة يعزز جهود الدولة في التحول الرقمي    موسم مبشر.. حصاد 14280 فدان بصل بالوادي الجديد (صور)    بوليانسكي: أوكرانيا تتفاخر بقتل الصحفيين الروس والغرب يغض الطرف    اعتقال متظاهرين داعمين لفلسطين في جامعة بتكساس الأمريكية (فيديو)    الشرطة الأمريكية تكشف كواليس حادث إطلاق النار في شارلوت بولاية نورث كارولينا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. انهيارات جليدية وأرضية إثر أمطار غزيرة شمالي الهند.. عائلات الأسرى لنتنياهو: لقد سئمنا.. شهداء وجرحى فى غارات إسرائيلية على غزة والنصيرات بقطاع غزة    الجنائية الدولية تأخذ إفادات العاملين بالمجال الصحى فى غزة بشأن جرائم إسرائيل    محلل سياسي: أمريكا تحتاج الهدنة وتبادل الأسرى مع المقاومة أكثر من إسرائيل    باحث في الأمن الإقليمي: مظاهرات الطلبة بالجامعات العالمية ضاغط على الإدارة الأمريكية    اعتصام جديد فى جامعة بريتش كولومبيا الكندية ضد الممارسات الإسرائيلية    خبير تحكيمى: المقاولون تضرر من عدم إعادة ركلة الجزاء بمباراة سموحة    تعيين إمام محمدين رئيسا لقطاع الناشئين بنادى مودرن فيوتشر    أزمة الصورة المسيئة، رئيس الزمالك يوبخ مصطفى شلبي بسبب طريقة احتفاله أمام دريمز الغاني    صدمة للأهلي.. الشناوي لم يستكمل المران بسبب إصابة جديدة| تفاصيل    متحدث الزمالك: أخطاء إدارية فادحة فى 14 قضية على النادي تستحق المساءلة    النيابة تنتدب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق شب داخل مطعم مأكولات سوري شهير بالمعادي    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة بقنا    سعد الدين الهلالي يرد على زاهي حواس بشأن فرعون موسى (فيديو)    وزير الأوقاف: مصر بلد القرآن الكريم ونحن جميعًا في خدمة كتاب الله    بالأسود الجريء.. نور الزاهد تبرز أنوثتها بإطلالة ناعمة    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    العميد المساعد لجامعة نيويورك: جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    شم النسيم 2024: موعد الاحتفال وحكمه الشرعي ومعانيه الثقافية للمصريين    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    مصدر أمني يوضح حقيقة القبض على عاطل دون وجه حق في الإسكندرية    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    متحدث الحكومة يرد على غضب المواطنين تجاه المقيمين غير المصريين: لدينا التزامات دولية    بعد اعتراف أسترازينيكا بآثار لقاح كورونا المميتة.. ما مصير من حصلوا على الجرعات؟ (فيديو)    ما رد وزارة الصحة على اعتراف أسترازينيكا بتسبب اللقاح في جلطات؟    مجدي بدران يفجر مفاجأة عن فيروس «X»: أخطر من كورونا 20 مرة    سر طول العمر.. دراسة تكشف عن علاقة مذهلة بين قصر القامة والحماية من الأمراض    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    جامعة المنصورة تكرم نقيب المهن التمثيلية خلال ندوة الصالون الثقافي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    ميترو بومين يرفع علم مصر بحفله الأول في منطقة الأهرامات    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    7 معلومات عن تطوير مصانع شركة غزل شبين الكوم ضمن المشروع القومى للصناعة    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    تراجع مبيعات هواتف أيفون فى الولايات المتحدة ل33% من جميع الهواتف الذكية    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    محطة مترو جامعة القاهرة الجديدة تدخل الخدمة وتستقبل الجمهور خلال أيام    محافظ دمياط: حريصون على التعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية    أخبار 24 ساعة.. وزير التموين: توريد 900 ألف طن قمح محلى حتى الآن    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    بالفيديو| أمينة الفتوى تنصح المتزوجين حديثاً: يجوز تأجيل الإنجاب في هذه الحالات    عيد العمال وشم النسيم 2024.. موعد وعدد أيام الإجازة للقطاع الخاص    آليات وضوابط تحويل الإجازات المرضية إلى سنوية في قانون العمل (تفاصيل)    مدير تعليم دمياط يشهد ملتقى مسؤلات المرشدات بدمياط    وزير العمل ل «البوابة نيوز»: الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص 6000 جنيه اعتبارًا من مايو    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لغة الجينات 89
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 07 - 03 - 2022

«الكدب مالوش رجلين».. لكن له أجنحة ترفعك السما.. الناس بتحب اللى يكدب عليها.. يعيشها فى الوهم.. يعطيها أملًا زائفًا.. جينات خبيثة ممتدة فى الكدابين من أول الخلق إلى يوم الدين..
فى الظاهر الكدب بيرضى الناس بعض الوقت، ويعطى الكداب فرصة ليبدو نزيهًا شريفًا.. وفى الباطن مخدر لذيذ بيجرى فى عروق الناس يُنسيهم بلاويهم والوضع السيئ اللى عايشين فيه، يُعطيهم أملًا زائفًا لا ولن يتحقق.. وكل ما كانت الكدبة كبيرة اترفع الكداب لفوق، والتف حوله الناس وأصبح له مريدون ومتابعون ومقلدون وعشاق ومدافعون عنه باستماتة.. ببساطة وسهولة يتحول الكدب فى حياتهم جميعًا لأسلوب حياة.
أصحاب الجينات الخبيثة بيواصلوا بإخلاص شديد الحفاظ على تراث ونظرية الألمانى الشهير «جوزيف جوبلز» مهندس ماكينة الدعاية الألمانية لمصلحة النازية وأدولف هتلر.. أول من رفع فى الإعلام شعار «اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يُصدقك الناس».. النوع ده من الكدابين بيقدموا نفسهم فى الظاهر على أنهم مصلحون يحملون المن والسلوى.. فقط يطلبون الصبر،أن تصدقهم وتسير خلفهم مغمض العينين مخدر الحواس فهم أدرى بمصلحتك منك.. والمثير والغريب أن قطعانًا كبيرة يسيرون خلفهم بلا تفكير وكلما انكشفت كذبة أخفوها بكدبة أكبر والقطعان تستمتع أكثر وأكثر بالأكاذيب.. وفى الباطن تحركهم الرغبة فى الحصول على منافع كثيرة لا يستحقونها، والخوف من فقدان بعض المكتسبات الزائلة، والرغبة فى الوصول إلى القمة حتى لو كان الثمن بيع أنفسهم بثمن بخس.
«الكدابين» من أصحاب الجينات الخبيثة، لا يشعرون بالذنب فتكرار كدبهم أعطاهم حصانة عملاء وأبرز ما فيهم إخلاصهم الشديد للتفاصيل، ففيها يسكن الشيطان.. مدمنون سرد حكايات لطيفة ظريفة مضحكة أحيانا ومبكية فى كل الأوقات، بارعون فى البعد عن القصة الحقيقية وإغراقك معهم فى تفاصيل كثيرة كى تنسى أو ترتبك وتشك فى نفسك وقدراتك، يزرعون فيك وهم أنك سبب تعاستك وفشلك، يدفعونك دفعًا لتدخل فى زمرة القطيع تستمتع بأكاذيبهم، وتجاريهم على أمل الحصول على منفعة من أى نوع.
تحب تعرف الكدب متأصل إزاى فى الكدابين؟.. أشهر فيلم وأهم كلاسيكيات الرسوم المتحركة عن الكداب الأشهر «بينوكيو».. هى نفسها كدب.. الفيلم اللى أنتجته والت ديزنى فى عام 1940.. بعد النجاح الساحق «لسنو والأقزام السبعة» ملئ بالأكاذيب.
فى الظاهر تبدأ القصة فى فيلم ديزنى برجل ثرى وحرفى ماهر اسمه (جوبيتو) لكن فى الباطن والقصة الأصلية كان «جوبيتو» رجل فقير يعيش و يعمل فى حفرة تحت سلالم أحد بيوت القرية.. فى فيلم ديزنى استجابت الجنيات رجاء «جوبيتو» بالحصول على ذرية خاصة به فوهبته بينوكيو.. لكن القصة الحقيقة لكولودى هى أن نجارًا من القرية قد تفاجأ عندما هوى بفأسه على قطعة خشب صرخت من الألم وبكت، فأعطى الخشب لجوبيتو الذى كان يريد أن يصنع دمية؛ وعندما نحت «جوبيتو» فم الدمية، بدأت تغيظ جوبيتو وتخرج لسانها , تضحك و تسخر من صانعها.. عندما نحت لها ذراعين، خطفت شعره المستعار، عندما صنع لها قدمين تركته وهربت، ورغم ذلك ظل «جوبيتو» على طيبته وحبه للدمية فعندما احترقت قدماها صنع لها أرجل جديدة.
فى الفيلم ينصلح حال الكذاب الأشهر ويتوقف عن الكذب وتكافئه الجنية بتحويله إلى إنسان.. وفى القصة الحقيقية، عندها ظهر لبينوكيو ضميره المتمثل فى «جيمى كريكيت».. حشرة متكلمة حاولت إصلاح حال الطفل الفاسد وبدأت فى تأنيب «بينوكيو» على أفعاله وتحذره من عواقبها.. وتحاول جذبه إلى الطريق الصحيح.. كان رد الكذاب الأشهر «بينوكيو» أنه لا يريد سوى الطعام والشراب والنوم وعيش الحياة بلا مسئولية أو أخلاق تمنعه من عمل ما يريد وقتما يريد.. أن يظل يتجول فى الشوارع من الصباح حتى المساء.. حذره «كريكيت» من أن أسلوب هذه الحياة يؤدى للسجن أو أسوأ وأن عليه العودة للمنزل وأن يكون طفلًا مؤدبًا ومطيعًا.. فما كان من «بينوكيو» إلا أن قذفه بمطرقة قتلته فى الحال.. قتل ضميره الحى ليعيش فى أكاذيبه سعيدًا... لم يندم لحظة واستمر فى أكاذيبه التى لا تنتهى.. قال لصانعه «جوبيتو» إنه لم يخطئ.. وأنه لم يقصد قتل «ضمير».
انطلق «بينوكيو» بلاضمير.. عاش كما يريد.. وقابل مجموعة من الناس زعموا أنهم يزرعون الذهب لتنبت شجرة الذهب، وللمرة الثانية ظهر له ضميره «كريكيت» بهيئة شبح.. وبدلًا أن يعتذر بينوكيو على قتله.. رفض نصيحته بعدم الذهاب معهم واستمر فى الكذب والسرقة.. وسرعان ما تأتى النهاية المأساوية لبينوكيو! أهالى القرية وجدوه مشنوقا على فرع شجرة خارج القرية.
القصة الحقيقية اللى كتبها الروائى والفيلسوف الإيطالى «كارلو كلودى» عام 1881 ونشرها حلقات فى صحيفة صغيرة أثارت ضجة كبيرة وقتها انتهت عند شنق الكذاب الأشهر.. الغريب والمثير أن الناس لم تتقبل الصدق.. طالبت بكذبة كبيرة جديدة.. فضلت أن تكون مثل «بينوكيو» تعيش فى الأوهام والآمال الزائفة بتغيير الأحوال.. رفضت النهاية ورأتها مأساوية.. وأجبر الناشر والقراء الكاتب على تغيير نهاية القصة.. فضلوا أن يكدب عليهم بدلًا من مواجهة الحقيقة .
الجميع طالب «كارلوكلودى» بإضافة حلقة جديدة يكتب فيها نهاية سعيدة للكذاب الأشهر.. استجاب الرجل وكتب حلقتين قدم فيهما مايرضى الناس ويخدر مشاعرهم ويجعلهم أكثر استمتاعا بالكذب.. أعاد «بينوكيو» للحياة وبدأ سلسلة من العقاب ليصلح من أحواله.. صنعه حمارًا لفترة وكلبًا فترة أخرى.. وعاد ضميره «كريكيت» ليكون بجواره ويرشده ..ورغم أن الفرصة كانت سانحة أما ضميره لينتقم من «بينوكيو» إلا أنه سامحه كما سامحه صانعه العجوز الطيب «جوبيتو» ثم جاءت المعجزة التهمه قرش وبمساعدة الجنية الزرقاء استحق حريته وخلاصه.. وأصبح طيبًا ودودًا.. صار بينوكيو ولدًا ذا خلق و يهتم بأبيه جوبيتو» وأنقذه من الفقر المدقع بعمله فى مسرح الدمى وحصوله على أربعين عملة ذهبية.
هذه النهاية الكاذبة المخدرة للمشاعر لاقت استحسانًا كبيرًا من الجميع وصفقوا لها طويلًا. ألم أقل لكم إن الناس تعشق من يكدب عليهم.. من يُعيشُها فى الوهم.. ويعطيها أملًا زائفًا.. ألم أقل لكم إن الكدب له جناحين يرفعونك للسما.. ألم أقل لكم إن الناس بتفضل الكدب وبيحتفلوا به وعاملين له عيد فى أول إبريل من كل عام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.