كل ما تريد معرفته عن جولة الإعادة في انتخابات النواب    وزيرة التضامن: تعاون مع البنك الدولي لتنفيذ برامج الحماية الاجتماعية    وزير العمل والبنك الدولي يبحثان تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    نزع ملكية بعض الأراضي لإنشاء مرحلة جديدة من الخط الرابع لمترو الأنفاق    أول رد من الأوقاف الفلسطينية على حرق مستعمرين إسرائيليين لمسجد بمنطقة سلفيت    وزير الخارجية ونظيره التركي يؤكدان دعمهما القوي للشعب الفلسطيني وتخفيف معاناة قطاع غزة    مواعيد مباريات الخميس 13 نوفمبر - انطلاق الملحقين الإفريقي والآسيوي.. وتصفيات أوروبا    مبابي يوجه رسالة لمواطنه أوباميكانو قبل مواجهة أوكرانيا    مسيَّرات لرصد المخالفين في موسم الحج وإطفاء الحرائق    إما أن تكون فرعونيًّا أو عربيًّا!    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يبحثان تعزيز التعاون بين الوزارتين واستثمار بنك المعرفة المصري لدعم الأئمة والدعاة    وزيرا الكهرباء والبيئة يبحثان التنسيق والعمل المشترك في قضايا البيئة والطاقات المتجددة والموارد الطبيعية    قوارب تهريب المخدرات تثير أزمة بين واشنطن ولندن.. ووزير خارجية أمريكا يعلق    الاستعانة ب 12 سيارة من الشركة القابضة بالإسماعيلية ومدن القناة لسرعة شفط مياه الأمطار ببورسعيد    روبيو: واشنطن لا تتطلع لإدارة قطاع غزة    نائب رئيس الوزراء وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    17 مليار جنيه صافي أرباح المصرية للاتصالات خلال أول 9 شهور من 2025    سعر الدينار الكويتى اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 أمام الجنيه    موعد مباراة فرنسا وأوكرانيا في تصفيات كأس العالم والقناة الناقلة    كريستيانو رونالدو يعلق على صافرات الاستهجان المرتقبة ضده من جماهير أيرلندا    علاء نبيل: نعمل على تسهيل احتراف الهواة    الرئيس يوافق على إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد    التعليم تعلن شروط التقدم والفئات المسموح لها أداء امتحانات الطلاب المصريين بالخارج    رابط التسجيل للتقدم لامتحانات الطلبة المصريين فى الخارج 2026    تشييع جثمان زوجته أُنهي حياتها خنقا علي يد زوجها بالمنوفية    توقف حركة الملاحة والصيد بميناء البرلس لسوء الأحوال الجوية    استئناف حركة الطيران فى مطار الكويت الدولى بعد تحسن الأحوال الجوية    تراجع سعر الجنيه الاسترلينى أمام الجنيه المصرى بداية تعاملات اليوم الخميس 13-11-2025    خبراء: المتحف المصرى الكبير يحقق أرباحًا اقتصادية وسياسية    البرتقال بكام فى أسواق الخضار والفاكهة اليوم الخميس 13 -11-2025 فى المنوفية    طريقة عمل البطاطا بالكاسترد بمذاق لا يقاوم    وزارة الصحة: تطوير التدريب الطبي المستمر ورفع كفاءة مقدمي الخدمة الصحية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    رئيس الوزراء يقرر تجديد ندب القاضى حازم عبدالشافى للعمل رئيسًا لمكتب شئون أمن الدولة لمدة عام    استمرار امتحانات منتصف الفصل الدراسي الأول بهندسة جنوب الوادي الأهلية    من عثرات الملاخ وتمرد عادل إمام إلى عالمية حسين فهمي، قصة مهرجان القاهرة السينمائي    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    أمطار تضرب بقوة هذه الأماكن.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    أبو ريدة: سنخوض مباريات قوية في مارس استعدادا لكأس العالم    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عفيفة لعيبى ورحيق التعدد
جاليرى بيكاسو يفتتح معرضا استعاديا لأعمالها
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 22 - 11 - 2021

لعلنا أحيانا لا نبالغ إذا أطلقنا إصطلاح الحركة النسائية فى الفن التشكيلى مع أن البعض فى وقتنا الحالى قد يعتبر هذا الإصطلاح فيه شيء من التمييز.. لكن فى الحقيقة هناك ما يمكن أن نطلق عليه الحركة النسائية فى الفن التشكيلى.. ولعلنا لا نجانب الصواب إذا قلنا أن هناك أقطابا لهذه الحركة خصوصا فى الوطن العربى الذى لم يسمح فيه للمرأة بممارسة فنون كثيرة إلا فى النصف الأول من القرن العشرين باعتبار أن الفن التشكيلى وتحديدا وإن كان لم يحظ باهتمام كبير فى هذا الحقبة الأولى لكنه كان نشاطا مقصورا على الرجال فقط.. وتعتبر الفنانة العراقية الكبيرة عفيفة لعيبى من أقطاب الحركة النسائية فى الفن التشكيلى فى العالم العربى وبصفة أخرى فى العالم الغربى أيضا.. فهى من خلال تاريخها الطويل وحركتها الدائبة بين الأقاليم الجغرافية والثقافية امتصت الشىء الكثير من رحيق الحركة التشكيلية العالمية وهذا ما أهلها أن تصبح تيمة مميزة بين عشرات التيمات فى الفن التشكيلى العربى، لكن هذا الترحال الدؤوب الذى ميز عالم عفيفة لعيبى ما يجعل الدخول لعوالم عفيفة تحليلا ونقدا ليس بالشىء السهل، لكننا نحاول أن ننفذ إلى دقائق الفنانة الكبيرة بشكل من السرعة لندشن معها معرضها الجديد فى جاليرى بيكاسو فى القاهرة.
يعتبر التنوع الفكرى والثقافى لدى عفيفة لعيبى هو إحدى معضلات إبداعها لأننا ببساطة لن نستطيع قطعًا نسبها لمدرسة بعينها أو لتيار بعينه لذا فإننا نضعها فى مجمل صورة الحركة التشكيلية النسائية وفى طليعتها إيضا، كما نستطيع أن نضع عفيفة كأحد إرهاصات عوالم التشكيل النسائى فى وقتنا الحالى بمعنى أنها طابق كبير بالغ الأبهة فى عمارة التشكيل النسائى.
رحلة عفيفة تبدأ فى موسكو فى سبعينيات القرن الماضى.. موسكو السوفيتية والحمراء حتى النخاع وليس من العجب أن نجد هذه الروح فى أعمال الفنانة فمن حيث المقاييس الجسدية فى أعمال لعيبى فإن مقاييسها سوفيتيه باقتدار ويعتبر ذلك لسببين أولهما أنه كانت تدرس فى معهد سيكوف الموسكوفى الشهير محاطة بأعمال العظماء من الحقبة السوفيتية والتى تميزها رسوخ البنية على طراز النصب والتماثيل التى تمجد هذه الحقبة والتى يبدو فيها الجسد بين القوة والامتلاء كما تصبح الذراعان فى بعض الأحيان أكثر امتلاء من المقاييس الأوروبية، لكن فى الحقيقة يعتبر التأثير الروسى على عفيفة تأثيرا طارئا ترك أثره لكنه لم يلتهم مخيلتها والحقيقة أن رحلة إيطاليا التى قامت بها لعيبى بعد مغادرتها موسكو كانت أكثر تأثيرًا خصوصًا فى أعمال الطبيعة الصامتة التى يظهر فيها تأثير المدرسة الإيطالية الحديثة فى هذا النوع من الفن التشكيلى حتى فى الموضوعات مثل اختيار طبق وبقايا الطعام أو ثمار صغيرة فى طبق مع وجود ترف فى تصوير القماش والنسيج، لكننا إيضًا لا نستطيع أن ننكر أن تعلق الفنان بالمكان قد يجعل هناك مساحات أكثر رحابة للإبداع فهناك إشارات فى أعمال عفيفة لعيبى تعبر عن هذه الأشكالية أى ارتباطها بالمكانية وظلال الذكريات فمثلا لوحتها بولشينيللا هى أيطالية الهوى بل فينيسيه حتى النخاع ف بوليشينيلا هو أحد شخصيات الملهاة المرتجلة الإيطاليه أو comedia del arte وهى أشهر فنون إيطاليا وفينيسيا تحديدا فى بداية من حقبة الباروك لكن لعيبى تتناول بوليشينيللا بروح جديدة ورؤية ذاتية أيضًا فهو البلياتشو أو المهرج الذى يقف شاخصا بدون أى تعبير عن البهجة غارق فى درجة من درجات الأخضر تحت قمر صغير باهت غير مكتمل وكأنه مهرج حكيم كما فى مسرحيات الحقبة الإليزابيثية بعكس صورته المتداولة على الكروت التقليدية الفينيسية والتى يمتلأ فيها بهجة ومرح، ونرى هذا التأثير أيضًا فى أعمال أخرى مثل المرأة الواقفة عند الجسر العتيق فى فلورنسا – بونتى فيكيو – ما يجعلنا نؤكد على تلك الروح المكانية فى أعمال لعيبى.
لكن على مايبدو أنه كما قلنا أن عفيفة كانت إحدى إرهاصات الفن التشكيلى النسائى الحالى بجدارة.. بمعنى أنها جسدت ما يعرف الآن بعزلة وتوحد الفن التشكيلى النسائى وهو وجود الأنثى فى بؤرة الأعمال الفنية بشكل دائم وكأن الفنانات التشكيليات يدرن فى فلك ذاتى أو يحاولن التعبير عن العالم من خلال رؤية أنثوية ذاتية.. وهذا بالطبع ليس انتقادا للفن النسائى بقدر ما هو تحديد لعوالم الفن التشكيلى النسائى فى الوطن العربى.. البطلة دائما هى الأنثى بين الرمز والتعبير لكن بالطبع هذا يعتبر أحد مميزات عفيفة لعيبى لأنها تفتح لنا بابا لعالمها من خلال رؤيتها الخاصة.
وليس من الغرابة أن يكون لفنانة بحجم عفيفة لعيبى تجارب فى المدارس الحداثية والأكثر إغراقا فى الرمز ولمدى نجاحها فى ذلك نستطيع أن نقول أن عفيفة سريالية أحيانا لكنها سريالية بعمق بل تتعدى موضوعاتها السريالية موضوعات أعتى السريالين فمثلا لوحتها – بلا أمل – طرحا سرياليا متزن وواضح الرموز تلك الأنثى المبتورة التى تشبه لحد بعيد أفروديت أو حطام أفروديت والتى تمد بقايا ذراعها المحطم لتلتقط الملابس المنشورة على حبل الغسيل.. وبينهما كرسى متحرك .. اللوحة تنطق بالعجز حتى أنها تستحق اسمها فعلا – بلا أمل.
نفس الطرح السريالى الصريح والراقى تقدمه لعيبى فى لوحتها – ذاكرة – ربما يمكننا بأريحية أن نطلق على سريالية لعيبى السريالية المحببة لكون السريالية لا يفضلها المتلقى البسيط فى أغلب الأحيان لكن سريالية عفيفة سريالية قريبة للقلب.
كما تعتبر الحركة الأيقونية من أهم ما يميز أعمال عفيفة وبالطبع إذا كنت تعيش مثل عفيفة فى مدينة خبزها الجمالى هو الأيقونة مثل موسكو فلن تخرج قبل أن تقضم من هذا الخبز قضمه مشبعة تظهر فى معظم أعمال الفنانة باعتبارها تكنيك، أى أن الميزانسية النسائى فى أعمال عفيفة هو ميزانسية أيقونى فى مجملة مثل اتجاه حركة الوجه، وضع الذراعين مقاييس الجمجمة.
من ناحية المساحة اللونية تستخدم عفيفة لعيبى الأخضر بدرجاته بجانب الأصفر بدرجاته والأخضر وتقترب أحيانا بتقنيتها اللونية من المدرسة الوحشية لكن بكثافة أكبر كما أنها تقترب من بعض موضوعات المدرسة الوحشية مثلما فى لوحتها – قبعتى الإفريقية - لكن تظل إلوانها فى الحيز المبهج.
إذن فعفيفة لعيبى هى عربة فى قاطرة كبيرة تحوى عظماء مثل اليزابيث جيرشو وجوان أيردلى وأنتونيا برانديز، وتقترب كثيرا من الأسبانية العظيمة روزاريو دى فلاسكو.. مكرسة بشكل كبير للتشكيل جل حياتها فهى تعدو وراء طيف الفن التشكيلى فى ترحالها الدائم. فى المجمل فإن الفنانة الكبيرة عفيفة لعيبى جائزة كبير لأى متلقٍ فى الوطن العربى ومن ثم فإن جاليرى بيكاسو كما عودنا يقدم دائمًا النجوم الكبار فى عالم الفن التشكيلى.
سانت ياسنت – باريس فى 25 أكتوبر 2021 امتصت الكثير والكثير من رحيق الحركة التشك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.